إعصار هارفي عبارة عن إعصار استوائي ضرب ولاية تكساس الأمريكية وبلغ اليابسة، ويرى الخبراء أنه أحد أخطر الأعاصير التي ضربت سواحل الولايات المتحدة وأول إعصار بتلك الشدة منذ إعصار تشارلي الذي هب في عام 2004م، وقد ترتب على إعصار هارفي العديد من النتائج التي أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد الأمريكي بصفة عامة ودفعت الخبراء إلى اعتباره بمثابة كارثة اقتصادية.. فترى لماذا؟ وما تلك الآثار التي نتجت عنه؟
الخسائر الاقتصادية المترتبة على إعصار هارفي :
يرى الخبراء أن إعصار هارفي يعد بمثابة كارثة اقتصادية ألمت بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لما نتج عنه من خسائر فادحة أثرت سلباً على الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ومن أبرزها ما يلي:
خسائر فادحة للقطاع الصناعي :
تعد الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من الدول الصناعية الكبرى في العالم وتعتمد على ذلك القطاع كأحد المصادر الرئيسية للدخل القومي، وتضم ولاية تكساس عدداً كبيراً من المصانع والشركات والمؤسسات الاقتصادية على اختلاف أنواعها، وقد تسبب إعصار هارفي في إلحاق خسائر فادحة بهؤلاء المستثمرين بالإضافة إلى توقف عملية الإنتاج لأجل غير مسمى.
أجرت بعض الهيئات المعنية بإجراء الأبحاث الاقتصادية دراسات سريعة حول الوضع الاقتصادي في المناطق المتضررة وقد جاءت نتائج تلك الدراسات مفجعة بكل المقاييس، حيث قدرت حجم الخسائر الناجمة عن تلك الكارثة الطبيعية بنحو 10 : 15 مليار دولار أمريكي قابلة للزيادة.
تدمير البنية التحتية :
أثر إعصار هارفي بصورة سلبية بالغة على البنية التحتية في المناطق التي ضربها، حيث امتلأت خطوط الصرف الصحي عن آخرها بمياه الفيضانات وأحدث ذلك تلفيات ضخمة بها، كما أحدث المياه تلفيات مماثلة في شبكات توليد الكهرباء والطاقة، حتى أن بعض التقارير الصحفية أشارت إلى أن منسوب المياه داخل بعض الشبكات وصل إلى ستة أقدام كاملة.
بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية في المدن فقد أدى الخراب الذي لحق ببعض المنشآت العاملة في مجال صناعة النفط إلى حدوث تسريبات للنفط والغاز، مما يهدد باحتمال انتشار التلوث في تلك المدن، وهو ما دفع البيت الأبيض الأمريكي إلى التصريح بأن تلك المناطق ستخضع لرقابة صارمة في بعد انتهاء الأزمة لتجنب أي مخاطر بيئية محتملة.
ارتفاع أسعار الوقود بصورة بالغة :
تسبب إعصار هارفي بشكل غير مباشر في ارتفاع أسعار البترول ومشتقاته ومختلف مواد الطاقة، والسر في ذلك يرجع إلى كون تكساس ثالث أكبر تجمع لشركات صناعة النفط وتحتوي على عدد كبير من معامل التكرير، وقد أدت الفيضانات إلى إغلاق النسبة الأكبر من تلك الشركات والمعامل وبالتالي توقف الإنتاج وانخفاض كميات مشتقات البترول المتوفرة في السوق المحلي مما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعاره، ومن المعروف أن ارتفاع أسعار المواد البترولية يصاحبه بالضرورة ارتفاعاً في أسعار مختلف السلع والخدمات حيث لا يوجد مجال تجاري واحد لا يستفيد من تلك المواد.
الأمر لم يتوقف عند حد ارتفاع الأسعار فحسب، بل أن محطات الوقود تعاني من نقص حاد في المواد البترولية وهو ما أثر بشكل سلبي على حركة التجارة الداخلية وأدى إلى توقف العديد من المركبات والمصانع في ولاية تكساس والولايات المحيطة بها.
غياب التغطية التأمينية للمتضررين من الكارثة :
تتمثل الكارثة الأكبر الناجمة عن إعصار هارفي في أن أغلب سكان تكساس الذين تضرروا منه لا يمتلكون غطاءً تأمينياً، وأشارت الإحصاءات حتى الآن إلى قيام نحو 350 ألف مواطناً أمريكياً بالتقدم بطلبات إلى الحكومة الفيدرالية طلباً للحصول على إعانات بسبب فقدان النسبة الأكبر منهم لكامل أملاكهم، كذلك استقبلت المؤسسات المسؤولة عن برنامج التأمين الوطني ضد الفيضانات في الولايات المتحدة عدد آخر من المتضررين الراغبين في الحصول على مساعدات من البرنامج، ومن المتوقع أن تتضاعف تلك الأعداد خلال الأيام القليلة القادمة وقد تتجاوز 500 ألف فرداً.
