مسلسل الموتى السائرون The Walking Dead هو أحد أنجح العروض التلفزيونية التي تم طرحها خلال الألفية الحالية، بدأ عرض المسلسل في عام 2010م على قنوات AMC وتم تقديم ستة مواسم منه حتى الآن، تشير الإحصاءات أن نسب مشاهدة الموتى السائرون في تزايد مستمر، فحين تم عرض الموسم الأول منه قُدِر عدد متابعيه بحوالي 5.24 مليون مشاهد، ومع بدأ عرض الموسم الثالث تضاعف الرقم إلى 10 ملايين مشاهد، ومع بداية عرض الجزء الحالي أي السادس تعدى عدد مشاهدي المسلسل حاجز الـ 14 مليون مشاهد.. تدور أحداث المسلسل حول جماعة من البشر تحاول النجاة بنفسها بعد نهاية العالم بظهور مجموعات من الزومبي، مبتكر المسلسل ومطوره هو الكاتب فرانك دارابونت ومن بطولة أندرو لينكولن وسارة واين كاليس ونورمان ريجز ولورين كوهان.
لماذا نجح مسلسل الموتى السائرون :
حظي مسلسل الموتى السائرون The walking Dead بنسب متابعة مرتفعة ابتداءً من عام 2010م، ومع كل موسم جديد يتم تقديمه منه تتضاعف شعبيته وترتفع معدلات مشاهدته بصورة أكبر، ويرى النقاد أنه استحق عن جدارة النجاح الذي حققه، وذلك بسبب ما توفر به من عوامل كفلت له التميز ومن أهمها الآتي:
كل شىء متوقع :
من أسباب انجذاب المشاهد إلى أحداث الموتى السائرون عدم قدرته على توقعها أو التكهن بالآتي، فقد أثبت صُناع المسلسل من الموسم الأول أنهم غير ملتزمون بأي من القواعد الدرامية المعمول بها، وعلى رأسها: الشخصيات الرئيسية تنجو دائماً وتبقى حتى النهاية.
الموت سمة رئيسية في أحداث الموتى السائرون وفي أي لحظة من المتوقع أن نفقد أي من الشخصيات، وقد برهن مبتكر ومطور المسلسل فرانك دارابونت على ذلك بقتلهم لشخصيتين رئيسيتين في وقت مبكر نسبياً من الأحداث، هما شخصية شاين والش التي جسدها جون بيرنثال، وكذلك شخصية لوري هولدين التي جسدتها بطلة بريزون بريك النجمة سارة واين كاليس، بجانب أن هناك بعض التسريبات تشير إلى احتمال وفاة بطل المسلسل ريك جرايمز الذي يجسده أندرو لينكولن، فصناع هذا العمل قاعدتهم الرئيسية هي أن بطل العمل الحقيقي هو أحداثه وليس مُمثليه.
مختلف عن مسلسلات الكوميكس :
مسلسل الموتى السائرون هو أحد المسلسلات التلفزيونية المستوحاة من كتب الكوميكس أو القصص المصورة، وتم عرضه بالتزامن مع عِدة أعمال أخرى من نفس النوع، منها مسلسل السهم ومسلسل فلاش بجانب مجموعة المسلسلات المستوحاة من عالم مارفل والتي تم إنتاجها من قبل نتفليكس Netflix.
إلا أن الموتى السائرون تمكن من المنافسة وتحقيق النجاح وحظى بنسبة متابعة مرتفعة، وذلك يرجع إلى تميزه واختلاف قصته عن كافة الأعمال الأخرى التي عرضت بالتزامن معه، فالمسلسل رغم أنه مأخوذ عن القصص المصورة إلا أنه لا يدور حول مغامرات أحد الأبطال الخارقين وصراعاته مع قوى الشر، بل أنه يرصد رحلة مجموعة من البشر لا يحاولون تحقيق عدالة ولا إرساء سلام، فكل مهمتهم هي النجاة بأنفسهم في عالم ساده الجنون وتفشى فيه مرض خبيت يحول الموتى إلى وحوش زومبي.
غياب المثالية :
من أسباب نجاح قصة الموتى السائرون هو عدم وجود أي شخصية مثالية ضمن أحداثه، فأغلب أفلام السينما التي دارت أحداثها حول ظهور الزومبي كان بطلها شخص مثالي، لا يتخلى عن الآخرون ويسعى لإنقاذ الجميع وإن ضحى بحياته في سبيل ذلك، لكن أحداث الموتى السائرون وإن كانت خيالية بالكامل إلا إنها تتسق مع المنطق الدرامي وتحمل القدر الأدنى مع المعقولية.
الهدف الأول لأبطال المسلسل هو النجاة بحياتهم ومن ثم من غير المنطقي أن نشاهد أحدهم يضحي بنفسه من أجل المجموعة، وإن حدث ذلك فقد كان في حالات نادرة كانت الشخصية فيها قد أصيبت بالفعل وأيقنت من الهلاك.. المسلسل كامل شخصياته تتسم بالتعقيد النفسي، وهذا زادها عمقاً وواقعية وجعل المشاهد يتعلق بها ويتفاعل معها بصورة أكبر.
