تمكن الأثاث الكلاسيكي -رغم طرازه العتيق- من مقاومة صيحات الموضة المتتالية والاحتفاظ بالمكانة الرفيعة التي يحظى بها في عالم الديكور، حيث أن ذلك الطراز من الأثاث لا يزال يُعتمد عليه بكثرة في تصميمات الديكورات الداخلية، بل ويعتبر كذلك المفضل لدى عدد كبير من كبار المصممين والخبراء في مجال تصميم الديكور.. ترى لماذا ؟ وما هي العوامل التي كفلت لذلك الطراز -أي الأثاث الكلاسيكي – التميز ومكنته من الاستمرار حتى اليوم؟
عوامل تميز طراز الأثاث الكلاسيكي :
يحظى الأثاث الكلاسيكي بشعبية كبيرة في عالم التصميم والديكور والسر في ذلك يرجع إلى تعدد وتنوع العوامل التي تميزه عن غيره من الطرازات الأخرى وتجعله الأكثر رقياً وجمالاً، ومن أبرز تلك العوامل الآتي:
مظهر أكثر فخامة ورقياً :
هل تساءلت قبلاً لماذا لا يتم الاعتماد على الديكورات العصرية “المودرن” في تصميم الديكور الداخلي للقصور والقاعات ذات الطابع الرسمي مثل قاعات اجتماعات الساسة والملوك؟!.. إجابة هذا السؤال تتلخص في جملة بسيطة هي “البحث عن الفخامة”، إذا عقدنا مقارنة بسيطة وسريعة بين تصميمات الأثاث الكلاسيكي والأثاث المودرن سنلاحظ على الفور أن النوع الأول يحمل قدر أكبر من الفخامة والرقي في تصميماته.
تعكس كل تفصيلة -مهما بلغت دقتها- في الأثاث الكلاسيكي مظاهر الفخامة، بدءاً بحجم قطع الأثاث نفسها التي تكون في المعتاد كبيرة الحجم، مروراً بمجموعة الزخارف والنقوش المميزة في الأخشاب، وصولاً إلى العناصر الأخرى المستخدمة في تصميم بعض القطع مثل الصدف أو المعادن المختلفة وخاصة النحاس، كما أن في حالات نادرة تكون تلك القطع مطعمة ببعض المواد النفيسة مثل العاج أو الذهب وكذلك الأحجار الكريمة المختلفة.
الجمع بين عِدة أنواع من الفنون :
يستمد الأثاث الكلاسيكي روعته وجمالياته من الإبداع الفني في تكوينه، حيث أن من أبرز العوامل التي تميز ذلك الطراز عن غيره من أنواع الأثاث المنزلي الأخرى أنه يجمع بين عِدة ألوان فنية، تجعل كل قطعة أثاث منه -في حد ذاتها- بمثابة تحفة فنية، حيث يجمع ذلك النوع بين الزخارف البارزة و الحفر على الخشب بالإضافة إلى نقوش الأرابيسك والدق على المعادن وتشكيلات الصدف وغير ذلك.
يضفي الأثاث الكلاسيكي -بفضل تلك العناصر الفنية التي يحتويها- لمسة فنية رائعة على أي قاعة يتواجد بها ويجعل تصميمها المتكامل أقرب ما يكون إلى صالة متحف بالغة الرقي والأصالة، خاصة إذا حسن ترتيب باقي العناصر التي يتكون منها الديكور الخارجي وجاءت متماشية مع تصميم قطع الأثاث.
تنوع الألوان والتصميمات :
يعتقد البعض أن الأثاث الكلاسيكي أو بمعنى أدق تصميمات الديكور الكلاسيكي بكامل مشتملاتها تغلب عليها القتامة، والسر وراء ذلك الاعتقاد هو شيوع استخدام لون الخشب الأصلي في تصميمات ذلك الأثاث أي اللون البني ومشتقاته، لكن الحقيقة أن تلك الألوان -رغم شيوع استخدامها- إلا أنها الديكور الكلاسيكي ليس حكراً عليها.
اتجه المصممون خلال السنوات الأخيرة إلى الاعتماد على ألوان مختلفة في تصميم الأثاث الكلاسيكي تتنوع بين الألوان الفاتحة والداكنة، وذلك لضمان أن تناسب التصميمات مختلف الأذواق، كما أن ذلك التنوع جعل الطراز الكلاسيكي في التصميم يناسب عدد أكبر من الأغراض، حيث يفضل الخبراء في مجال تصميم الديكور الاعتماد على الألوان المشرقة في بعض الغرف مثل غرف السفرة أو غرف النوم بينما يتم الاعتماد على الألوان الداكنة بصورة أكبر في الغرف ذات الطابع الرسمي مثل غرف المكتب أو غرف الصالون وغير ذلك.
