المغول هو قوم نشؤوا في هضبة منغوليا الموجودة في وسط آسيا، وقديمًا وقبل مولد جنكيز خان موحد المغول، كانت قبائل المغول مستقلة بعضها عن بعض وفي قتال وصراع دائم، بجانب مقاتلتهم للقبائل الأخرى، ولكن بعد وصول الحكم لجنكيز خان تغير الوضع تمامًا وأصبحت القبائل المغولية كالجسد الواحد يشد بعضه بعضا، وضربوا أغلب مناطق العالم حتى ترامت رقعتهم الجغرافية وأصبح العالم أجمع يضمر لهم الطاعة خوفًا من بطشهم، ولكنهم لكي يصلوا إلى هذا القدر لم يكن الأمر بكل سهولة ويسر، بل عانى جنكيز خان كثيرًا لكي يجتمع الناس حوله بعدما اختطف وكاد أن يقتل وهو طفل صغير، ولكن شاءت الأقدار أن يهرب من قبضتهم ويعيش ويوحد قبائل المغول تحت رايته ويبدأ في غزو العالم، ويذكر عن المغول أنهم كانوا يدخلون البلدان كالجراد يقتلع النبات والحيوان ويأكل الأخضر واليابس، ولذلك عدوا أخطر امبراطورية في التاريخ.
تطهير المدن التي ترفض الخضوع
كانت الجيوش المغولية تذهب لغزو المدن كما هو موضح في الخطة من الخان الأعظم، وتقوم بحصار هذه المدينة حتى تستسلم فإن أبت الاستسلام تقتل كل من فيها عن بكرة أبيهم رجالًا ونساء وأطفال، ثم تجلس الجيوش في هذه المدينة بضعة أيام لكي ترتاح وتأخذ من المدينة ما ينفعها في رحلتها، وبعدها تقوم بإحراق المدينة بكل ما فيها لكيلا تصلح للسكن مرة أخرى، وهذا ما حدث تمامًا في مدينة بغداد حيث حاصر المغول المدينة بكل إحكام، وأخذوا يخربون فيها ويفتحون الأبراج الواحد تلو الأخر، حتى تدهورت الروح المعنوية لدى أهل بغداد، فخرج الخليفة المستعصم بالله من المدينة بدون قيد أو شرط لكي يسلم نفسه، وقد وعده هولاكو بالأمان والعفو عن أهل البلاد مقابل التسليم، وأمر هولاكو الخليفة بإخراج أهل المدينة للخارج رافعين أيديهم للأعلى، وقام هولاكو بقتلهم جميعًا بدون رحمة، وأجريت في المدينة مذبحة جماعية سالت فيها الكثير من الدماء، وقام الجنود بنهب المدينة لمدة سبعة أيام متواصلة ثم احرقوها بكل ما فيها، وقد قتل من المسلمين ما يزيد عن ثلاثمائة ألف نسمة، وهكذا استخدم المغول الكثير من أساليب القسوة تجاه الشعب العراقي بل وبقية البلدان المفتوحة من قبلهم.
المغول وتدمير بعض المكتبات
المغول قبائل همجية لا تعرف العلم والثقافة ولا تدير له بال، فكانت تقوم بحرق المكتبات المتواجدة في البلد التي يغزوها، مثل ما حدث في مرو خراسان التي كانت تشبه جرجانية في ازدهارها بالمكتبات والثقافة العلم، وتموج بالعلماء والأدباء والشعراء، فقامت بإحراق هذه المكتبات وقتل هؤلاء العلماء، وقد حدث هذا أيضًا في مدينة خوارزم عندما فتحها المغول وقاموا باقتسام نسائها وإحراق مساجدها غضب الفقهاء والعلماء من ذلك، فعاقبوهم بإحراق مكاتبهم وكتبهم والقوا بالمصاحف على الأرض ووضعوا مكانها في الصناديق أعلاف للأحصنة وأمروا هؤلاء الفقهاء بالوقوف على خدمة الأحصنة، وكثير من هذا القبيل حدث في بلاد ما وراء النهر وبغداد، فالمغول لم يرحموا شيخًا لوهنه ولا امرأة لضعفها.
قتل أكثر من مليوني شخص
قام المغول بشن الكثير من الحروب على الكثير من المناطق والدول، ولا يمكننا حصر أعداد القتلى والمصابين في كل هذه الحروب ولكن تقديرًا يتجاوزون مليوني شخص ففي بغداد قتل ثلاثمائة ألف، وفي مدن ما وراء النهر تم قتل أكثر من مائتي وخمسين ألف، وفي خوارزم مائة وأربعين ألف، وفي خراسان تم قتل ستمائة وسبعين ألف، وفي هراه أثنى عشر ألف، وفي بعض مدن الشام قرابة الثلاثمائة ألف، هذا بجانب بلغاريا وصربيا وطرابلس وأنطاكية واليابان والهند والصين وبولندا والنمسا وغيرها، فالكثير من البلدان والدول والممالك التي غزتها جيوش المغول وقتلت منهم الكثيرين بجانب إحراقهم لمدنها لكيلا تصلح للحياة مرة أخرى بسهولة، ولذلك تعد أخطر امبراطورية في التاريخ.