الشر الأكبر نابع من البشر :
من السقطات التي وقعت بها مختلف الأعمال التي تدور أحداثها حول اجتياح مجموعات الزومبي للمدن، هو أنهم يجعلون من هذه الكائنات المتوحشة خصماً رئيسياً لأبطال العمل، لكن في مسلسل الموتى السائرون الأمر مختلف، فنحن نشاهد مجموعات الزومبي هنا كأثر جانبي كانوا فقط سبب في انتشار الفوضى وتدمير المؤسسات وغياب القانون، وفي ظل ذلك تظهر طبيعة النفس البشرية الحقيقية التي تتسم بالغوغائية والتسلط.
ففي أغلب مواسم الموتى السائرون كان الخصم الرئيسي للأبطال من البشر وليس من الزومبي، وابتداء من الموسم الرابع بدأ هذا النوع من الخصوم يستوحذ على النسبة الأكبر من الأحداث بظهور شخصية الحاكم فيليب بليك التي جسدها ديفيد موريسي، وتكرر الأمر في الجزء الخامس بظهور جماعة القتلى آكلة لحوم البشر، وفي الجزء السادس ظهر الخصم الجديد وهو نيجان الذي يقود عصبة من اللصوص ويختطف البشر.
المأساة :
دائماً ما كانت المأساة في الأعمال الدرامية والأدبية من أسباب انجذاب المتلقي إلى العمل الفني، وهذا ينطبق كذلك على القصص الخيالية أو المقتبسة عن الكتب المصورة، وهو ما يفسر لماذا شخصية باتمان هي الأكثر شعبية؟.. فما يفرقه عن باقي الأبطال خلفيته المأساوية التي دفعت المتلقي إلى التعاطف معه ومن ثم التوحد مع الأحداث.
صُناع مسلسل الموتى السائرون انتبهوا لهذه الحقيقة، وفي سبيل الاستفادة منها لم يكتفوا بمأساة واحدة، بل أن حلقات المسلسل شهدت العديد من المآسي والأحداث المؤثرة، فتقريباً لا توجد شخصية في العمل لم تفقد أحد الشخصيات المقربة إليها، وقد برع مخرجي الحلقات في تصوير معاناة الشخصيات خلال رحلتهم، كما برع الممثلين في تجسيد تلك المشاعر على الشاشة مما زاد من تعاطف المشاهد وتوحده معهم، فمتابع مواسم مسلسل الموتى السائرون يشعرون كأنه أحد أفراد طاقم ريك الذي يطوف معه أرجاء الأرض محاولاً النجاة بنفسه.
التطور والتصاعد :
كانت أحداث الموتى السائرون ستتسم بدرجة كبيرة من الرتابة والملل لو أنها اقتصرت على تصوير المعارك والصراعات التي يخوضها مجموعة من البشر في مواجهة وحوش الزومبي.. لكن صناع المسلسل تفادوا ذلك الخطأ الذي سقط به أغلب صناع الأفلام التي دارت أحداثها في عالم مشابه، فأحداث المسلسل جاءت متنوعة ومتصاعدة تختلف من حلقة لأخرى ومن موسم لآخر.
ففي كل موسم تختفي شخصيات وتظهر شخصيات جديدة ويتفجر العديد من الصراعات الجديدة، سواء صراعات مجموعة ريك ضد الخصم الرئيسي، أو صراعات داخلية بين أفراد المجموعة وبعضهم البعض.. حافظ المؤلفين على وتيرة الأحداث وتصاعدها وبعدوا بها عن الملل والرتابة والنمطية، ويعد ذلك أحد الأسباب الرئيسية لتحقيق الموتى السائرون لهذا النجاح الكبير.
تقنيات الخدع البصرية :
في النهاية لا يمكن الحديث عن أي فيلم أو مسلسل ينتمي إلى نوع التشويق أو الرعب دون الحديث عن تقنيات الخدع البصرية، كونها تعد من الركائز الرئيسية التي يقوم عليها هذا النوع من الأعمال، وفي الحقيقة كانت هذه الخدع من أسباب نجاح مسلسل الموتى السائرون وتحقيقه لنسب مشاهدة مرتفعة.
المسلسل تدور أحداثه في عالم خيالي بعدما سادت العالم الفوضى وظهرت جماعات من الزومبي قضت على الأخضر واليابس، لهذا فقد تم تصوير اغلب المشاهد باستخدام الكروما وكافة الديكورات التي ظهرت به كانت خيالية بالكامل، تم تنفيذها باستخدام برامج الجرافيك ولكنها كانت احترافية تماماً وبدت واقعية لأقصى درجة، كذلك كان المكياج من العناصر الرئيسية التي ساهمت في نجاح المسلسل، فقد ظهرت آثار الجروح والإصابات واقعية بدرجة كبيرة، والأهم المكياج الذي حول مجموعات الكومبارس إلى وحوش زومبي مفترسة.