نجد هناك ميل من الناس بشكل عام للحد من الذنوب في رمضان وعدم الإقدام على اقترافها بل نفاجأ بأن هناك تذكير بالشهر الفضيل حتى لمن يرتكبون الذنوب أو يحرضون عليها وهذا إن دل فإنما يدل على احترام الناس للشهر الكريم وتقديسهم إياه، وكأن إن كانت الذنوب في غير رمضان محرمة فإن صغائر الذنوب في غير رمضان تعد من الكبائر، بحيث يتضاعف جرم الذنب في الشهر الفضيل ويزداد الوازع الديني والإيمان عند الناس بشكل يجعلهم يكرهون فعل الذنوب ولا يستطيعون الإقدام عليها، فما هي الأسباب الأخرى التي تدفع الناس لهذا السلوك الطيب؟ وكيف يمكنهم المداومة عليه حتى بعد رمضان؟ بحي يمكنهم أخذ رمضان بروفة لهم لعيش العام بأكمله من التقوى والورع.
احترام الناس لقدسية الشهر الفضيل
هناك احترام كبير لدى الناس لقدسية هذا الشهر تجعل من ارتكاب الذنوب في رمضان له حرمة مضاعفة وله جرم أعظم وأعظم بالتالي لو كان هناك رغبة في ارتكاب الذنوب في الأيام المعتادة فإن هذه الرغبة تتضاءل في شهر رمضان بسبب الأجواء الروحانية والإيمانية التي يفرزها الشهر الفضيل والتي تجعل بيئة رمضان بيئة خصبة لكي يتوب الإنسان ويتخلى عن شهواته ورغباته في ارتكاب الذنوب، مما يفرض عليه قيودا داخلية قبل أن تكون خارجية تمنعه من ارتكاب الذنوب.
النية المسبقة للتوقف عن الذنوب في رمضان
في باقي أيام العام يرتكب الإنسان الذنب بشكل طبيعي، ليس بدون ندم مثلا أو ليس بدون وعي بالذنب، بل هو يعرف جيدا أنه يرتكب الذنب ويعرف أنه سيندم عليه، ولكنه غارق تماما في هذه الأجواء الآثمة وليس لديه النية للخروج منها، قد يكون لديه الرغبة ولكن ليس لديه النية فلو كان لديه النية لحاول مرارا وتكرارا أن يخرج منها، ولكنه في رمضان ما يمنعه من عدم اقتراف الذنوب في رمضان أنه يكون لديه هذه النية مما يخلق لديه الوازع الداخلي بأن يكف عن ارتكاب الذنوب وفعل الأعمال الخيرة فحسب.
الملل من اقتراف الذنوب وتذوق حلاوة الإيمان
تخيل أن لديك أحد عشر شهرا لارتكاب كل الذنوب ولوطء كل المعاصي ولاقتراف كل الآثام، وأتى عليك شهر واحد يمكنك فيه أن تتطهر من كل هذه الذنوب والآثام ولغسل نفسك وروحك الغارقة حتى أذنيك في المعاصي والخطيئة، هل ستضيع هذه الفرصة؟ كما أن تذوق حلاوة الإيمان وأن يكون الإنسان بالفعل مثلما يحب ويريد قريبا من الله تواقا لحب الخير مداوما على المساجد وعلى الصلاة والذكر، فإنه سيفرح بالجو الجديد بسبب ما اعتراه من ضجر من أيام الذنوب والمعاصي.
مقاومة الشهوات وجهاد النفس تقلل الذنوب في رمضان
هناك لذة أخرى للابتعاد عن الذنوب في رمضان وهي اللذة التي تفرزها مقاومة الشهوات وجهاد النفس ضد ارتكاب المعاصي والذنوب بل على العكس يجد الإنسان نفسه كلما استطاع قمع شهواته كلما وجد نفسه راضيا، بدلا من أن ينساق لنفسه ولهواه ويجد نفسه مرتكبا للذنوب، وبالتالي هناك لذة ولكنها لذة إيجابية، لذة يرتضيها الإنسان وربه حين يقاوم الإنسان رغباته ويجاهد نفسه ضد ارتكاب الذنوب.
مقاومة الذنوب في رمضان وعدم ارتكابها تضع الإنسان في منزلة يتمنى أن يصل لها وهي أن يكون شخصا قريبا من الله وقريبا من الروحانية والابتعاد عن كل تلك المتع اللحظية الزائلة في الذنوب وتجربة المتع الدائمة الأبدية وهي متعة الخير وحب الخير والعمل الصالح.