حقق فيلم ديدبول 2 نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر العالمي خلال الأسابيع الأولى من بدء عرضه عالمياً، كما أنه حاز على تقييمات مرتفعة على كبرى المواقع السينمائية المنتشرة على شبكة الإنترنت بالإضافة إلى تلقيه عدد كبير من المراجعات النقدية الإيجابية، لكن الأمر المثير للاهتمام حقاً هو أن البعض يرى أن فيلم ديدبول 2 قد تفوق على الجزء الأول الذي تم عرضه في 2016 وحقق نجاحاً ساحقاً آنذاك، فترى لماذا ؟ وما العوامل التي تميز الجزء الجديد عن سابقه؟
عوامل تميز فيلم ديدبول 2 – Deadpool 2:
رأى عدد من النقاد أن فيلم ديدبول 2 جاء مُميزاً بالعديد من الجوانب والتي جعلته -في نظرهم- أفضل من الفيلم الأول، في مقدمتها الآتي:
تطوير الفكرة دون الإخلال بالثوابت :
فاق نجاح فيلم Deadpool الأول كامل التوقعات وبناء على ذلك حين تم الإعلان عن بدء الإعداد لتقديم فيلم ديدبول 2 اعتقد البعض بأنه سوف يكون محاولة استنساخ للفيلم الأول، كما هي عادة هوليوود في إعادة استثمار مشاريعها السينمائية الناجحة، إلا أن ذلك لم يحدث ونجح صُنّاع الفيلم وعلى رأسهم المخرج ديفيد ليتش في تطوير عالم شخصية ديدبول دون الإخلال بمجموعة الثوابت التي يقوم عليها والتي كانت سبباً مباشراً في نجاح الفيلم الأول.
اختلف فيلم ديدبول 2 في نواحي عديدة عن الجزء الأول، حيث تم إدخال العديد من الشخصيات الجديدة إلى الأحداث كما أن قصته كانت أكثر عمقاً وتعقيداً مقارنة بالقصة التي تم استعراضها من خلال أحداث الفيلم الأول، وكل ذلك جعل المشاهد يشعر بأنه أمام فيلماً مستقلاً قائماً بذاته لا يحاول نسخ التجربة السابقة الناجحة، والأروع من كل ذلك أن الفيلم قد حافظ على مجموعة الثوابات أو السمات العامة التي تُميز ديدبول عن غيره من الأعمال، مثل كثافة المشاهد الدموية ومزج الإثارة بالكوميديا علاوة على تكرار عملية تحدث الشخصيات إلى الجمهور مباشرة.
كثافة مشاهد الحركة والإثارة :
تعد الحركة والإثارة هي أساس تكوين أي من الأفلام المقتبسة من الكوميكس وعالم الأبطال الخارقين، ولعل أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في رفع معدلات إنتاج هذا النوع من الأفلام السينمائية هو الطفرة التي شهدتها آليات صناعة الخدع البصرية مع بداية الألفية الحالية.
تضمن فيلم ديدبول 2 قدر كبير من مشاهد الحركة والإثارة، وهذا أمر طبيعي ومنطقي باعتباره في الأصل من أفلام الإثارة، لكن المميز حقاً هو أن كم المشاهد من هذا النوع في فيلم ديدبول 2 كانت أضعاف المشاهد التي تم تقديمها بالجزء الأول من السلسلة، كما أنها كانت أكثر إتقاناً وابتكاراً وتنوعاً. يمكن إرجاع السر في ذلك إلى الميزانية الضخمة التي تم رصدها لإنتاج هذا الفيلم والتي قُدرت بحوالي 110 مليون دولار أمريكي بينما كانت ميزانية إنتاج فيلم ديدبول الأول حوالي 58 دولار أمريكي.
الكوميديا الفعالة :
جرت العادة على أن تكون الكوميديا من العناصر الفنية المُكملة -أي غير الرئيسية- في أفلام الأبطال الخارقين، يمكن تبين ذلك من خلال النظر إلى أفلام عالم مارفل السينمائي على سبيل المثال، فرغم أنها تتضمن قدراً كبيراً من الكوميديا ألا أن يتم تصنيفها بشكل أساسي ضمن فئة أفلام المغامرات والإثارة، بينما هناك أفلام أخرى كانت شبه خالية من الكوميديا مثل ثلاثية فارس الظلام أو فيلم باتمان ضد سوبر مان.
يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لأفلام Deadpool التي تعد الكوميديا جزءاً أصيلاً من تكوينها الفني وأحد أبرز العوامل التي ساهمت في نجاح الجزء الأول، وقد استطاع فيلم ديدبول 2 أن يسير على نفس النهج ويُعيد تقديم التركيبة الفنية التي لاقت استحسان الجمهور بالسابق، بل أن الكوميديا في هذا الجزء كانت أكثر تنوعاً وفعالية ومُوظفة بصورة أفضل ضمن سياق القصة ولم تبد في أي لحظة مُقحمة على الأحداث، وبالتأكيد كان ذلك من العوامل الرئيسية التي رفعت أسهم الفيلم.