تنوع الإكسسوارات والعناصر الإضافية :
عند العمل على تصميم مجموعة الديكورات الداخلية الخاصة في المنزل أيا كان نوعه أو مساحته، هناك العديد من الأمور التي يجب أن يتم أخذها في الحسبان قبل اختيار نوع الأثاث والطراز الذي سيتم الاعتماد عليها، وفي مقدمتها الصورة النهائية التي سيبدو عليها الشكل النهائي للغرفة وكم ونوع العناصر المساعدة التي يحتوي عليها والمعروفة بمسمى الإكسسوارات.
أحد أبرز العوامل التي تميز الأثاث الكلاسيكي أنه يتماشى مع كم هائل من إكسسوارات الديكور التي تتنوع من حيث الحجم والنوع والخامة، الأمر الذي يضمن أن يكون التصميم النهائي مرضياً لجميع الأذواق ويطابق التصور التخيلي المُسبق، ومن أبرز إكسسوارات الديكور التي يشاع استخدامها مع هذا الطراز الآتي:
- أواني الزهر
- المرايا المزخرفة
- الأطباق النحاسية المزخرفة
- التماثيل والأنتيكات
- الشمعدانات المختلفة
- الكريستالات
- المنسوجات وسجاد الحوائط
لا يحتاج إلى تجديد :
يحتاج الأثاث الكلاسيكي إلى اهتمام بالغ من ربة المنزل من أجل الحفاظ على رونقه وجمالياته، حيث يجب عليها الاعتناء به بشكل جيد وعمل إهمال عملية تنظيفه بشكل دوري مع ضرورة القيام بذلك بالأسلوب الصحيح واعتماداً على الوسائل والمنظفات المخصصة لذلك حتى لا تتعرض قطع الأثاث الثمينة للتلف.
قد يبدو الأمر للوهلة الأولى مكلفاً بعض الشيء خاصة أن منظفات الأخشاب ليست بالرخيصة، لكن إذا نظرنا إلى الأمر بشيء من التمعن سنجد أن ذلك الأثاث اقتصادي بصورة كبيرة، حيث أن الاعتماد على الأثاث الكلاسيكي في ديكور المنزل لن يتطلب إجراء أية تجديدات في المستقبل باستثناء أعمال الصيانة الدورية المعتادة، حيث أن فخامة ذلك النمط من الأثاث تكمن في تصميمه العتيق، كما أنه لا يخضع إلى قوانين الموضة المتجددة بعكس الأثاث المودرن أو العصري.
يجمع بين أكثر من طراز ديكور :
أحد أبرز العوامل التي تميز الأثاث الكلاسيكي وكفلت له الدوام والاستثمارية رغم استحداث العديد من الأنماط الديكورية الأخرى، أن ذلك الطراز يحمل عبق العديد من الحضارات القديمة ولذلك يتسم بدرجة كبير من الأصالة والرقي، حيث أن نقوش الأثاث عادة ما تحمل بصمة الفن الإسلامي والتراث العربي، بالإضافة إلى أن بعض القطع تحمل لمحة من القرن الثامن عشر الأوروبي، بالإضافة إلى ذلك كان الطراز الكلاسيكي الأصلي -والمعروف أيضاً باسم الطراز الكلاسيكي التقليدي- المصدر الذي استلهم منه المصممون العديد من طرازات الديكور الأخرى أبرزها ما يعرف باسم الطراز الفيكتوري والطراز الفرنسي.
يشار هنا إلى أن النقوش الفنية المستوحاة من الحضارات السالفة لا تقتصر على قطع الأثاث الكلاسيكية فحسب، بل أنها عادة ما تكون منتشرة في كل جزء من ديكور الغرفة، حيث تشمل حليات الجدران وكذلك الأسقف، بالإضافة إلى الأنتيكات والاكسسوارات وحتى أقمشة المفروشات، وذلك حفاظاً على الوحدة العضوية في التصميم وجعل الغرفة في شكلها النهائي تبدو كأنها لوحة فنية عبيدة عناصرها متحدة في تآلف وتناغم.
تعدد الأغراض والاستخدامات :
إحدى الحقائق الثابتة التي تتعلق بتصميمات الأثاث الكلاسيكي والتي ساهمت بصورة مباشرة في انتشاره وتزايد معدلات الاعتماد عليه، هو أن ذلك الطراز يناسب مختلف الأغراض والاستخدامات، حيث من الممكن الاعتماد عليه في مختلف غرف المنزل الأساسية مثل غرف النوم وغرف الصالونات واستقبال الضيوف وكذلك غرف السفرة، هذا بالإضافة إلى تميزه في الملحقات مثل غرف المكاتب والأروقة.
يتم الاعتماد على الديكور الكلاسيكي أيضاً في بعض الأماكن الأخرى غير السكنية، مثل مكاتب العمل والمكتبات العامة، وصولاً إلى اعتماد بعض المطاعم والمقاهي الراقية على الأثاث الكلاسيكي في تصميماتها الداخلية، وتجدر الإشارة هنا إلى أن عدداً من المقاهي العتيقة في البلدان العربية وخاصة مصر ودول الشام ترفض إجراء أية تجديدات، حيث تعتبر أن تصميمها العتيق هو سر سحرها ويجعلها تبدو في صورة أكثر زهواً وأصالة.