يحيي الفخراني هو واحد من أبرز وألمع النجوم في سماء الفن العربي، وُلِد في مصر بالسابع من أبريل 1954م وبعد تخرجه من كلية الطب اتجه إلى المجال الفني، قدم أول أدواره التلفزيونية من خلال مسلسل أيام مرح، ومع بداية الثمانينات اعتلى عرش الدراما المصرية بعد تقديمه مسلسل ليالي الحلمية للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ والذي يعد واحد من أهم ثلاثة أعمال درامية في تاريخ الشاشات العربية إلى جانب مسلسل رأفت الهجان ومسلسل لن أعيش في جلباب أبي، ومن ذلك الحين أصبح يحيي الفخراني ملك الدراما المتوج ولم يتزحزح يوماً عن عرشه، ويعد أكثر نجوم التمثيل شعبية في الوطن العربي وفي نظر الكثيرين هو الممثل العربي الأكثر موهبة على الإطلاق.
لماذا يحيي الفخراني هو ملك الدراما المتوج ؟
يحيي الفخراني هو واحد من أفضل الممثلين في تاريخ الدراما العربية ولا جدال في ذلك، ولكن العديد من النقاد يرون أنه الأفضل موهبة على الإطلاق وهذا القول -أيضاً- ليس مبالغاً به بدرجة كبيرة، وذلك للعديد من الأسباب أبرزها الآتي:
تعدد الأنماط الدرامية
تم اختبار موهبة الفنان الكبير يحيي الفخراني عشرات المرات على مدار سنوات نشاطه الفني، حيث أنه من الممثلين القلائل في الوطن العربي المتمردين على مبدأ المنطقة الآمنة، بمعنى أن أغلب فناني الدول العربية حصروا أنفسهم في لون فني محدد، برعوا فيه وتخوفوا من اختبار أنفسهم في ألوان فنية أخرى خشية الفشل.
الحال ليس كذلك بالنسبة لـ يحيي الفخراني الذي حرص منذ يومه الأول على أن يقدم أنماطاً درامية متنوعة، فقد قدم العديد من الأعمال التي يغلب عليه الطابع الكوميدي، كذلك قدم أعمالاً اجتماعية بالغة التعدد، إلى جانب مشاركته في عدد من الأعمال التي تعد مشاهدتها بمثابة دراسة التاريخ مثل ليالي الحلمية ومسلسل شيخ العرب همام، كما لم يخل تاريخ الفخراني من تقديم الأعمال المستوحاه من التراث العربي مثل جحا المصري ومسلسل علي بابا والأربعين حرامي المأخوذ عن قصص ألف ليلة وليلة، وذلك التنوع ساهم بشكل مباشر في مضاعفة شعبية الفخراني؛ إذ أن أعماله جذبت المشاهدين ولبت رغبات القطاع الأكبر منهم.
القدرة على تقمص الشخصيات
ثاني العوامل التي تجعل يحيي الفخراني واحد من أبرز وأروع المواهب التمثيلية في تاريخ الفن العربي، تتمثل في قدرته الفائقة على تقمص الشخصيات التي يؤديها على الشاشة أو على خشبة المسرح، فعلى الرغم من تنوع الأنماط الدرامية التي تنتمي إليها أعمال يحيي الفخراني –كما ذكرنا- إلا أنه تمكن من تقديمهم جميعاً بنفس الدرجة من الإجادة.
يعتمد يحيي الفخراني في تجسيد الشخصيات الدرامية على مبدأ المعايشة، أي أنه يتوحد مع الشخصية ويشعر بمشاعرها، الأمر الذي يجعل أدائه أكثر اتساقاً مع المنطق ويمنحه المصداقية لدى المشاهد، وتاريخ الفخراني الفني يضم عدد كبير من الشخصيات مختلفة الصفات بالغة التعقيد، والتي تمكن من تجسيدها ببراعة، وتعد أغلب الشخصيات التي قدمها يحيي الفخراني علامات مميزة في تاريخ السينما والتلفزيون العربي ومن أمثلة ذلك:
- أبو جودة : إعدام ميت
- هاربرت : الخواجة عبد القادر
- حمادة عزو : يتربى في عزو
- سليم البدري : ليالي الحلمية
- بشر عامر : زيزنيا
- دكتور صلاح : الكيف
- جابر مأمون نصار : للعدالة وجوه كثيرة
القدرة على التجدد
استطاع يحيي الفخراني أن يتربع على عرش الدراما المصرية والعربية لأكثر من عشرين عاماً، على الرغم من معاصرته لمجموعة كبيرة من فطاحل التمثيل في مصر والوطن العربي مثل نور الشريف ومحمود عبدالعزيز ومحمود ياسين، والسر هنا لا يرجع فقط إلى موهبته الفريدة وقدرته الفائقة على تجسيد المختلف الشخصيات الدرامية بقدر ما يرتبط على قدرته على التجديد والبحث عن المناطق الجديدة التي لم تُختبر بها موهبته من قبل.
