توتر الامتحانات هو الشبح الذي يطارد كل طالب، حيث أنه يتسبب في إهدار كامل المجهود الذي بذله في الاستذكار والاستعداد للامتحانات، حيث تؤكد الإحصاءات أن نتائج النسبة الغالبة من الطلاب تُظهر تفاوتاً ملحوظاً بين ما يُحصلونه في الاختبارات التجريبية والاختبارات الفعلية، والسر في ذلك يعود إلى توتر الامتحانات الذي يصيبهم لحظة الدخول إلى قاعة الامتحان الفعلي واستلام ورقة الاسئلة.. فترى لماذا يصاب الطلبة بتلك الحالة من التوتر والقلق؟ وما العوامل المُسببة لها وكيف يمكن التغلب عليها وبالتالي تفادي أثرها السلبي؟
أسباب توتر الامتحانات وكيفية التخلص منه :
تناول علماء النفس ظاهرة توتر الامتحانات بالتحليل والدراسة وحددوا مجموعة من العوامل رأوا أنها تمثل المُسبب الرئيسي لتلك لحالة القلق والتوتر التي تصيب الطالب عند دخوله قاعة الامتحانات، وبالتالي تؤثر بصورة سلبية على قدرته على إنجاز المطلوب منه وتحصيل مجموع درجات أكبر، وتلك العوامل تتمثل في الآتي:
عشوائية الإجابة وعدم تنظيم الوقت :
يرى الخبراء أن العشوائية في الإجابة على الأسئلة من العوامل الرئيسية المسببة لـ توتر الامتحانات ،حيث أن كثيراً ما يستغرق الطالب وقتاً طويلاً في الإجابة على بعض الاسئلة، ثم ينتبه إلى أن الوقت المتبقي أمامه على زمن الامتحان قد لا يكون كافياً للإجابة على الأسئلة الأخرى، والنتيجة الطبيعية لذلك الإصابة بحالة من التوتر والارتباك والتسرُع مما يزيد من احتمالات الإجابة بشكل خاطئ أو منقوص.
لذلك أولى قواعد التغلب على توتر الامتحانات هي العمل على تقسيم الوقت فور دخول قاعة الامتحان واستلام ورقة الأسئلة، حيث يُنصح بإحصاء عدد الاسئلة أولاً ثم تحديد الزمن التقريبي الذي ستستغرقه الإجابة على كل منها، وهذه العملية الحسابية بسيطة ولن تتطلب وقتاً أو جهداً، كما يُنصح بعدم ضرورة الالتزام بالترتيب الذي جاءت به الاسئلة، بل يمكن البدء بالاسئلة المقالية أو المعقدة والتي تستغرق الإجابة عليها وقتاً أطول وترك الوقت المتبقي من زمن الامتحان للأسئلة الأبسط.
إهدار الطاقة :
يسيطر توتر الامتحانات على الطالب داخل قاعة الامتحان حين يُنهك ذهنه في التفكير بمجموعة الاسئلة الصعبة أو التي يجهل إجابتها، حيث أن كل طالب على اختلاف مستواه في التعليم لا يمكنه الإجابة على كافة الاسئلة بنفس الدرجة من الإجادة، وعند مطالعة ورقة الأسئلة للوهلة الأولى حتماً سيجد مجموعة سهلة بالنسبة له ومجموعة أخرى مُرهقة ذهنياً وتتطلب تفكيراً طويلاً أو أنه لا يتذكر إجابتها بصورة كاملة.
في تلك الحالة يفضل البدء في الاسئلة اليسيرة أو التي على يقين من صحة إجابتها، وبعد الانتهاء يمكن العودة إلى الاسئلة الأخرى والاجتهاد في إجابتها، أما التوقف أمام الاسئلة الصعبة سينتج عنه التعرض إلى توتر الامتحانات وبالتالي إهدار الوقت والجهد، وقد يصل الأمر إلى حد التعرض إلى نوبة من الاكتئاب وحالة من تشتت التركيز ينتج عنها الفشل في الإجابة على كافة الاسئلة بصورة صحيحة.
إهمال تمارين الاسترخاء :
ينظر البعض إلى تمارين الاسترخاء على أنها أحد أشكال الترف والرفاهية غير الضرورية، لكن العلم الحديث أثبت فاعليتها في تهدئة الأعصاب وإزالة مشاعر التوتر والضغوط، كما أن هذه التمارين ليست معقدة ولا تحتاج وقتاً طويلاً أو اتخاذ أوضاع معينة مثل ممارسات اليوجا مثلاً، بل هناك تمارين أخرى مُبسطة مثل التنفس المنتظم أو التخيل الإيجابي وغيرها من التمارين التي يمكن التعرف عليها من خلال الإنترنت.
