الكثير من العلاقات ينتهي بها المطاف في الأخير إلى الانفصال العاطفي. قد يكون الرجل والمرأة متزوجين ولكنهما في الحقيقة كل واحد من ناحية الأخر منفصل عاطفيًا وجسديًا. نوع من أنواع الطلاق المعنوي الغير مباشر. ربما يستمر هذا الانفصال عدة سنوات وربما يستمر لعدة شهور وربما يكون مداه صغير جدًا لعدة أيام. ولكنه في الأخير نقطة سوداء في حياة أي اثنين متزوجين أو حتى لو كانوا مخطوبين. والمشكلة الكبيرة التي تنتج عن الانفصال العاطفي تكون عدم الثقة وصعوبة الرجوع إلى المشاعر القديمة التي كان الاثنين يتعاملون بها. أيضًا السطحية في التعامل تسبب أذى كبير للأطفال لو كانوا موجودين. حيث أنهم بالطبع سيلاحظون أنه والديهم لا يتحدثون سويًا ولا يتعاملون مع بعضهم وهذا سيسبب الانقسام في الأسرة والتشتت للأطفال. كلها نتائج سيئة وصعبة. وبسبب كل هذه المشاكل يأتي دور السؤال المهم وهو لماذا يحدث الانفصال العاطفي وكيف نتجنب حدوثه؟
الأنانية أحد أهم أسباب الانفصال العاطفي
الأنانية بين الأزواج هي أحد أسوأ الصفات التي ستدمر حتمًا علاقتهم. أي طرفين يجب أن يسود بينهم الحب المانح. أو حب العطاء. أو فلسفة الاستمتاع عندما تعطي شريكك شيء وهو يفرح به. هذا هو الحب الحقيقي. إنما العلاقة المبنية على الأخذ فقط هي غالبًا علاقة ستكون فاشلة لأنه لا يوجد أحد قادر على المنح دومًا دون أن يأخذ. وذلك على كل المستويات سواء على المستوى العاطفي أو على المستوى الفكري أو على المستوى المادي، كلها مستويات مهم فيها الأخذ والعطاء. أيضًا الأنانية المفرطة بين أحد الأطراف ستؤدي في الأخير إلى الملل بالنسبة للشريك الأخر لأنه لا يشعر بتفاعل متبادل مع الشريك الأناني. نوه الكثيرين من الأخصائيين النفسيين الذين يُعرض عَليهم حالات الانفصال. أن الأنانية تسبب نوع من الصدمة للشريك الأخر. خصوصًا لو كانت غير ظاهرة في البداية. الشخص الأناني لا يدرك أنه يستغل شريكه. وهذا النوع من الاستغلال عندما يزيد عن الحد فالشريك يشعر أنه غير قادر على التحمل مما يجعل الانفصال العاطفي والبُعد هو الحل الأفضل.
عدم احترام الأخر
هذه النقطة مهمة عند الطرفين. كلًا من الرجل والمرأة يريد من الأخر الاحترام قبل الحب. وذلك لأن الاحترام يجلب الحب بالتأكيد، أما عدم وجود الاحترام فإنه يجعل الحب يهرب ويموت ويصير غير موجود. فالحب مرهون بوجود الاحترام في أي علاقة. ومن هذا المنطلق نجد أن أحد أسباب الانفصال العاطفي المهمة هي عدم وجود احترام بين الطرفين. فيظهر هذا عن طريق عدم تقدير شريك الحياة من حيث الكلمات. أيضًا عدم احترام طلبات ورغبات الأخر. عن طريق التعدي وفعل أشياء لا يحبها الشخص الأخر.
عدم احترام الغيرة لدى شريك الحياة، هذا أيضًا سبب رئيسي في الانفصال العاطفي. الغيرة هي شيء حساس جدًا فيما يخص الرجولة والأنوثة بين الطرفين. وإذا تم التعدي على مثل هذه النقط الحساسة فسيحدث جرح نفسي بين الشريكين مما يجعلهم غير قادرين على أن يعيشوا بعضهم مع بعض في ظل الشعور الدائم بالإهانة وعدم الاحترام. أيضًا يحدث نوع أخر يسبب الكثير من المشاكل بين المتزوجين وهو عدم احترام شريك الحياة أمام الناس. والسخرية منه وعدم تقديمه وتقديره في الكلام، فهذا النوع من عدم الاحترام مهين جدًا ويكون سبب رئيسي في الانفصال الكلي.
