الخيال العلمي هو أحد أنواع الفن الأدبي الذي يعتمد بصورة رئيسية على عالم خيالي أو كون موازي وتكون حبكته قائمة على فرضيات بعيدة عن الواقع، بدأ الخيال العلمي من خلال الأدب المقروء ومنه انتقل إلى صناعة السينما خاصة بعد ما شهدته من تطور كبير في تقنيات الخدع البصرية وتقنيات العرض السينمائي مثل تقنية الثري دي 3D. يرى البعض إن الاتجاه لهذا النوع من الفن هو فقط بهدف استغلال ذلك التطور التقني في تقديم مجموعة أفلام تعتمد على الإثارة والتشويق بغض النظر عن المحتوى الفعلي الذي تتضمنه، لكن النقاد والمحللين السينمائيين كان لهم رأياً آخر واعتبروا الخيال العلمي من الأنواع الأدبية والفنية الرئيسية ولا يقل أهمية أو رقياً عن أي منها.
لماذا اتجه السينمائيون إلى الخيال العلمي :
يوفر الخيال العلمي للمبدع العديد من المزايا والخيرات هي ما ساهمت في الاتجاه إلى تقديم عدد أكبر من الأعمال المنتمية لهذا النمط الإبداعي، فهم لا ينظرون له كعمل فني بعيد عن الواقع إنما هو يقدم واقع افتراضي أو موازي يمكنهم من خلال مناقشة واقعهم وتحليله، ومن أهم العوامل الميزة لهذا اللون الفني ما يلي:
الخيال المطلق :
من مميزات الخيال العلمي بالنسبة لأي أديب أو أي من صناع السينما هو إنه يمنحهم حرية مطلقة في الإبداع، فهذا النوع الأدبي يكون متحرراً بشكل تام من كافة قيود المنطق والمعقولية والعالم المادي المحسوس، يمكن للأديب هنا اختلاق عالمه الخاص بشخصياته وأماكنه وصراعاته، فالأماكن من الممكن أن تكون في الفضاء الخارجي أو بمواقع غير معلومة أو لا وجود لها في الواقع والشخصيات قد تكون بشراً أو كائنات غرائبية أو وحوش وغير ذلك، والأمثلة على هذا عديدة وتعود بدايتها إلى وقت مبكر من التاريخ، فعلى سبيل المثال الميثولوجيا اليونانية القديمة تعد أحد أوجه أدب الخيال العلمي
الإسقاط السياسي وتوقع المستقبل :
لجأ بعض المبدعين إلى الخيال العلمي كي تكون لهم مطلق الحرية في مناقشة أية قضايا أو سياسات، خاصة وإنهم يتحدثون عن عالم افتراضي وبالتالي لا يؤخذ علهيم شىء مما يحتويه عملهم الفني، مثال ذلك رواية 1984م للكاتب جورج أورويل والذي تحدث فيها عن نظام قمعي مستبد يتلاعب بالجماهير، الرواية صدرت في عام 1949 أي أن أحداثها كانت تدور في خط زمني مستقبلي تخيلي، حيث حاول الكاتب من خلاله توقيع ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل نتيجة الاستبداد السياسي بالبلاد. من أمثلة هذا النمط من الأعمال في الدول العربية فيلم دكان شحاتة للمخرج خالد يوسف، فالفيلم تم إنتاجه في عام 2009 إلا إن أحداثه بدأت في وقت لاحق على ذلك بمشاهد تصور ثورة الشعب ونزول الجيش إلى شوارع مصر وهو ما تحقق بالفعل في العام التالي مباشرة باندلاع ثورة 25 يناير.
طرح الأسئلة ومناقشة القضايا :
من مميزات أدب الخيال العلمي إنه يتيح الفرصة أمام الأديب أو السينمائي لاستحداث صراعات من نوع آخر، يمكنه من خلالها مناقشة أية قضايا أو طرح أية أفكار يرغب بها، يعد المخرج العالمي كريستوفر نولان أحد المخرجين الذين برعوا في سينما الخيال العلمي ومن خلالها ناقش العديد من القضايا الفلسفية وغاص في أعماق النفس البشرية، مثال ذلك فيلمه استهلال Inception وفيلم بين النجوم Interstellar الذان أحدثا ضجة كبيرة عند عرضهما. الأمر نفسه حققه المخرج جيمس كاميرون من خلال أسطورته الخالدة فيلم أفاتار والذي توقع من خلاله مستقبل كوكب الأرض بعد استنزاف ثرواته على أيدي البشر.
خصوم من نوع آخر :
الخيال العلمي يتيح فرصة رصد وعرض صراعات من نوع آخر، بعيداً عن الصراعات التقليدية والأبدية بين البشر، بل يمكن في هذا النوع من الأنواع الدرامية تصوير مواقع أحداث وشخصيات متباينة وبالتالي صراعات من نوع آخر، مثل صراعات الإنسان مع كائنات من عوالم أخرى كما هو الحال بأفلام يوم الاستقلال أو أفاتار وغيرها، كذلك يمكن أن يكون الصراع بين الإنسان والآلة كما حدث في ثلاثية ماتريكس الشهيرة. هذا يتيح للمبدع إمكانية طرح المزيد من الأسئلة أو مناقشة قضايا فلسفية أعمق بشكل مبتكر وممتع أكثر، حيث يتم إسقاط القضايا الواقعية على عوالم افتراضية ومناقشتها من خلالها.