التحرر من فكرة البطل الأوحد :
يتمثل أبرز مظاهر تَطَور فيلم ديدبول 2 مقارنة بالفيلم الأول في التخلص بصورة تامة من فكرة البطل الأوحد، حيث أن الجزء الأول -بطبيعة الحال- يركز على شخصية ديدبول التي هيمنت على المساحة الأكبر من الأحداث، لكن هذه المرة -على عكس المتوقع- تم الاهتمام بصورة أكبر بمجموعة الشخصيات المساندة، التي صار لها تأثير ملموس وفي كثير من الأحيان كانت هي مُحرك الأحداث الرئيسي، كما أن السيناريو اهتم بصورة أكبر بشخصية الخصم كابل التي يجسدها الممثل جوش برولين.
تقادى فيلم ديدبول 2 من خلال ذلك السقوط في فخ الملل والتكرار وكذلك تجنب المقارنة المباشرة مع الفيلم الأول الذي كان على قدر كبير من التميُز، وإذا تأملنا الأمر بنظرة أوسع سوف نجد أن الاهتمام بمجموعة الشخصيات المُدخلة إلى عالم ديدبول له عِدة آثار إيجابية، أبرزها التمهيد لتقديم المزيد من الأفلام المُنتمية لذات السلسلة مستقبلاً.
العمق الدرامي وإبراز الجانب النفسي :
يُحسب لـ فيلم ديدبول 2 أنه قد اتهم بشخصية وايد ويلسون بنفس درجة اهتمامه بشخصية ديدبول، بمعنى أننا شاهدنا بطلنا الخارق لفترات طويلة بدون القناع المميز له، وقد ساهم ذلك في إبراز الجانب النفسي والإنساني بالشخصية، مما ساعد على زيادة درجة تعلق المشاهد بشخصية البطل وانفعاله معه طوال أحداث الفيلم.
الأمر المُميز هو أن التوغل في أعماق وايد ويلسون والتطرق لأزماته النفسية تم بمهارة واتزان شديدان، حيث أنه جلب له تعاطف المشاهد ولكنه في ذات الوقت لم يخل بطبيعة الفيلم التي تغلب عليها الكوميديا والطابع الهزلي.
التحرر من فكرة البطل الأوحد :
يتمثل أبرز مظاهر تَطَور فيلم ديدبول 2 مقارنة بالفيلم الأول في التخلص بصورة تامة من فكرة البطل الأوحد، حيث أن الجزء الأول -بطبيعة الحال- يركز على شخصية ديدبول التي هيمنت على المساحة الأكبر من الأحداث، لكن هذه المرة -على عكس المتوقع- تم الاهتمام بصورة أكبر بمجموعة الشخصيات المساندة، التي صار لها تأثير ملموس وفي كثير من الأحيان كانت هي مُحرك الأحداث الرئيسي، كما أن السيناريو اهتم بصورة أكبر بشخصية الخصم كابل التي يجسدها الممثل جوش برولين.
تقادى فيلم ديدبول 2 من خلال ذلك السقوط في فخ الملل والتكرار وكذلك تجنب المقارنة المباشرة مع الفيلم الأول الذي كان على قدر كبير من التميُز، وإذا تأملنا الأمر بنظرة أوسع سوف نجد أن الاهتمام بمجموعة الشخصيات المُدخلة إلى عالم ديدبول له عِدة آثار إيجابية، أبرزها التمهيد لتقديم المزيد من الأفلام المُنتمية لذات السلسلة مستقبلاً.
الاستفادة من التصنيف (R) :
حَمَل فيلم ديدبول الأول تصنيف (R) والذي يعني أن الفيلم للكبار فقط، رغم أن المنتجين عادة ما يهربون من ذلك التصنيف خشية أن يؤثر بشكل سلبي على الإيرادات نتيجة استبعاد شريحة الأطفال والمراهقين التي تمثل قطاع كبير من جمهور السينما، لكن النتائج جاءت عكسية وكان التصنيف (R) أحد العوامل التي ضمنت للفيلم الأول النجاح؛ إذ أن ذلك مَنح المخرج الحرية المطلقة في تصميم مشاهد إثارة شديدة العنف جعلت فيلم ديدبول يصنف كفيلم الأبطال الخارقين الأكثر دموية في تاريخ هوليوود.
حافظ فيلم ديدبول 2 على الطابع المُميز والغريب للفيلم الأول والذي أحبه الجمهور بسبب تفرده واختلافه عن السائد، وقدم مخرج الفيلم الثاني بالسلسلة عدداً كبيراً من المشاهد العنيفة والدموية، مما مكنه من الحفاظ على عامل الجذب الذي نال إعجاب الجمهور بالفيلم الأول، وكذلك ضمن للفيلم التميُز والاختلاف عن غيره من أفلام الأكشن بصفة عامة وأفلام الأبطال الخارقين على وجه الخصوص التي يُعرض أغلبها تحت تصنيف رقابي (P-13).