يمتلك الفخراني تاريخ فني مديد قدم خلاله عشرات الأعمال السينمائية والدرامية، لكنه -على الرغم من ذلك- لا يزال قادر على إبهار المشاهد، وقادر على تطوير أدواته وتقديم شخصيات متنوعة ومختلفة، دليل ذلك آخر أعماله مسلسل ونوس الذي قدمه خلال شهر رمضان الماضي، والذي جسد من خلاله شخصية الشيطان الذي يسعى لإغواء شخص يدعى ياقوت وإضلاله عن طريق الحق، وقد برع الفخراني في تجسيد تلك الشخصية المعقدة وجاء في صدارة استطلاعات الرأي بصفته صاحب أفضل أداء في مسلسلات رمضان 2016م.
الاختيارات الجيدة
يقول كبار النقاد وكبار صُناع الفن السابع في مصر والعالم أن القدرة على إدارة الموهبة في بعض الأحيان تكون أهم من الموهبة ذاتها، والمقصود بذلك أن الموهبة تفقد كثيراً من قيمتها إذا لم تتم إدارتها بذكاء وبراعة وذلك ينطبق على الفنان الكبير يحيي الفخراني الذي يرجع الفضل في نجاحاته المتتالية والمتصاعدة إلى قدرته على إدارة موهبته بشكل جيد.
أهم مظاهر إدارة الفخراني لموهبته ببراعة وذكاء هي قدرته على انتقاء الشخصيات التي يجسدها وكذلك الأعمال التي يُقدمها، فهو يرفض مبدأ التواجد لمجرد التواجد رفضاً تاماً وقاطعاً، دليل ذلك أنه لم يشارك في العديد من المواسم الدرامية بسبب عدم عثوره على النص الجيد الذي يضيف نجاحاً جديداً إلى رصيده، ولذلك استحق عن جدارة المكانة التي بلغها، كما أن النسبة الغالبة من الأعمال التي قدمها يحيي الفخراني في السينما والتلفزيون وكذلك المسرح تعد من العلامات البارزة في تاريخ كل منهم، ومن أمثلة تلك الأعمال المحفورة في ذاكرة الجماهير ما يلي:
- مسرحية راقصة قطاع عام
- مسرحية الملك لير
- فيلم إعدام ميت
- فيلم خرج ولم يعد
- فيلم الكيف
- فيلم عنبر الموت
- فيلم مبروك وبلبل
- مسلسل صيام صيام
- مسلسل لا
- مسلسل ليالي الحلمية
- مسلسل أبنائي الأعزاء شكراً
- مسلسل للعدالة وجوه كثيرة
بعض الأعمال التي قدمها الفخراني مضى عليها أكثر من عشرين عاماً وعلى الرغم من ذلك لا يزال يذكرها الجمهور، ولا تزال حتى اليوم تحقق نسب مشاهدة مرتفعة على مواقع الإنترنت وتنتشر مقاطع منها على مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة، وهو دليل قاطع على جودتها وخلودها في أذهان المشاهدين.
الفريق المُساند
في سياق الحديث عن قدرة يحيي الفخراني على إدارة موهبته، تجدر بنا الإشارة إلى أن أحد أهم أسبابه نجاح الفخراني وحفاظه على مكانته لسنوات طويلة، هو أنه لم يستغل يوماً كونه نجم العمل ولم يسع بأي شكل إلى الانفراد بالشاشة والاستحواذ على الكاميرا كما يفعل بعض أنصاف الموهوبين، بل أن الفخراني كان على قدر من الذكاء ليعي أن الجماهير تنظر إلى العمل الفني نظرة شاملة، وأن العمل الفني الجيد هو ذلك العمل الذي يحتوي على أكبر قدر من العناصر المميزة.
اهتم الفخراني طوال حياته الفنية على التعاون مع مجموعة من كبار المؤلفين والمخرجين في مصر والوطن العربي، كذلك فريق التمثيل المساند كان يتم اختياره بعناية فائقة، ولم يرفض الوقوف داخل كادر واحد أمام كبار الممثلين دون أن يخشى من المقارنة بينهما، فتعاون مع خلال مسيرته مع صلاح السعدني في ملحمة ليالي الحلمية وشارك محمود عبد العزيز بطولة أكثر من فيلم، وفي بداية مسيرته وقف أمام فريد شوقي وعبد المنعم مبدولي وغيرهم، أما خلال السنوات الأخيرة فقد اهتم الفخراني بمنح الفرص للمواهب الشابة.
يُحسب لـ يحيي الفخراني أنه نجم الصف الأول الوحيد الذي قد تمضي حلقة كاملة من مسلسله لا يظهر ضمن أحداثها ألا لفترات قليلة، مثال ذلك مسلسلات ليالي الحلمية وزيزنيا وونوس، فالفخراني يدرك أن الدراما هي البطل الحقيقي للعمل هي ما يجذب المشاهد ويحقق متعته، وإن كان غيابه عن الشاشة يُفيد السياق الدرامي فلا يتردد في قبول ذلك، لهذا استحق المكانة التي بلغها وكانت أعماله علامات فارقة في تاريخ الدراما العربية.