نعلم جميعا أن دولة اليابان لم تتمكن من استعادة قوتها إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقبل ذلك التاريخ عانت من خسائر مالية وفقدت الكثير من جيشها وشعبها، وقد أصبح مستواها الاقتصادي في تدني ملحوظ إلا أنه بعد ذلك التاريخ فوجئنا بإحصائية تقول أن أعمار اليابانيين هي الأطول وأن شعب اليابان هو الأجدر للعيش لوقت طويل، وقد ردت عليها بعض الدراسات الطبية التي أكدت على أن الوراثة ليست هي السبب الرئيسي وراء طول العمر بل إن هنالك أسباب وعوامل أخرى وراء ذلك وسنعرفها من خلال هذه المقالة.
متوسط أعمار اليابانيين
من المدهش لنا أن غالبية شعب اليابان هم من كبار السن وعلى الرغم من ذلك يتمتعون بصحة جيدة دون غيرهم من أصحاب الشعوب الأخرى فقد أفادت لنا إحصائية تعداد السكان في اليابان لمنتصف العام الحالي أن متوسط أعمار الرجال في اليابان يتراوح بين 80 إلى 90 عام بينما السيدات يعد متوسط أعمارهن من 70 إلى 80 عاما، ويمكن التنبؤ من خلال هذه المؤشرات إلى حصول الأفراد في دولة اليابان على رعاية صحية واجتماعية جيدة، وانخفاض مؤشرات الإصابة لديهم بالأمراض مثل السرطان والقلب وغيرها.
تناول الطعام المناسب
يهتم شعب اليابان بمتابعة الإحصائيات والتقارير التي تصدرها منظمة الصحة العالمية بشأن الغذاء ودوره في الحفاظ على صحة الفرد بل تعد من أول صفوف المشتركين في أهم مؤتمرات المنظمة لذلك نجد على مائدة اليابانيين نسبة كبيرة من الخضروات والفاكهة، ولا يمر يوما واحدا عليهم دون أن يتناولوا ولو نوعا واحدا من الفاكهة والخضر، ويحرص اليابانيين بشكل خاص على تناول الأرز المسلوق لأنه يشعرهم بالشبع لفترات طويلة ويعتبرونه بديلا للخبز الأبيض والكربوهيدرات لذلك لا يواجهون مشكلة السمنة المرضية، ولا ننسى تناولهم كميات قليلة ومحددة من الطعام وهذا يؤكد سبب تمتعهم بصحة جيدة,
يشتمل النظام الغذائي للبيانيين أيضا على عناصر مضادة للأكسدة مثل الليمون والخل والثوم وهم يكثرون من إضافته للشوربة والمأكولات، ومن المعروف أن مضادات الأكسدة تقاوم الخلايا السرطانية، ويجب ألا ننسى أهم دور ساعد في طول أعمار البيانيين وهى حملات التوعية بالصحة والغذاء التي تساعد الحكومة على نشرها في كافة أنحاء البلاد.
الحصول على الرعاية الطبية
يحصل شعب اليابان على اهتمام بالغ من الناحية الصحية ففي اليابان تتكلف الحكومة بالحفاظ على حياة كريمة لشعبها، وتلتزم دفع راتب سنوي لعمال النظافة لا يقل عن راتب الأطباء أو المعلمين وغيرهم من أصحاب المهن، ويصل راتبهم إلى 10 ألاف دولار تقديرا لدورهم. كذلك تهتم ببناء المستشفيات والمراكز الطبية وتقوم بتجهيزها على أعلى مستوي، وقد حصلت مستشفيات جامعة طوكيو على المراكز الأولى في تصنيفها كأفضل المستشفيات على مستوى العالم.
تفرض اليابان على مواطنيها دفع غرامة كبيرة عند إلقاء القمامة في الشوارع بل قد يصل الأمر إلى العقاب والحبس، وتهتم كذلك بنظافة الحمامات العامة التي أبهرت شعوب العالم الأخرى نظرا للاهتمام بها وتجهيزها على أعلى مستوى. يتخصص للطلاب يوما في الأسبوع لتنظيف المدارس والفصول الدراسية ويتشارك كافة العاملين بالمدرسة في هذا الأمر بما فيهم المعلمين والمشرفين، أما بالنسبة للحالة الصحية لشعب اليابان فهم حريصون على ارتداء الكمامات والأقنعة في فصل الشتاء منذ سنوات طويلة للوقاية من الأمراض التنفسية والانفلوانزا وأصبحوا الآن يقومون بارتدائها صيفا وشتاءا للوقاية فقط وليس كما كان يعتقد البعض أن ارتداء الأقنعة في اليابان مرتبط بانتشار الأمراض الوبائية والحقيقة أن دولة اليابان على وشك الإعلان عن دولة خالية من الأمراض والأوبئة كل هذه الأمور كان لها دورا كبيرا في زيادة أعمار اليابانيين عن غيرهم من الشعوب.
