حادث غرق سفينة تيتانيك عند دراسة التاريخ سنجده مصنف ضمن أحد أفظع الكوارث التي شهدتها البشرية، ذلك لسببين أولهما إن نتيجة لهذا الحادث لقي 1500 شخص حتفه ما بين مسافرين وعمال كانوا على متن الباخرة العملاقة، وكذلك لإن نبأ غرق سفينة تيتانيك شكل صدمة قوية للرأي العام العالمي والبريطاني على وجه الخصوص. السفينة RMS TITANIC صممت ونفذت من خلال ويليام بيري مالك شركة هارلاند آند وولف الإيرلندنية، وقد غرقت السفينة في أبريل 1912م أثناء رحلتها ما بين مدينتي ساوثهامبتون الإنجليزية ونيويورك الأمريكية. ألهم حادث تيتانيك العديد من الفنانيين الذين استلهموا منه قصص أعمالهم، ومن أبرزها فيلم تيتانيك الذي طرح بدور السينما في 1997م وهو من إخراج جيمس كاميرون مخرج فيلم أفاتار، وكذلك مسلسلين تلفزيونين بنفس الاسم عرضا في 1996م و2012م، أما أول الأعمال التي تناولت الحادثة فقد كان الفيلم القصير Saved from the titanic والذي تم تصويره بعد الحادث بشهر واحد ولعبت بطولته الممثلة دروثي جيبسون وهي إحدى الناجيات من حادث الغرق.
أسباب شهرة غرق سفينة تيتانيك :
ليس عدد الضحايا وحده هو ما ساهم في شهرة حادث غرق سفينة تيتانيك إلى هذا الحد، بل هناك العديد من العوامل أو المفارقات الغريبة نوعاً ما التي صاحبت هذا الحادث فساهمت في شهرته تاريخياً.
30 ثانية سببت الكارثة :
يعد غرق تيتانيك أحد أكبر الكوارث التي شهدتها البشرية ومن المفارقات إن تلك الكارثة قد وقعت بسبب تأخر مدته ثلاثون ثانية فقط، هي المدة الفاصلة ما بين اكتشاف وجود جبل جليدي وسط المحيط واتخاذ الربان لقرار تغيير مسار سفينة تيتانيك ،ولولا ذلك لكانت زاوية سير السفينة انحرفت بالقدر الكافي لمرورها بسلام دون الاحتكاك بالجبل، ولنجت تلك الأرواح التي لقيت حتفها غرقاً وتجمداً في قاع المحيط.
الحادث الوحيد من نوعه :
من أسباب شهرة سفينة تيتانيك وحادثة غرقها هو إن ذلك الحادث يعد الوحيد من نوعه في تاريخ الملاحة البحرية، حيث إن تيتانيك هي السفينة الوحيدة التي غرقت نتيجة اصطدام هيكلها بكتلة جليدية في وسط المحيط. هذه المفارقة كانت من الأسباب المباشرة التي ضاعفت من شهرة حادث غرق تيتانيك، ودفع البعض للقول بإن الأشخاص الذين كانوا على متنها هم أصحاب أسوأ حظ في التاريخ.
المغالاة في إمكانيات سفينة تيتانيك :
من الأمور التي خلدت حادث غرق سفينة تيتانيك وأدت إلى مضاعفة صدمة تعرضها للغرق، هو إن من قاموا بتصميمها والترويج إلى رحلاتها وصفوها بإنها السفينة التي من المستحيل أن تغرق، فقد بالغوا في وصف قدرات السفينة وقواها والآلات المستخدمة في تشغيلها ومدى صلابتها ومتانتها وغير ذلك، حتى إنهم قاموا بإصدار جريدة مستقلة خاصة بأخبار السفينة ونشر تقارير عنها بهدف الترويج لها، حملت تلك الصحيفة اسم ذا اتلانتيك ديلي بوليتين أو The Atlantic Daily Bulletin. هذا كله خلق صورة ذهنية لدى الرأي العام بأنهم أمام سفينة خارقة للطبيعة فكان نبأ غرقها بمثابة صدمة يصعب تصديقها. صحيح إن مصممو السفينة قد اتخذوا التدابير اللازمة لحمايتها وجعلها أقوى من السفن البحرية الأخرى في ذلك الوقت، لكن حديثهم عن قدراتها اتسم بالمبالغة وكان بعيد تماماً عن المنطق.
الغرور والإهمال :
يقدم حادث غرق سفينة تيتانيك درساً قاسياً لكل صاحب عمل أو مشرف مصاب بداء الإهمال أو الغرور، فقد أشارت العديد من المصادر إن قبل قيام تيتانيك برحلتها كان هناك تدريب للعاملين على متن السفينة حول كيفية استخدام قوارب الإنقاذ، وكيف يمكنهم توجيه راكبي السفينة نحوها وإدخالهم إليها. إلا إن ذلك التدريب قد ألغي في اللحظات الأخيرة بسبب ضيق الوقت، ولأن الشخص المسئول رأى إن وجود قوارب إنقاذ على متن تيتانيك هو مجرد أمر روتيني تفرضه اللوائح وقوانين الملاحة البحرية لكن من المستبعد أن يتم استخدامها، نظراً لأن سفينة تيتانيك هي السفينة التي لا تغرق!
نتيجة لذلك فإن ثلث ركاب تيتانيك هم فقط من تمكنوا من القفز إلى قوارب النجاة المتوفرة عليها، في حين إن الإحصاءات تؤكد إن القوارب المتوفرة كانت تتسع لأكثر من نصفهم.