فيلم وندر وومان Wonder Woman هو أحد الأفلام المقتبسة عن قصص الكوميكس والمنتمية إلى عالم دي سي السينمائي، وهو في ذات الوقت واحد من أشهر أفلام 2017 وأكثرها نجاحاً، حيث جاء في المرتبة الثالثة ضمن قائمة أكثر الأفلام تحقيقاً للإيرادات داخل الولايات المتحدة الأمريكية، هذا بخلاف حصوله على تقييمات مرتفعة وتلقيه العديد من المراجعات النقدية الإيجابية، مما يجعله -بلا شك- الفيلم الأكثر نجاحاً جماهيرياً ونقدياً بين مختلف أفلام عالم DC السينمائي منذ انطلاقه في 2013 وحتى الآن.
عوامل تميز فيلم وندر وومان
توافق النقاد على أن فيلم وندر وومان هو أحد أفضل أفلام الأبطال الخارقين التي قدمت في 2017 والأفضل على الإطلاق بين أفلام DC، وتم إرجاع ذلك لعدة أسباب منحت هذا الفيلم التميُز من بينها الآتي:
طبيعة الشخصية واختلافها :
أبرز العوامل المُلفتة للانتباه في فيلم وندر وومان والتي ساعدته على الاختلاف عن أي من أفلام الأبطال الخارقين الأخرى، هو طبيعة الشخصية نفسها التي كانت بعيدة كل البُعد عن الصورة المعتدة للبطل الخارق في أفلام هوليوود، حيث أن الأمر لم يقتصر على كونها بطلة أنثى فحسب بل أنه شمل جوانب أخرى أكثر تعدداً وعُمقاً.
شخصية ديانا أو المرأة العجيبة في فيلم Wonder Woman عاشت طفولتها والنصف الأول من شبابها مُنعزلة داخل جزيرة، ومن ثم حين انتقلت إلى بؤرة الأحداث -العالم الحضري- كانت تستكشفه لأول مرة وفي ذات الوقت تختبر قواها الخارقة، وهذا منحها بعض من صفات الأطفال وبرائتهم وزاد درجة تعاطف المشاهد معها وجعل الفيلم في مُجمله يبتعد عن صورة البطل الخارق النمطية التي شاهدناها مراراً وتكراراً.
تأخر ظهور الخصم :
جرت العادة في أفلام الأبطال الخارقين بصفة عامة -وأفلام عالم دي سي السينمائي- بصفة خاصة على أن يتم تقدير الخصم الرئيسي في الفصول الأولى من الفيلم، حيث أن ذلك يضاعف جرعة التشويق والإثارة المُقدمة والتي تعد عامل الجذب الأبرز في هذه النوعية من الأفلام السينمائية، إلا أن فيلم وندر وومان لم يلتزم بتلك القاعدة أو بمعنى أدق لم يُطبقها بحذافيرها.
الخصم الرئيسي في فيلم وندر وومان هو إله الحرب آريس والذي تم تقديمه -حسب رؤية الفيلم- على أنه أبرز أسباب الحروب الدائرة بين الدول المختلفة، وقد كثر الحديث عن تلك الشخصية بالفصول الأول من الفيلم لكن رغم ذلك لم يكن له ظهور مباشر وصريح، حتى أن الفيلم تعمد في بعض الأجزاء أن يُشكك المشاهد في مدى وجود هذا الشرير من الأساس. تأخير ظهور الخصم كان من مميزات الفيلم حيث منح صُنَاعه الفرصة للتركيز على الحدث العام “الحرب العالمية” وفي ذات الوقت زاد من جرعة التشويق وخلق الكثير من الأسئلة في ذهن المشاهد وبالتالي حافظ على تركيزه وانتباهه.
الاستقلالية عن أفلام السلسلة :
واجهت أغلب أفلام عالم DC السينمائي انتقادات حادة من الجمهور والنقاد، ولعل الفيلمين الأكثر انتقاداً ضمن هذا العالم هما فيلم باتمان ضد سوبر مان : فجر العدالة Batman v Superman: Dawn of Justice وفيلم الفرقة الانتحارية Suicide Squad، حيث أن كلاهما تضمن عِدة عيوب فنية وعانى من ضعف القصة والحبكة.
من أبرز العوامل التي ميَزت فيلم وندر وومان وساهمت في تحقيقه هذا النجاح هو عدم تبعيته لتلك الأفلام بشكل مباشر، أي أن فيلم Wonder Woman تدور أحداثه في نطاق ذات العالم السينمائي ولكن يُمكن مشاهدته بشكل مستقل دون مشاهدة الأفلام الأخرى، هذا ساعده على تحقيق جماهيرية أكبر وفي ذات الوقت منعه من التأثُر بعيوب الأفلام التي سبقته.
