تحويل القبلة حدث في العام الثاني بعد هجرة النبي من مكة إلى المدينة، فكان المسلمون قبل ذلك يصلون في اتجاه بيت المقدس المعروف باسم المسجد الأقصى، وأيضا بعد هجرة النبي إلى المدينة، ظل يصلي في اتجاه بيت المقدس لمدة ستة أو سبعة عشر شهرا، لكن بعد ذلك أمر الله رسوله الكريم بتحويل القبلة إلى البيت الحرام ونزل في ذلك قول الله تعالى في سورة البقرة “فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره.. “، والله عز وجل لا يصدر أمرا إلا وله حكمه حتى إن لم يدركها الإنسان أو أدرك جزء قليل منها.
في أي صلاة تم تحويل القبلة؟
كان الرسول عليه السلام يصلي صلاة العصر في اتجاه بيت المقدس، وراءه المسلمون، فجاء جبريل عليه السلام بالوحي من الله سبحانه وتعالى، فغير الرسول قبلته أثناء الصلاة، واتبعه المسلمون، وبدأ خبر تغيير القبلة في الانتشار، حتى علم كل المسلمين هذا الأمر الإلهي بحلول صبح اليوم التالي. وكان الله يعلم رغبة رسوله في استقبال المسجد الحرام وحبه إليه، ومع ذلك كان يصلي في اتجاه بيت المقدس طاعة لله، حتى استجاب الله لرغبة نبيه.
ما الحكمة من تحويل القبلة؟
في البداية علينا أن نعلم أن طاعة الله واجبة علينا حتى إن لم نعرف الحكمة من أوامره، فإذا أمرنا الله وجب علينا القبول والتسليم له، والإيمان بأن هذا هو الخير للإنسان، فالله سبحانه لا يصدر أمرا إلا وكان له فائدة عظيمة، ولا ينسخ الله أمرا إلا وكان لخير ولتغيير الحال للأفضل.
ولتحويل القبلة حكمة عظيمة
كان تحويل القبلة بمثابة اختبار للمؤمنين، فالمؤمن الحق يقبل بأمر الله على الرغم من رغبته وقد أوضح الله ذلك في كتابه الكريم، فقال في سورة البقرة “وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله…”.
تتميز أمة المسلمون بأنها خير أمة آمنت بالله تتميز بالوسطية في كل شيء وكل أوامر الله هدفها الخير والتعدل، فاختار الله للمسلمين أن تكون قبلتهم هي أول بيت لله في الأرض وقبلة إبراهيم عليه السلام.
ويرى البعض أن من حكمة تحويل القبلة هو إثبات أن العبادة لله وحده وليس للمكان نفسه، وأينما كانت وجهة الإنسان فإنه يعبد الله وحده الذي يملك كل الاتجاهات، وله شرق الأرض ومغربها، كما تتميز الأمة الإسلامية هكذا عن الأمم الأخرى فيكون بذلك لها الطابع الخاص بها، حيث كانت تصلي باقي الأمم في اتجاه بيت المقدس، وتصبير النبي وتعزيته لفراقه وطنه مكة، التي هاجر منها مضطرا هربا من ظلم أهلها.
متى تم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة؟
يتفق المشرعون على أن تحويل القبلة تم في السنة الثانية من الهجرة، بعد مرور سنة وستة أو سبعة أشهر، لكنهم يختلفون في اليوم عينه الذي نزلت فيه آية تحويل القبلة، فقال البعض في اليوم السابع عشر في شهر رجب، وقال آخرون أن ذلك حدث في اليوم الثامن من شهر محرم خلال أداء صلاة الظهر، فكانت أول الصلاة في اتجاه بيت المقدس، وتحول النبي نحو الكعبة في الصلاة لتكون أول صلاة في تجاه الكعبة هي صلاة العصر.