تتمثل المشكلة الحقيقية في تلك الحالة في غياب الغطاء التأميني، حيث أن أغلب الأسر في المناطق التي عصفت بها الفيضانات لم تكن مؤمنة على المنازل والممتلكات، ورغم أن ذلك أسعد شركات التأمين الأمريكية سعادة بالغة إلا أنه يمثل كارثة من نوع آخر بالنسبة للدولة، إذ أن ذلك يضاعف من معاناة المواطنين المتضررين بالإضافة إلى إعاقته عملية إعادة الإعمار التي تتكلف مبالغاً باهظة تعد بمثابة خسارة مادية مضافة إلى جانب الخسائر الأصلية.
انخفاض الناتج المحلي الأمريكي :
يرى عدد من الخبراء في إدارة المؤسسات المالية ومجال الاقتصاد أن الآثار الناجمة عن إعصار هارفي ليست وقتية ولن تقتصر على الخسائر الاقتصادية التي تم حصرها حتى الآن، بل إنها قد تتفاقم لما هو أكثر من ذلك خلال الشهور القليلة القادمة، حيث توقع الخبراء أن يكون لذلك الإعصار تأثير سلبي على معدلات الناتج المحلي الأمريكي بشكل عام.
تبين مما سبق أن المناطق التي تأثرت بـ إعصار هارفي تمثل أهمية اقتصادية بالغة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي من المستبعد أن تمر تلك الحادثة مرور الكرام، وقد توقع عدد غير قليل من الخبراء في مجال الاقتصاد انخفاض قراءة الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام بنسبة تتراوح ما بين 0.3% : 1.2% تقريباً وهي نسبة مرتفعة في علم الاقتصاد، بالإضافة إلى تخوف البعض من تأثير ذلك على أسواق البورصة وسعر تداول الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى، علاوة على أن تلك النسبة المقدرة لا تمثل بالضرورة الحد الأقصى للضرر الاقتصادي المحتمل حيث يقول الخبراء أن الأمر في النهاية منوط بطول مدة التعافي من آثار الفيضانات المدمرة واستئناف عملية الإنتاج من جديد وجميعها أمور يصعب التنبأ بها، والنصيحة المقدمة منهم في هذا الصدد هي سرعة ضخ الأموال لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الإعصار لتقليل الأضرار الاقتصادية المحتملة.
احتمالية وقوع كوارث بيئية :
يتوقع بعض العلماء ألا تتوقف خسائر إعصار هارفي -سواء خسائر الأرواح أو الخسائر المادية- عند حد ما تم حصره حتى الآن، بل أنهم حذروا من احتمالية تعرض المناطق التي ضربها الإعصار إلى بعض المخاطر البيئية المتمثلة في انتشار بعض الحشرات والكائنات المفترسة بنسب كبيرة مما يهدد سلامة الأشخاص وينذر بتلقي المزيد من الخسائر.
أكد العلماء أن فيضان هارفي يزيد من احتمالات انتشار أحد أنواع حشرة النمل والمعروف باسم النمل الناري، وهو أحد أنواع النمل اللادغ والذي يعيش داخل مستعمرات عملاقة تبنى في المناطق المفتوحة، وخطورة ذلك النوع من حشرة النمل إنه يلدغ البشر مما يزيد بنسبة كبيرة من احتمالات تفشي الأمراض والأوبئة وسط المقيمين بتلك المناطق، هذا بالإضافة إلى ما يترتب على انتشاره من خسائر مادية نظراً لتغذي ذلك النمل على النبات والمنقولات المنزلية.
أما ثاني المخاطر البيئية التي تهدد السكان المقيمون في محيط المناطق التي ضربها الإعصار هارفي فهي تتمثل في احتمالية انتشار التماسيح المفترسة في محيط المناطق السكنية، حيث أنها -في الأصل- تنتشر بكثافة في سواحل ولاية تكساس، ونتيجة للفيضان فإن تلك التماسيح قد انتقلت إلى محيط المناطق السكنية، حيث أن المياه الضحلة صارت منتشرة في مختلف الشوارع والميادين ويزيد الأمر سوءاً ندرة المصادر الغذائية التي تعتمد عليها تلك التماسيح مما يجعل البشر أهدافاً سهلة ومثالية بالنسبة لها.