الرسالة الإنسانية وأسلوب تناولها :
يجب أن نعترف أن ثلاثية فارس الظلام The Dark Knight التي قدمها المخرج كريستوفر نولان كانت بمثابة نقطة فاصلة في تاريخ أفلام الكوميكس والأبطال الخارقين، حيث لم يعد ينظر لها باعتبارها أفلاماً هزلية تقوم فقط على الإثارة والإفراط في استخدام الخدع البصرية فحسب، بل صارت أعمالاً سينمائية مُتكاملة يعول عليها ويتوقع المشاهد منها الكثير.
يمكن القول أن فيلم وندر وومان قد سار على خطى تلك الثلاثية، وكان واضحاً من المشاهد الأولى أن المخرجة لم ترغب في تقديم فيلم حركة تجاري، بل سعت إلى تقديم فيملاً سينمائياً مُتكاملاً يتسم بالثقل الفني ويناقش قضايا ويقدم أطروحات، وقد برعت في ذلك ومن مميزات الفيلم أنه لم يُبالغ في أسلوب تناوله لتلك القضايا وتجنب السقوط في فخ المباشرة والمبالغة.
التوظيف الجيد الكوميديا :
كانت المبالغة في السوداوية من أسباب انتقاد أفلام عالم DC السينمائي وحين حاول القائمون عليه علاج هذا العيب في فيلم فرقة العدالة Justice League سقطوا في فخ المبالغة والتصنُع، وهذا سبب آخر من أسباب اعتبار فيلم وندر وومان هو الأفضل على الإطلاق ضمن هذا العالم السينمائي.
يمكن القول أن فيلم المرأة العجيبة هو الوحيد بين أفلام DC الذي استطاع تقديم كوميديا مناسبة من حيث الكم وموفقة من حيث النوع، نظراً لأن الكوميديا في هذا الفيلم بالأخص كانت نابعة من قلب المواقف الجادة وأغلبها يتمثل في ردود فعل الشخصية الرئيسية تجاه المواقف المختلفة التي تواجهها للمرة الأولى في حياتها، وبالتالي ابتعدت تماماً عن المبالغة والافتعال ولم يُشعر المشاهد للحظة بأنها دخيلة على العمل الذي يُصنف في المقام الأول كفيلم مغامرة وإثارة.
تصميم وتنوع مشاهد الحركة :
مشاهد الحركة والإثارة تعتبر صُلب أفلام الكوميكس والأبطال الخارقين، لكن تميُز فيلم عن آخر يكمن في مدى قدرة صانعيه على الابتكار والتجديد في هذا النوع من المشاهد.
جاءت مشاهد الحركة في فيلم وندر وومان متعددة ومتنوعة ما بين مواجهات فردية بين البطلة الرئيسية وخصم أو خصوم آخرين، وبين معارك جماعية بين جيشين، هذا بالإضافة إلى المشاهد التي صورت جانباً من اشتباكات الحرب العالمية. هذا كله أبعد الفيلم عن الملل وجنبه التورط في التكرار كما أن طبيعة الفيلم والحقبة الزمنية التي يدور بها ساعدته على التطوير والابتكار وتقديم مشاهد القتال بأسلوب مختلف عن المعهود في أفلام الأبطال الخارقين.
“بطلة” خارقة لأول مرة على الشاشة :
أحد العوامل المُثيرة حول فيلم وندر وومان Wonder Woman أنه أول فيلم سينمائي طويل تتمحور قصته حول بطلة خارقة أنثى، حيث أن طيلة العقود الماضية كانت هوليوود ترفض تخصيص فيلماً كاملاً لإحدى شخصيات الكوميكس النسائية خوفاً من عدم تقبُل المشاهدين لها.
خاض فيلم وندر وومان التحدي الذي طالما تهربت منه عاصمة السينما هوليود على مدار تاريخها الطويل، مما جعل منه تجربة جديدة ومختلفة عن كافة أفلام الأبطال الخارقين التي صارت تُنتّج بكثافة خلال السنوات الأخيرة، وقد أثار الأمر فضول الجمهور أولاً وإعجابهم ثانية وأثبت الفيلم بشكل قاطع أن ذلك التخوف لم يكن له أدنى أساس من الصحة.
يجدر بنا الإشارة هنا إلى أن فيلم Wonder Woman فتح الباب على مصرعيه أمام البطلات النساء، حيث أن نجاح تجربته دفع شركة DC لإعلان عملها على فيلم لشخصية Batgirl وهي إحدى الشخصيات البارزة في عالم شخصية باتمان، كما أن عالم مارفل السينمائي هو الآخر سيشهد بطولة نسائية -لأول مرة- خلال السنوات المقبلة حيث تم الإعلان مؤخراً عن بدء العمل على تطوير فيلم مستقل لشخصية بلاك ويدو Black Widow، وهذا بالإضافة إلى الجزء الثاني من فيلم وندر وومان المقرر عرضه في 2019.