يقول العلماء والباحثون أن الزواج المبكر هو أمر خاطئًا تمامًا وذلك لكثرة المشاكل التي تنتج عنه، وتكثر ظاهرة الزواج المبكر في القرى والبدو بنسبة تتعدى الثمانين بالمائة مقارنة مع الحضر والمدن، وذلك لأن أغلب ساكني القرى لا يحبون التعليم فهم لديهم عمل ما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، أو قطعة أرض زراعية يقومون بالزراعة فيها وتسير الحياة هكذا، ولذا يجدون أن الزواج المبكر هو أنسب حل لديهم فهم ليسوا مشغولين بشيء، في حين أن ساكني المدن يقضون أعوام طويلة في العلم والتعلم ولا يقدمون على الزواج إلا بعد إنهاء مسيرتهم التعليمية والتعيين في إحدى الوظائف المتعلقة بمجال تعليمهم، وهذا ما يجعل عملية الترابط بين الزوجين أكثر تفاهمًا وتعاونًا على عكس الزواج المبكر الذي يسوده الكثير من المشاكل التي تؤدي في بعض الأحيان إلى الطلاق، وقد قال الباحثون أن أفضل سن للزواج هو من العشرين إلى الأربعين حيث يكون الشاب والفتاة فيهما أكثر تعقلًا ونضوجًا، ونحن هنا سنتعرف سويًا على سلبيات ومشاكل الزواج المبكر، فتابعوا معنا.
الزواج المبكر والقضاء على التعليم وانتشار الأمية والجهل
يعتبر الزواج المبكر من أهم الأسباب التي تقضي على التعليم ونهضة وتقدم الدول، حيث أن الزواج ينهي على المسيرة التعليمية وخاصة للفتيات فهم يتفرغون لتلبية طلبات أزواجهم وأولادهم الصغار، حتى أن الوقت لا يكفي لإنهاء كل المهام المطلوبة منهم ولذا نقول على التعليم يا رحمن يا رحيم، ومع كل زواج مبكر نقضي على المستقبل التعليمي لفتاة ما وهذا يقلل من فرصة نهوض الدولة أو تقدمها، حيث أن الدولة بحاجة إلى كل فرد من أبناءها لكي يقفوا جميعًا يدًا بيدًا لكي يتقدم الوطن ونستطيع أن نكتفي ذاتيًا من كل مقومات الحياة، ومع اكتمال المرحلة التعليمية نستطيع القضاء على الجهل والأمية اللذان انتشرا في الكثير من الدول العربية مثل موريتانيا واليمن والمغرب ومصر.
فهذه الدول بها نسبة أمية كبيرة جدًا تقارب نصف تعداد السكان القاطنين بها، وذلك يرجع إلى الزواج المبكر الذي ينشأ لنا أطفال غير متعلمين لأن آباءهم قد كانوا كذلك، فلذا يعد الزواج المبكر هو أول ما يقضي على التعليم ويقلل من تقدم الأمم.
ظهور مشاكل صحية على المرأة
يؤدي الزواج المبكر إلى ظهور الكثير من المشاكل الصحية على المرأة، وذلك لعدم اكتمال نموها وقدرتها على الإنجاب، فعادة ما تصاب الفتيات الصغيرات بفقر الدم ونقص الحديد بالجسم والذي يؤدي للكثير من المشاكل مثل الدوخة والإرهاق والتعب وضيق في التنفس وشحوب في الوجه والجسم عامة، وذلك يحدث لأن الفتاة الصغيرة لا تقدر على تحمل الألم الناتج عن الحمل، وأيضًا من الممكن أن يحدث نزيف خطير بسبب الحمل في سن صغيرة، وغيرها من المشاكل التي تصيب الرحم لأنه تعرض للحمل في وقت مبكر لم يكتمل فيه النمو، وهذا ما يجعل احتمالية الحمل والإنجاب ضعيفة بعض الشيء فقد ذكرت الإحصائيات أن نسبة الإجهاض المتكرر تكثر بنسبة كبيرة جدًا لدى من يتزوجون وهم في سن صغير.
فالمرأة كائن ضعيف وعند البلوغ تكون في أمس الحاجة إلى الراحة نظرًا لكثرة التغيرات الفسيولوجية التي تحدث بها، والنشاط العالي للهرمونات وغيرها من الأشياء التي تجعلها لا تطيق الزواج المبكر، لذا ينصح الأطباء بالصبر على الزواج لحين بلوغ العشرين وما فوقها لضمان سلامة المرأة من تلك الأعراض السيئة.