حاول القيام بواحد أو أكثر من هذه التمارين خلال الدقائق الأولى من دخولك إلى قاعة الامتحانات، حيث سيساهم ذلك في إزالة أي مشاعر سلبية وسيساعدك على استجماع قواك والتغلب على توتر الامتحانات ، كما يؤكد الخبراء أن تمارين الاسترخاء من العوامل التي تساهم في تنشيط الذاكرة.
قلة النوم :
يطيل بعض الطلبة فترة السهر في الليالي التي تسبق الامتحانات بهدف المراجعة النهائية، إلا أن الأطباء أكدوا أن هذا السلوك من مُسببات توتر الامتحانات ،حيث أن الطالب كي يتمكن من الإجابة بالصورة الصحيحة لابد أن يكون صافي الذهن وفي قمة تركيزه، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال النوم العميق والحصول على قدر كافي من الراحة، لذلك يُنصح بإنجاز عملية الاستذكار خلال الأسابيع التي تسبق الامتحانات الدراسية، وتخصيص اليوم الذي يسبق الامتحان مباشرة لعملية المراجعة على أن يتم الانتهاء منها في وقت مبكر يسمح بالخلود إلى النوم مبكراً والحصول على قدر وفير من الراحة.
الانشغال بالآخرين :
أثبت علم الطاقة الحيوية أن المشاعر مُعدية سواء كانت مشاعر إيجابية أو سلبية، مما يعني أن تواجد الشخص في محيط مشحون بطاقة سلبية سيتأثر بها، وهذا ما يفسر تعرض الطالب المتفوق في بعض الأحيان إلى حالة من توتر الامتحانات رغم أن ذلك يتعارض -في ظاهره- مع المنطق.. ارجع العلماء ذلك إلى عدوى التوتر التي تنتقل إليه من الطلبة المتواجدون في محيطه.
لذلك على الطالب أن يصب كامل تركيزه على الامتحان وألا ينشغل بالمحيطين به، سواء كانوا يبدون انزعاجاً من صعوبة الامتحان أو يطلبون منه المساعدة، فلتفادي توتر الامتحانات لابد من التركيز على الاسئلة ومراقبة معدل الإجابة وتجاهل أي شىء آخر يدور في محيطه طالما لا يخصه.
التسرُع والحماس المفرط :
الحماس من الأمور الحميدة والتي تُحفز الطلبة لإنجاز المهام المطلوبة منهم، لكن إذا كان ذلك الحامس مفرط قد يؤدي إلى التسرع والاندفاع، وفي تلك الحالة تنتج عنه آثار عكسية إذ يتسبب في إصابة الطالبة بحالة من توتر الامتحانات وتشتت التركيز ومن ثم العجز عن الوصول إلى الإجابة الصحيحة أو على أقل تقدير تدوين إجابات منقوصة وغير مكتملة.
لاحظ الخبراء أن بعض الطلبة وخاصة المتفوقين يمتلكهم شعور زائد بالثقة، يدفعهم ذلك إلى الاندفاع إلى تدوين الإجابة مباشرة فور استلام ورقة الاسئلة دون قراءة التعليمات المدونة عليها بشىء من التروي، نتيجة لذلك عادة ما ينتبهون في منتصف الوقت أنهم قد أغفلوا شيئاً أو خلطوا بين المعلومات وقاموا بتدوينها في غير موضعها، وفي تلك الحالة يكون عليهم إعادة الإجابة أو الإضافة إليها فيصيبهم ذلك بحالة من التوتر تجعل من الصعب استكمال الامتحان بنفس مستوى التركيز أو الإجادة.
توقع الأسوأ :
لابد من الإشارة إلى أن التوتر يُمكن وصفه بالشعور التراكمي، بمعنى أن الشعور بشىء من التوتر يدوم لفترة حتى بعد زوال السبب الناتج عنه، نتبين من ذلك أن توتر الامتحانات قد لا يكون ناتجاً عن الامتحان نفسه أو مدى صعوبته، بل قد يكون ناتج عن الانفعال الزائد الذي أصاب الطالب قبل أو أثناء التوجه إلى لجنة الامتحان.
كشفت بعض الدراسات الإحصائية أن حالة التوتر التي تسيطر على الطالب تكون ناتجة عن مجموعة تخوفات، مثل اعتقاده بأن الامتحان سيكون صعباً أو أنه سيعلق بالطريق وسيصل إلى مقر الامتحان متأخراً أو غير ذلك من الظنون، لذا لابد من التخلص من تلك الوساوس عن طريق اتخاذ التدابير اللازمة، مثل الاستعداد الجيد والتوجه إلى قاعة الامتحان في وقت مبكر، مع الاستعانة بالله وأداء الصلاة حيث أن الممارسات الروحانية تساعد على تهدئة النفس وتصرف عنها تلك الأفكار الخبيثة التي تبث الخوف والقلق وتؤثر على مستوى أداء الطالب.