اتحاد المغول في كتلة واحدة كبيرة
تعد الإمبراطورية المغولية أكبر كتلة موحدة في التاريخ، حيث التصقت أجزائها بعضها ببعض، وهذا الاتحاد والتكتل جعلها تضرب الدول الأخرى بيد من حديد، حيث كانت جيوشها كبيرة جدًا وهمجية لا تعرف الرحمة قلوبها، فهي تعشق منظر الدم الذي يسيل من رؤوس الأعداء بعد قطعها، وما ساعدها أكثر هو مساحتها الشاسعة، حيث تعد الإمبراطورية المغولية ثاني أكبر الامبراطوريات مساحة بعد الإمبراطورية البريطانية، فشملت أراضيها من بحر اليابان إلى نهر الدانوب، ومن روسيا إلى كمبوديا، وهذه المساحة تقريبًا ثلاثة وثلاثين مليون كيلو متر مربع، وكان يخضع لها أكثر من مائة مليون شخص، ومع هذا الاتحاد الكبير فكانت تختلف الأديان المعتنقة في البلاد فقديمًا كانت البوذية هي السادة في البلاد، وبعدها اعتنقوا الديانة المسيحية، ثم اعتنق الكثير منهم ديانة الإسلام، وأخيرًا دخلت الأرواحية البلاد وهي ديانة لم تلقى الرواج كثيرًا بسبب عدم اقتناع الناس بها، وظلت هكذا الإمبراطورية المغولية متحدة الكثير من الوقت حتى تفككت إلى أربع امبراطوريات مختلفة وزالت قوتها مع مرور الوقت، فكما هو معروف أن التفرقة مضعفة جدًا ويسهل كسرها وهذا ما حدث في المغول.
سن قوانين مهدرة للحقوق البشرية
عندما استتبت الأوضاع في الإمبراطورية المغولية بدأ جنكيز خان في توطيد حكمه عن طريق إصدار مجموعة من القوانين القاسية قد ضمت سويًا وحملت اسم قانون الياسا، وقد كانت هذه القوانين في أغلبها مهدرة لحقوق الإنسان ويطغوا عليها القتل لأتفه الأسباب فمثلًا من يقع قوسه أو سيفه أثناء القتال في الكر أو الفر ولم ينزل من وراءه ليأخذه ويعطيه له قتل هذا الشخص، ومن أدخل يده في الماء قتل، وقد ألزم جميع قبائل المغول والتتار أن تعرض على السلطان جميع النساء الصالحة للزواج عند رأس كل عام وذلك لكي يختار منهم ما يعجبه لهو ولأولاده وأقاربه، وقد كانت تجرى حلقات للصيد والتدريب فمن أخطئ في صيد فريسته يتم تعذيبه أو قتله أيضًا، كل هذا وأكثر من القوانين الجائرة والتي تهدم حقوق الأفراد والأسر قد تم تطبيقها في الدولة المغولية بل وعلى المناطق المفتوحة من قبلهم، مما كان له أثر كبير على الدويلات الأخرى.
نقض المغول للعهود والمواثيق
كان الكذب محرم في الدولة المغولية ولكنه كان حلالًا لخداع الأعداء، فلذلك قامت الجيوش المغولية بنقض الكثير من العهود والتحلل من المواثيق، حيث كانت الجيوش تعطي الأمان للأعداء مقابل التسليم لهم ومع قبول هؤلاء الأعداء لشرط المغول ووضع أسلحتهم جانبًا، يقوم هؤلاء الوحوش بقتلهم عن بكرة أبيهم بدون تفرقة بين شيخ أو طفل أو امرأة، وهذا ما حدث مع الكثير من البلدان الإسلامية مثل بغداد وبلاد ما وراء النهر وسمرقند وغيرها من البلاد التي قام المغول بنقض الوعود التي أعطوها لهم وقتلهم بدون أي رحمة، وهذا يدل على الغل والحقد واللؤم الذي يكمن في صدور المغول، وحبهم للانتقام وسفك دماء الأبرياء لأتفه الأسباب، ولذلك عدت الإمبراطورية المغولية أخطر ما قد وجد على سطح الأرض.
الكاتب: أحمد علي