الزواج المبكر يؤدي لاحتمالية ضياع حق المرأة في الزواج
من الناحية القانونية فإن الزواج المبكر هو جرم كبير يرفضه القانون والشرع، حيث أن أغلب الدول العربية تضع حدًا أدنى للزواج وهو عادة ما يكون بين السادسة عشر إلى الثامنة عشر، وما قل عن ذلك فهو مرفوض ولا تقبل الحكومة تقييد هذا الزواج في سجلاتها، ولذلك يلجأ الكثير من الناس إلى التزويج بدون تقييد وهذا بالطبع ما يقضي على حقوق المرأة من صداق ومؤخر وميراث، فعندما يموت الرجل من الممكن أن تمنع المرأة من أخذ نصيبها في تركة المتوفي ولا يكون لها الحق في رفع شكواها للمحكمة، بل ولو علمت الحكومة بذلك لتعرضت هي وأهلها للمسألة القانونية والعقاب لارتكابهم جرم تمنعه الدولة، لذا فعملية الزواج المبكر هي انتهاكًا لحقوق المرأة وضياع ما هو حق لها من صداق ومؤخر وميراث.
فما الداعي لذلك وما الذي ستكسبه عائلة المرأة من ذلك الضياع الذي سيحل بالفتاة الصغيرة، ولذلك يحذر المسئولين من الوقوع في مشكلة الزواج المبكر لعدم المسألة القانونية وعدم ضياع حقوق المرأة في الزواج.
زيادة انتشار ظاهرة التشرد والجهل
من العواقب الوخيمة لعملية الزواج المبكر هو ظهور أطفال غير متعلمين وليس لديهم آي إدراك فكري أو ثقافي، حيث أن الآباء من الأساس هم غير متعلمين وصغار السن ولذلك ليسوا ناضجين ولا يتحملون أعباء تربية الأبناء، وهذا ما ينتج لنا أطفال مشردين وغير مهتم بهم دراسيًا أو تربويًا، فالأب يحاول أن يصرف على أسرته بشتى السبل ولذلك يسعى لتشغيل ولده الصغير في أي مهنة لكي يساعد في دخل المنزل، وهذا ما نراه في الشوارع على هيئة أطفال متمردين أو سارقين أو لا يفقهون في الحياة أي شيء، كل هذا بسبب الزواج المبكر فلذا علينا الصبر لعدة أعوام على أبناءنا حتى يكتمل نضوجهم وينهون مسيرتهم التعليمية وهذا ما يضمن لهم حياة كريمة وإدرارًا للمال بصورة أكبر تعود بالمنفعة على الأبناء الذين سيأتون فيما بعد.
حرمان الطرفان من عزوبية ما قبل الزواج
يقضي الزواج المبكر على العزوبية التي تسبق الزواج لدى الطرفان، حيث أن الرجل والمرأة على حد سواء يريدان التمتع بالحرية والطلاقة قبل الدخول في الحياة العصيبة والصارمة والتي لابد لها من العمل الشاق لكي تسير مركب الحياة، وهذا ما يجعل كلا الطرفين يسعيان للعزلة والنفور مما يؤدي في النهاية إلى الطلاق، ولذا يتوجب على الأهل مراعاة هذه النقطة لأنه عادة ما يكون العريس غير مكتمل النضوج ولا ينظر عقله إلى هذه الأشياء في ذلك الوقت الباكر، فيبدأ التحسس من الأمر عند بلوغ الخامسة والعشرين تقريبًا ويلجأ للخروج كثيرًا من المنزل والجلوس مع أصدقائه، وهنا تحدث الكثير من المشاكل مع الزوجة بسبب كثرة الجلوس خارج المنزل ومن الممكن أن يتطور الأمر إلى طلاق هادم للحياة الزوجية.
عدم وجود توافق بين الطرفين
قبيل العام العشرين يكون الطرفان غير مدركين لمعنى التوافق الفكري بينهم وعند الزواج المبكر يمر الأمر بصورة عادية وطبيعية، ولكن بعد مرور بعض السنوات تبدأ مشكلة عدم التوافق بالظهور ويختلف الزوجان كثيرًا وتتصاعد وتيرة المشاكل حتى تصل إلى الأهل، وهذا ما يجعل الزواج على شفا جرف هار تكاد أن ينفرط عقدها ومع تأزم الوضع تظهر المشكلة الكبرى الطلاق، ولذا يتوجب على العائلة الصبر على أبنائهم وعدم إقحامهم في أمور من الممكن أن تسبب لهم مشاكل في المستقبل.
الكاتب: أحمد علي