تأتي دولة الجزائر في المرتبة الأولى إفريقيًا والعاشرة عالميًا من حيث المساحة، حيث تبلغ مساحتها اثنان مليون وثلاثمائة وثمانين كيلو متر مربع تقريبًا، وقد سميت هذه الأراضي بعدة أسماء منذ نشأتها فقد بدأت بمسمى إكوزيم عندما احتلها الفينيقيون قديمًا، ثم سميت بنوميديا عندما دخلها الجيرمان والرومان، ومع الفتح الإسلامي لهذا الشمال الغربي في قارة إفريقيا أطلق عليه المغرب العربي، وكان يشمل حينها دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا ثم انفصلت تلك الدول عن بعض مع مرور الوقت، ثم قبيل دخول الاحتلال الفرنسي للجزائر سميت باسمها المعروفة به الآن ثم أطلق عليها بلد المليون شهيد، وذلك نظرًا لكثرة الشهداء الذين سقطوا في ثورات التحرير الجزائرية من الحكم الفرنسي الاستعماري، وتعتبر الجزائر ثاني أكبر دول إسلامية بعد كازخستان من حيث المساحة ولذا تحظى بشهرة كبيرة في العالم أجمع، ونحن هنا سنتناول الأسباب التي جعلت بلاد الجزائر الكبيرة تسمى بهذا الاسم، فتابعوا معنا.
نسبة لمدينة الجزائر التركية
يرجع تسمية بلاد الجزائر إلى منتصف القرن السادس عشر تقريبًا عندما كانت توجد مدينة الجَزائر الكبيرة وهي الآن عاصمة الجزائر الحالية، كانت هذه المدينة هي أهم ما في تلك المساحة الشائعة من قارة إفريقيا وذلك بفضل موقعها الجغرافي الرهيب الذي يطل على البحر الأبيض المتوسط الهام لأغلب دول العالم الكبرى، فلذا قامت الدولة العثمانية التي كانت تحكم أغلب البلاد الإسلامية وقتها ببناء وتشييد تلك المدينة على مساحة تبلغ ثلاثمائة وثلاثة وستين كيلو متر مربع، ونظرًا للاهتمام البالغ الذي كانت تحظى به تلك المدينة فقد أطلق اسمها على جميع مساحة الجزائر كلها، حيث أنه كان يوجد مقر الحكم الخاص بالبلاد، ودواوين الحكم، والأسواق التجارية المليئة بالمشغولات المصنوعة من خيرات البلاد، ثم بدأ فيها إنشاء المصانع التي أتى إليها العمال من كل مكان بالجزائر، وهكذا ازدادت شهرة تلك المدينة حتى أصبح أول اسم يخطر على بال من أرادوا تسمية هذه الرقعة الفسيحة من الأرض هو اسم تلك المدينة الجزائر، ولذلك يعتبر الصرح الكبير الذي بنته الدولة العثمانية هو النواة الأولى لتسمية دولة الجزائر بهذا الاسم.
وجود أكثر من جزيرة هامة على حدود الجزائر
يحيط بالعاصمة الجزائرية الجزائر الكثير من الجزر التي من شأنها تسبب في تسميتها بهذا الاسم، فيوجد مثلًا جزيرة الصخرة الشهيرة والتي حدث عليها نزاع كبير بين الإسبان والجزائريين في بداية القرن السادس عشر، حيث أن الحكومة الإسبانية قامت بأخذ هذه الجزيرة بالقوة ولكن تمكن الجزائريين من استردادها لمدة أربعين عام تقريبًا، ثم بعدها أخذتها الحكومة الإسبانية مرة أخرى، وهناك أيضًا جزيرة العوانة أو جزيرة الأحلام كما تسمى وهي تطل على البحر الأبيض المتوسط مباشرة، ولها أهمية استراتيجية كبيرة لوقوعها في الجهة المقابلة لبلاد الأندلس، وهناك أيضًا وجزيرة سيريجينا الساحرة وغيرها من الجزر الأخرى التي تجاور مدينة الجزائر العاصمة، ونظرًا لكثرة الجزر الموجود في بلاد الجَزائر فقد تم تسمية هذه المساحة التي تجاوزت المليونين كيلو متر مربع باسم دولة الجزائر.
