حيوان الضبع هو أحد الثدييات المنتشرة حول العالم ويتمركز بشكل أساسي في قارة إفريقيا ومجموعة الدول العربية ومنطقة آسيا الوسطى والجزيرة الهندية، ويتوفر من الضباع أنواع عديدة يتم التمييز بينها على أساس المظهر الخارجي مثل الضباع الرقطاء والضباع المخطط وضباع عسبار وغيرها. وقد عرف حيوان الضبع في الكثير من الثقافات الشعبية بأنه رمزاً للوضاعة والحقارة وكافة الصفات البغيضة، فترى لماذا؟ وهل استحق الضبع تلك الأوصاف أم تراه مظلوماً؟
أسباب اتخاذ حيوان الضبع رمزاً للحقارة والدنو :
يرى علماء الأحياء أن ظاهرة الانقراض قد تطول حيوان الضبع في وقت قريب ويرون أيضاً أن أكثر ما يهدد ذلك الحيوان هي الصورة الذهنية السلبية التي كونها البشر عنه والتي لا تدفعهم للتعاطف معه أو الحرص على حمايته من تلك الخطورة، وقد نتجت تلك الصورة عند عِدة عوامل أبرزها الآتي:
التغذي على الجيف :
من مظاهرة حقارة حيوان الضبع في نظر البشر هو تغذيه على جيف الحيوانات الميتة أو بقايا فرائس الحيوانات الأخرى، مما يضعه في تصنيف الحيوانات القمامة، أما يزيد صورة الضبع سوءاً هو أنه صياد ماهر ولجوئه لتلك الوسيلة في التغذي ترجع فقط إلى الكسل والتراخي.
التهام الأحياء :
من أسباب منح الأسد لقب ملك الغابة هو أنه حيوان نبيل، أي أنه يجهز على فريسته ويقتلها قبل البدء في تناول لحومها، أما حيوان الضبع فهو على النقيض من ذلك أي أنه يوقع بصيده ومن ثم يبدأ في التهامه وهو لا يزال حياً، مما يعني أن أسوأ الفرائس حظاً هي تلك التي تقع بين أنياب الضباع حيث أنها ستعاني وتتألم كثيراً قبل موتها.
منافسة جماعات الضباع :
الكثير من الأنواع في مملكة الحيوان تخرج إلى الصيد في جماعات مثل الأسود والذئاب، إلا أن تلك الحيوانات تعتبر منظمة حيث أنها تتقاسم الغنائم فيما بينها بعد الإيقاع بالفريسة، أما حيوان الضبع يفتقر إلى تلك الصفة ومن أسباب التهام الفرائس وهي لا تزال حية هو أن كل ضبع من المجموعة يحاول الحصول على الكم الأكبر من لحومها قبل أن يلتهما رفيقه.
افتراس البشر :
دراسة التاريخ أوضحت أن الصراع بين الإنسان و حيوان الضبع يرجع إلى حقب تاريخية سحيقة، حيث تم العثور على رسوم ترجع إلى العصر الحجري القديم تصور ذلك الصراع، كما تم العثور على بعض الحفريات المختلط بها روث الضباع مع شعر آدمي.
يرى العلماء أن ضباع الكهوف المنقرضة كانت سبباً في فشل عبور الإنسان من آسيا إلى أمريكا عبر منطقة مضيق بيرينج خلال فترة العصر الجليدي، ويشار إلى أن الصراع بين الإنسان و حيوان الضبع لا يزال مستمراً حتى زمننا المعاصر وقد فقد الكثير من البشر حياتهم بسبب هجمات الضباع خاصة في دول موزامبيق ومالاوي التي تنتشر بها الضباع الرقطاء.
عواء الضباع المُنفر :
قد يرى البعض أن ذلك سبباً واهياً وغير كافٍ لكراهية حيوان الضبع إلا أن الحقيقة أن البشر طالما كونوا صوراً ذهنية عن الحيوانات من خلال أصواتهم، فقد كان تغريد الطيور سبباً رئيسياً في كونهم من الكائنات المحببة إلى الإنسان وكان نعيق الغربان دافعاً لتشاؤم الإنسان منهم.
يوصف عواء الضبع دائماً بأنه قبيح ومزعج وقد تم اعتباره نذير شؤم في الكثير من الثقافات الشعبية، خاصة أن الضباع لا تبدأ في إطلاق العواء إلا بعد مغيب الشمس مما يجعله أكثر وضوحاً ورعباً.
في النهاية تجدر بنا الإشارة إلى أن الضبع من الكائنات التي سخرها الله تعالى للحفاظ على التوازن البيئة، وأن تلك الخصال التي ينفر منها البشر وكانت سبباً في اعتبار حيوان الضبع رمزاً للدناءة والحقارة، كانت سبباً أيضاً في تنظيف البيئة من العظام والجلود والجيف وبقايا فرائس الحيوانات الأخرى، أي أن خصال الضبع كانت سبباً في الوقاية من العديد من الكوارث البيئية.