الغرور والكبرياء
الغرور في المطلق هو صفة كريهة وغير محببة للجميع. لأن الشخص المغرور يحاول دائمًا أن يتعالى على غيره في سبيل أن يثبت لنفسه وللناس أنه أفضل الأفضلين. هذا بالطبع لو اقتحم العلاقة الزوجية أو العاطفية سيدمرها بكل سهولة وسرعة. والسبب أن الغرور لا يعمل حساب لمشاعر الأخر. والشخص المغرور غالبًا لا يعتذر ولا يحاول إرضاء شريك حياته. بل هو فقط يحاول أن يثبت نفسه عن طريق استخدام شريكه مما يجعل هذا الشريك لا يحتمل هذا النوع من الكبرياء. الحب الحقيقي مبني على التواضع وتقديم الأخر في كل شيء. كنوع من أنواع التعبير عن الحب. أما الكبرياء فهو أكبر قاتل للحب. لأن الحب يحتاج للكثير من التنازلات. والشخص الذي لا يتنازل ويحاول أن يجعل الشخص الأخر هو من يتنازل فهو غالبًا سيخسر كل الناس من حوله ويعيش وحيد.
عدم التناغم الفكري
التناغم الفكري بين الزوج والزوجة، أو الرجل والمرأة عمومًا هو من أهم شروط الانسجام العاطفي. فلو كان هناك العديد من الأفكار المختلفة أو الغير متناغمة بين الزوجين، من الطبيعي أن تكون النتيجة هي المشاكل الكثيرة. وكمثال لو كان الرجل يحب أن يجعل زوجته ترتدي نوعًا معين من الملابس وكان هذا النوع بالنسبة للمرأة غير محبب. فهنا ستحدث الكثير من المشاكل. أو لو كان الرجل لديه طريقة تعامل مع النساء لا تحبها المرأة في حين أنه لا يريد تغيير هذه الطريقة. مثل هذه الأمثلة والأفكار تجعل الرجل والمرأة بعيدين عن بعضهما البعض فكريًا ومع كثرة الاختلاف بينهما سينتج في الأخير الانفصال العاطفي.
الاختلاف في الدرجات العلمية
بعض الزيجات تحدث عن طريق النذور أو الوعود من الصغر. حيث يأخذ الشاب ابنة عمه قبل أن يكبران. مثل هذه الزيجات لا تأخذ في الاعتبار الاختلاف التعليمي ودرجة الوعي. حيث من الممكن أن يكون أحد الزوجين له اهتمامات علمية كبيرة. ولكن الزواج يكون عائق كبير بالنسبة له. مما يجعل هناك الكثير من الخلافات بين الزوجين وكثرة الخلافات تصنع فاصل عاطفي. ويشعر أحدهم أنه أقل من الأخر. ويشعر الأخر أنه لا يستحق هذه الحياة مما يؤدي في الأخير إلى حدوث الانفصال العاطفي كنتيجة لهذا العصف الشعوري والذهني المستمر.
تدخل الآخرين في شئون الزوجين
من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق وليس فقط الانفصال العاطفي هي تدخل الأهل في شئون الزوجين. هذا عن طريق تدخل أم الزوج فيما يدور بينه وبين زوجته. أو تضع الأم نفسها في مقارنة مستمرة بينها وبين زوجة ابنها. أو تدخل أم الزوجة في حياة ابنتها الخاصة وتحاول أن تعرف أسرار البيت، وتتناقلها في سمر مع الأخريات. كل هذه التفاصيل العادية تكون سبب رئيسي في نشوء العديد من المشاكل بين الزوج والزوجة مما يجعلهما لا يطيقان الحياة معًا ولا يطيقان الأهل. ويصنع نوع من الحساسية المستمرة بين جميع الأطراف ويتحول الزواج إلى مشاكل كثيرة ومتناثرة بين الحموات والزوجين.
البرود يؤدي إلى الانفصال العاطفي بين الزوجين
هذا النوع من البرود سيء جدًا. لأن أي من الزوجين يريد أن يتبادل مشاعر الحب مع الأخر. فلو كان هناك شخص دائمًا يحاول أن يُقدم الحُب والمشاعر لشريك الحياة. والشريك الأخر لا يرد. أو لا يقدم أي نوع من أنواع المشاعر في المقابل، فهذا سيؤدي تدريجيًا إلى الشعور بالوحدة. أيضًا الشخص الهادئ زيادة عن اللزوم يصيب شريك الحياة بالملل. فبعدم وجود حوار بين الاثنين لن يكون هناك أي انجذاب مستمر. سر وجود حب بين أي زوجين هو الحديث والنقاش الدائم الذي يضمن تجدد المشاعر والحب. ولكن في ظل عدم اهتمام أحد الطرفين وبروده عاطفيًا فهذا سيؤدي حتمًا إلى الانفصال العاطفي.