اشتقاقًا من جزائر بني مزغنة
من الروايات الشهيرة التي توضح السبب وراء تسمية دولة الجَزائر بهذا الاسم هي رواية جزائر بني مزغنة، حيث أنه في منتصف القرن العاشر الميلادي كانت توجد قبيلة بربرية من فرقع بني صنهاجة تسمى ببني مزغنة، وهذا القبيلة سكنت مدينة الجزائر الحالية وقامت بالنمو فيها بصورة كبيرة للغاية حتى تمكنوا من حكم تلك الأراضي، وقد كان يرأس هذه القبيلة قائد عظيم يسمى بولوغين بن زيري وقد عين من قبل الخلافة الفاطمية التي كانت موجودة في مصر وقتها، ففي البداية قام بن زيري بتعمير المدينة وانشأ الأسواق والمتاجر ودور العلم والثقافة وإحياء التراث الأمازيغي وغيرها من الأشياء التي رفعت من مكانة تلك المدينة، وجعلتها أهم مدن الجَزائر الكبير ثم مع مرور الوقت وتعاقب الحكماء والأمراء الموحدين والمرابطين ازدادت شهرتها وقوتها أكثر وأكثر، حتى أتى إليها الأتراك وجعلوها أهم قاعدة برية وبحرية في الجزائر كله، وبذلك تم اشتقاق كلمة الجزائر من جملة جزائر بني مزغنة التي لقبها بها المفكرين نتيجة ما فعله القائد بولوغين المنتمي لقبيلة بني مزغنة بتلك المدينة الكبيرة.
نسبة لهرقل بن جوبتر والتجار
في قديم الزمان كان يوجد رجل شهير يدعى هرقل بن جوبتر وقد مر على بلاد الجَزائر ذات مرة ومعه عشرين تاجرًا، وعند مرورهم من تلك الأراضي رأوا جمالها وخضارها الذي يغطي أغلب مناطقها الشاسعة، فأعجبهم هذا المنظر البديع والجذاب فقرروا المكوث بها لعدة سنوات لكي يقوموا بتعميرها وإضفاء الروح التجارية السوقية على هذه الدولة، وبالفعل سكنوا تلك المدينة وقاموا بالتجارة فيها بصورة كبيرة جدًا، ثم تعميرها وإنشاء بعض المباني منها، حتى أطلقوا عليها اسم الجزائر واستمر هذا الاسم نتيجة ما فعله هذا الرجل ومن معه من التجار.
اشتقاقًا من جزيرة الأشواك
كانت توجد العديد من الجزر في دولة الجزائر أهمها جزيرة الأشواك التي كانت تقع في الشمال الغربي للبلاد، وقد كانت هذه الجزيرة بمثابة النقطة الفاصلة بين إفريقيا وأوروبا فلا أحد يدخل الجَزائر من البحر الأبيض المتوسط إلا وهو مارًا من خلالها، ولذلك كثرت فيها التجارة بصورة كبيرة جدًا وأصبحت عبارة عن مخزن للواردات والصادرات الخاصة بدولة الجزائر كلها، ونظرًا لكل هذه الأهمية التجارية فإنه عندما فكر السكان في تسمية هذه المساحة الكبيرة باسم جيد يليق بها، قرروا اشتقاقه من أكثر الأشياء شهرة في ذلك وهي جزيرة الأشواك، فأخذت الجيم والزين من المقطع الأول ثم أخذت الألف واللام ألف من المقطع الثاني، وبذلك يكتمل اسم الجزائر الذي ظلت عليه منذ هذا الوقت إلى الآن.
معنى كلمة الجزائر
كلمة الجزائر في اللغة العربية تعني مجموعة من الجزر تم جمعها في كلمة واحدة، فمثلًا توجد في دولة الجَزائر العديد من الجزر مثل جزيرة الصليب، وجزيرة كاف عمار، وجزيرة العوانة، وجزيرة رشيقون، وغيرها من الجزر فلذا من الممكن أن تكون سميت بهذا الاسم نسبة لتلك الجزر الكثيرة، فقد جرت العادة أنه إذا رأينا الكثير من الجز وصفناها بالجزائر فنقول هذه الجزائر، ويقول بعض المفسرين أن كلمة جزائر مأخوذة من دزاير، حيث أنها في الأصل كانت تسمى زيري ثم تحول أسمها إلى دزاير وببعض من التحريف تحولت إلى جزائر، ودزاير هذه مأخوذة من المنطقة التي أسسها بلكين بن زيري التابع لدولة بني مزغني، وكلمة زيري الأصلية والقديمة تعني باللغة الأمازيغية ضوء القمر، ففي اسم دولة الجزائر الكثير من التفسيرات والتأويل ولا نعلم الصحيح منها بصورة مؤكدة، ولكننا قمنا بتوضيح أقرب الآراء إلى الصحة مع دعمها ببعض الأدلة التي توضح الأسس التي جعلتنا نذكرها، وأصدق هذه الروايات في نظرنا هي التسمية التي اطلقها العثمانيون في القرن السادس عشر.
الكاتب: أحمد علي