الرجل العملي أو المرأة العملية، كلاهما نفس الطبيعة وهي التفكير في الأمور بالمنطق المجرد دون النظر للعواطف. ولكن لماذا دائمًا نجد أن الرجل هو أكثر قدرة على فعل هذا بصورة مستمرة. وفي حين أن الرجال طبيعتهم أن يكونوا عمليين نجد أن المرأة العملية تكون غريبة على المجتمع المحيط بها. والانتشار الأكثر للرجال من حيث التفكير بشكل منطقي وثابت على المدى الطويل. فما هي الأسباب التي صنفت كل من الرجل والمرأة بهذا الشكل العملي والعاطفي من حيث الانتشار؟
المرأة مسئولة من الرجل
في مجتمعنا الشرقي هناك عُرف سائد وهو أن المرأة مسئولة من الرجل. سواء فيما يخص حمايتها، أو من حيث مصاريفها المادية. ولذلك المرأة عادة لا تفكر في مسئولية خارجية. بل هي فقط مسئولة عن أشياء داخلية ومحددة. فلو كانت فتاة صغيرة فهي ستركز على دراستها. أما عندما تتزوج فهي ستركز في بيتها وأبنائها، ولو كانت تعمل ستركز على العمل أيضًا. ولذلك المرأة لديها متسع عاطفي نوعًا ما. أما الرجل العملي فهو على عكس المرأة، هو الذي يتحمل مسئولية الأشخاص. وعندما نتكلم عن مسئولية أفراد أسرة فهذا الأمر مهم وليس عرضي. لأن سيكولوجيا الرجل هُنا تكون متأهبة بصورة مستمرة لحماية وتكافل أسرته. وقبل أن يتكافل أسرته أو يكونها فهو يكون نفسه. ولذلك عقل الرجل دائمًا يفكر بطريقة عملية توفر له سبيل للحماية وسبيل لتوفير المال.
المرأة عاطفية بطبعها ولكن الرجل لا
الرجل العملي ليس عاطفي بطبعه لأنه رجل. طبيعته الذكورية تجعل عاطفته ليست مثارة بشكل دائم في حين أن المرأة على العكس تمامًا. فهناك أكثر من سبب يجعل المرأة تفكر بعاطفتها. أولًا لأن هذه هي طبيعتها التي خلقها بها الله سبحانه وتعالى. ثانيًا لأن المرأة لديها تغيرات هرمونية كثيرة على مستوى فترات حياتها. مما يجعلها دائمًا في حالة عدم استقرار عاطفي. فيؤدي هذا إلى تأثير العاطفة على قرارتها الشخصية. وهذا ما يعطي الرجل التفوق في التفكير بشكل عقلاني. وهذا أيضًا ما يجعل الرجل العملي أكثر انتشارًا من المرأة العملية. لأن طبيعة المرأة نفسها لا تؤهلها لأن تكون شخصًا عمليًا بشكل مستمر.
الرجل يفكر في المستقبل كثيرًا
ما يجعل الرجل العملي هو الأكثر انتشارًا، كون الرجال يفكرون دائمًا بشكل مستقبلي. ولا يفكرون مثل النساء في الحاضر. ربما هذا يكون غير جيد للرجال من حيث السعادة وراحة البال. ولكن هذا يحدث نتيجة السيكولوجيا الدفاعية للرجل. حيث أن الرجل يفكر في كيفية مواجهة المستقبل. يضع مشكلات أو افتراضات ويحاول حلها باستمرار حتى لا يفاجأ حينها. أما المرأة بسبب عاطفتها فهي لا تفعل ذلك.
المسئولية المادية
في المجتمع الشرقي المسئول الأول عن كل ما يخص المال هو الرجل. وذلك يجعل الرجل العملي هو الفئة المنتشرة في مجتمعنا العربي. حيث أن كل رجل يبحث عن المال من أجل أسرته. أيضًا المرأة لو لم تعمل فهذا لن يعيبها. ولكن الرجل لو لم يعمل فهذا عيبًا وعارًا. بجانب كل هذا، الحمل المادي نفسه للأسرة يجعل الرجل يفكر بطريقة عملية وميكانيكية حيث أن الرجل لديه عدد محدود من المال. وهناك الكثير من المتطلبات سواء للبيت أو للأطفال أو للزوجة أو له هو شخصيًا. كل هذه المتطلبات تدور بشكل مستمر في ذهن أي رجل. وهذا يحول الرجل من رجل طبيعي إلى رجل عملي يفكر فقط فيما سيأتي له بالنقود. فيبدأ الرجل بالتخلي عن أي مشاعر. فمثلًا لو هناك شخصًا في ضائقة مادية. والرجل لديه مال بالكاد يكفي بيته. فالعاطفة هنا لن تغلب عقل الرجل العملي. حيث سيفكر في عائلته وأسرته أولًا. ولن يلتفت للشخص الأخر المحتاج.