علاج الانفصال العاطفي
بالطبع هناك علاج لكل مشكلة نواجهها في هذه الحياة. الصعوبة فقط في كيفية الحصول على هذا العلاج. وفيما يخص انفصال الزوجين عاطفيًا فهناك الكثير من العلاجات. ولكنها ليست دوائية. بل نفسية مثلها مثل المشاكل أيضًا. ولكن أهم عامل في كل هذه العلاجات هو الرغبة الداخلية لكلًا من الزوجين أو الشريكين في أن يحسنوا ويعيدوا من حالتهم العاطفية كما كانت في البداية أو كما يرجون أن تكون.
النقاش في المشكلة
الخطوة الأولى في علاج المشكلات الاجتماعية أو النفسية هي الاعتراف بالمشكلة والنقاش فيها. لأنه طالما ينكر أحد الزوجين أن هناك مشكلة فلن يكون هناك مجال للنقاش وحل الأمور من الأساس. ولذلك ينبغي على الزوجين أن يتخلوا عن أي ألم يشعرون به بسبب بعضهم البعض، وأن يبدئوا بداية جديدة. أيضًا يفضل جدًا أن يكون النقاش شخصي وليس في حضور طرف ثالث. لأن وجود الطرف الثالث دومًا سيثير الخجل مهمًا كان يعرف دواخل الاثنين. أيضًا يفضل أن يعتمد الشريكين على أنفسهم ويصارحان بعضهما البعض بكل ما يشعرون به. حتى يصلون لحل مشترك.
تقديم التنازلات
حتى يتفادى أي زوجين الانفصال العاطفي، يجب عليهما أن يلجئا لتقديم التنازلات. حيث على كل فرد منهما أن يقدِم على شيء هو لم يعتاد عليه في السابق لأجل إصلاح الأمور. لو أن أحد لأطراف كان مغرورًا، يجب أن يفهم أن هذا الغرور يضر بمصلحة زواجه. ومن هنا يبدأ في التعامل بتواضع مع الطرف الأخر دون أي تجريح أو لجوء للتعالي على شريك الحياة. التنازلات يجب أن تكون مشروطة. وأهم شرط فيها هو عدم احتساب هذا التنازل على أنه إهانة. فمثلًا إن كان الزوج عصبي، فلا يجب أن تقدم الزوجة تنازل وتحتمل تلك العصبية، لأنها ستؤذيها ولن تُحل المشكلة. بل يجب على الزوج العصبي أن يتنازل ويتحكم في أعصابه. أو أن يذهب ويحاول معالجة هذه العصبية حتى يستطيع أن يحافظ على زوجه من الانفصال العاطفي.
ثقافة الاعتذار
يجب أن تتوفر هذه الثقافة بين أي رجل وامرأة. فالاعتذار يزيل الكثير من الألم النفسي والمشاكل العاطفية. ولن يُكلف أكثر من كلمة اعتذار واعتراف بالخطأ. ولا تجعل الكبرياء يسيطر عليك سواء كنت رجل أو امرأة. وتقول لنفسك، أنك لو اعتذرت فسيعتاد الطرف الأخر على هذا الأمر. أو أن الاعتذار سيقلل من احترامك عند الطرف الأخر. بل بالعكس، الاعتذار سيسبب نوع من أنواع الثقة بين الطرفين وعدم الشعور بالخوف من الطرف الأخر. حيث إن الاعتراف بالخطأ نوع من أنواع الحكمة. لأن الجميع يخطئون والقليل هم الذين يعترفون بأخطائهم ولا يكررونها. أيضًا يفضل أن يكون الاعتذار سريع وليس مؤجل. لأنه كلما كان الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه قريب من المشكلة، كلما قل تأثير هذه المشكلة عاطفيًا مما سيحمي الطرفين من الانفصال العاطفي.
ختام
هناك الكثير من المشاكل التي من الممكن أن يمر بها المتزوجين ولكن الانفصال العاطفي من أصعب هذه المشكلات. وكي تقدر جيدًا على معرفة العلاج، فيجب أن تعرف قبلها على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الانفصال العاطفي. وتعمل على حلها بنفسك أنت وشريكك دون التدخل من الآخرين، وبرغبة حقيقية في حل هذه المشكلة الصعبة.