الدراما المصرية هي الأوسع انتشاراً والأكثر مشاهدة في العالم العربي بأكمله، وبالتأكيد الأمر لا يتعلق بالمستوى الإبداعي وحده؛ فالإبداع ليس حكراً على المصريين وحدهم ودليل ذلك الإنتاج المتميز للدراما السورية واللبنانية، ولكن في النهاية تبقى الدراما المصرية في الصدارة وخارج المنافسة ومنذ عقود طويلة وحتى اليوم تحقق أعلى نسبة مشاهدة في المواسم الرمضانية بالوطن العربي. فترى لماذا؟ وما العوامل التي كفلت لها التميز والتفوق؟
أسباب انتشار الدراما المصرية بالوطن العربي :
النقاد والمحللين عدَدوا العوامل التي ميزّت الدراما المصرية عن غيرها، وكانت سبباً في انتشارها وتحقيقها لأعلى نسب مشاهدة في الوطن العربي، وتلك العوامل يُمكن إيجازها في الآتي:
1- شيوع اللهجة المصرية :
أول العوامل الرئيسية التي ساهمت في انتشار الدراما المصرية في كافة الدول العربية يتمثل في اللهجة المصرية، والتي من مميزاتها هو سهولة ألفاظها واعتياد الشعب العربي بأكمله عليها، ومن ثم فأيا كانت جنسية المشاهد العربي فإنه يسهل عليه فهم الحوار الدرامي ومن ثم التعرف على أحداث المسلسل والتعايش معها، وتأتي في المرتبة الثانية من حيث الشيوع اللهجة اللبنانية أو الشامية خاصة وإنها تستخدم بكثرة في دبلجة المسلسلات التركية أو المسلسلات الهندية. بينما اللهجات العربية الأخرى مثل الخليجية أو لهجات دول المغرب العربي مثل تونس والجزائر والمغرب فهي لهجات محلية، يصعب على غير المتحدثين بها فهمها بسهولة ولهذا لم تلق أعمالهم الدرامية نفس الدرجة من الانتشار، والأمر نفسه ينطبق على صناعة السينما بفضل اللهجة صارت الأفلام السينمائية المصرية هي الأوسع انتشاراً بالوطن العربي.
2- التنوع الدرامي :
العامل الثاني الذي ساهم في انتشار الدراما المصرية بالوطن العربي ككل هو عامل فني يتمثل في تنوع الإنتاج الدرامي المصري، فإن نظرنا إلى الإنتاج الفني الخليجي -على سبيل المثال- سنجد إنه يقتصر تقريباً على المسلسلات الكوميدية المرحة وقليل من المسلسلات الاجتماعية، أما المسلسلات السورية وهي منافس الدراما المصرية الأقوى فأغلب إنتاجها من المسلسلات التاريخية والملحمية. أما المسلسلات المصرية برغم تراجع مستواها الفني في بعض المواسم إلا إنها تبقى الأكثر تنوعاً، فهي تقدم المسلسلات الكوميدية والتراجيدية وبالسنوات القليلة الماضية جزء كبير من الإنتاج الدرامي المصري كان من مسلسلات الإثارة والتشويق، وذلك التنوع جعلها مُرضية لكافة الأذواق وبالتالي زادت شعبيتها وتضاعفت أعداد مُتابعيها.
3- شعبية النجوم المصريين :
بالتأكيد شعبية النجوم المشاركين في أي عمل فني من العوامل الرئيسية التي تساهم في نجاحه وانتشاره، ومن أسباب شيوع وانتشار الدراما المصرية هو الشعبية الطاغية التي يتمتع بها نجوم مصر في كافة بلدان الوطن العربي، حتى إن بعض هؤلاء النجوم جماهيريتهم في الوطن العربي تفوق جماهيريتهم في مصر مثل عادل إمام ويحيي الفخراني ويسرا ومحمود عبد العزيز وغيرهم، وقد امتد الأمر لجيل الشباب فنجوم مثل أحمد السقا وكريم عبدالعزيز وعمرو يوسف قد تمكنوا من تحقيق جماهيرية مماثلة. وتلك الشعبية في الأساس قد تكونت نتيجة تكرار عرض أعمالهم بالقنوات التلفزيونية للدول الأخرى حتى قبل انتشار القنوات الفضائية، فذلك الأمر يتم منذ عِدة عقود مما يمكن معه القول بأن هناك أجيال كاملة من الجماهير العربية قد تربت على الدراما المصرية
4- قنوات العرض :
المسلسلات التلفزيونية المصرية تعرض من خلال عدد هائل من سواء الأرضية أو القنوات الفضائية المفتوحة والمشفرة، ولا يُعد ذلك سبب رئيسي لانتشار الدراما المصرية أو نجاحها بالوطن العربي ولكنه بالتأكيد أحد أسباب استمرار ذلك النجاح ودليل قاطع عليه، فيكفي القول بأن هناك قنوات عربية مخصصة لعرض المسلسلات الدرامية المصرية فقط.