الرجل العملي قضى فترة التجنيد
هناك فترة يمر بها معظم الشباب في المجتمعات العربية. وهي فترة التجنيد الإجباري. وفيها يخدم الشاب جيش وطنه لمدة كحد أدنى بصورة إجبارية. هذه الفترة في حياة كل شاب تعد من أكثر الفترات الحياتية تأثيرًا فيه. حيث أن الشاب يترك أبيه وأمه وعائلته من بعد الدراسة. ويصير مسئولًا عن نفسه بل وعن وطنه. يتعرض لتمارين شاقة في الصحاري ومسئوليات وضبط وانتظام شديد الدقة بصورة يومية. حتى المظهر يكون موحد لجميع الجنود. كل هذه الظروف تؤسس الرجل العملي داخل هؤلاء الشباب. فأحيانًا كثيرة يكره الشاب فعل أشياء معينة أو أن يسمع أمر معين. ولكن الحياة في الجيش تعلم الشاب كيف يجب أن يلتزم بالأوامر. وهذا الأمر خارج إطار الإرادة والمشاعر بل الجندي يفعل ما يُطلب منه فقط. بالطبع كل هذا لا تتعرض له النساء، ولذلك يعد سبب أخر يجعل الرجل العملي أكثر انتشارًا من المرأة العملية.
الاحتكاك بالواقع
الرجل العملي يكون في الغالب أكثر خبرة واحتكاك بالواقع من غيره. وهذه الخبرة هي التي تجعل الرجل بهذه الصورة العملية في حياته اليومية. وذلك لأن الخبرات تكون عبارة عن مشكلات وقد تم تجاوزها بنجاح. أحيانًا يكون هناك فشل وأحيانًا أخرى نجاح. ولكن الحياة تستمر. لماذا الرجال معرضين أكثر لنيل الخبرات؟ هذا السؤال تجيبه طبيعة الحياة في المجتمعات. حيث أن الرجل هو المسئول عادة، ولذلك عندما يقضي الشاب فترة جيشه يتفرغ بعدها لمرحلة البحث عن العمل. النساء لا تعاني من هذا الأمر. وهذا لأن لا أحد يعيب عليهن عدم العمل. فلا يكون هناك ضغط نفسي في الرغبة في العمل. أما الشاب فهو في يرعانه يبحث ويحتك بالواقع ويجد من يتكلم معه بطريقة رديئة. ويضطر أن يصمت لأنه يريد أن يعمل. ثم بعد ذلك يكتشف أن هذا خطأ فيتمرد. وهكذا الحياة تمر بالرجل من صغره لكبره عن طريق احتكاك مع الواقع يشكل في الأخير شخصية الرجل العملي.
الرجل هو الذي يواجه المشاكل
من المعروف أنه عندما توجد مشكلة وكان أمام هذه المشكلة رجل وامرأة، فمن الطبيعي أن الرجل هو الذي سيعترض ويتصدى لهذه المشكلة. وهذا ليس فقط في المجتمع العربي بل هو أيضًا في المجتمع العالمي. وذلك لأن الرجل يمتلك نزعة دفاعية أعلى من المرأة. ومن هذا المنطلق نجد أن الرجل في مواجهة المشاكل يحتاج أن يفكر بعقله. وهذا لكثرة المشاكل. في حين أن المرأة لا تشعر بنفس الثقل الذي على الرجل، لأنها لا تواجه الأمر بطريقة مباشرة بل هي تواجه المشكلة من خلال الرجل. وذلك بعيد بعض الشيء عن المشكلة الحقيقية. كل هذا يجعل المرأة تفكر بالعاطفة بعكس الرجل العملي في هذا الوقت.
أخيرًا كون الرجل العملي أكثر انتشارًا من المرأة العملية. فهذا يرجع لطبيعة الرجل القاسية بعض الشيء وطبيعة المرأة الحنونة. وربما كان هذا من رحمة الله سبحانه وتعالى في أن ينشئ توازن في الحياة بين الرجل والمرأة. فلا يضطر أحدهما إلى القيام بدور الأخر.