تدخل الجينات الوراثية
تمكن أشهر الأطباء والباحثون من التأكد من أن هناك جينا وراثيا له دور رئيسي في زيادة عمر الإنسان ويطلق عليه (SH2B3)، وهذا تم من خلال اختبار تم إجرائه على مجموعة من الأشخاص الذين يتمتعون بأعمار تتراوح بين 80 إلى 100 عام بالإضافة إلى ثلاثة جينات تعمل جنبا إلى جنب مع جين زيادة العمر وهى المسئولة عن احتمالية الإصابة بالأمراض الخطيرة مثل الزهايمر وأمراض السكر والقلب وغيرها مما يؤثر بالطبع على طول العمر أو قصره.
تنقل هذه الجينات عند الولادة وتورث من الآباء أو الأجداد وقد يكون هذا هو السبب في طول أعمار اليابانيين أو أن اليابانيين يقومون باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية للتدخل في زيادة نشاط الجين المتخصص بطول العمر أو تعطيل الجينات الأخرى المتسببة في ظهور الشيخوخة وما يتعلق بها من أمراض.
تمتع شعب اليابان بالرخاء والرفاهية
تتمتع دولة اليابان بمرتبة عالية بين شعوب العالم في مجال الاقتصاد والإنتاج القومي من حيث توفير السلع والخدمات وغير ذلك، وقد ساعدها على ذلك اهتمامها بعناصر الصناعة والزراعة وأيضا التجارة إلا أن الصناعة على وجه الخصوص شغلت حيزا أكبر في دولة اليابان هذا أدى إلى زيادة الصادرات إلى دول أخرى والحصول على مقابل مادي كبير قامت من خلاله حكومة اليابان بتحسين جودة الغذاء والخدمات التي تقدمها لأبنائها من توفير وسائل مواصلات ومناطق سكنية متميزة بالإضافة إلى توفير مرتبات مرتفعة للعاملين أدي إلى انعدام البطالة والفقر في دولة اليابان.
أيضا ساهم اقتصاد اليابان في تعويض الخسائر التي تخلفت عن الحرب العالمية الثانية والزلازل الكارثية التي تصيبها بين العام والآخر، ومن ناحية أخرى تهتم اليابان بتنظيم مراسم الأعياد والاحتفالات العديدة طوال العام فعلى سبيل المثال يحتفل اليابانيون بعيد الربيع في موعده الرسمي ويخرجون للحدائق العامة والمتنزهات لمشاهدة الأزهار واستنشاق الهواء ويقومون بالالتقاط الصور وسط الأزهار وبعضا منهم يخرج للتنزه دون ارتداء الأحذية كما يحتفلون باستقبال العام الجديد لذلك قلما نجد من شعب اليابان من يعاني من الاكتئاب أو المشاكل النفسية التي تعد السبب الأكبر وراء الإصابة بالشيخوخة المبكرة والإصابة بأمراض خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة وهذا بالطبع يفسر سبب زيادة أعمار البيانيين.
حرصهم على ممارسة الرياضة
اليابان تعد من أكثر البلدان التي تهتم بالمشاركة في الأنشطة الرياضية المختلفة وبصفة خاصة كرة البيسبول والتي تحظى بإقبال كبير من المهتمين بها مثل كرة القدم في بعض البلدان الأخر أيضا تهتم اليابان بالألعاب القتالية مثل لعبة الكاراتية والكيندو ورياضة السومو وعدة رياضات أخرى.
يحرص بقية شعب اليابان ممن لا يختصوا بممارسة لعبة معينة بشكل خاص على ممارسة رياضة الجري أو المشي وغيرها من الرياضات السهلة نظرا لمعرفتهم التامة بأهمية الرياضة ودورها في الحفاظ على صحة وطول أعمار اليابانيين ، وقد أفادت لنا دراسة أمريكية تم إجرائها على مجموعة من الأشخاص لدراسة تأثير الرياضة على إطالة العمر بأن الذين لا يمارسون أي نوع من النشاط البدني هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والضغط بينما الذين يمارسون الرياضة تعمل وظائف الجسم لديهم بشكل جيد.