آل باتشينو هو أحد أبرز الأسماء في تاريخ السينما العالمية، وفي نظر الكثير من الجماهير والنقاد هو الأبرز والأشهر والأروع على الإطلاق، ويعتبر النقاد آل باتشينو ظاهرة فنية أو أسطورة فنية قد لا تتكرر، والسؤال هنا : لماذا تحول باتشينو إلى أسطورة؟ وما المقومات التي صنعت مكانته هذه؟
لماذا آل باتشينو أسطورة سينمائية :
كثيرون هم من يملكون مواهب حقيقية في عالم الفن، لكن قلة فقط من يبلغون المكانة التي بلغها آل باتشينو ،فما الذي ميزه عنهم؟ وجعل منه ممثل أسطوري ومثل أعلى لكل من يعمل بمجال صناعة السينما.
الانتقاء :
لا شك إن نجومية آل باتشينو وبلوغه هذه المكانة الرفيعة، كان أحد أهم أسبابه هو أسلوبه في انتقاء الأعمال التي يشارك بها والأدوار التي يقدمها، فـ آل باتشينو يقوم بذلك بدقة شديدة وعناية فائقة، وإن جئنا بقائمة أعماله سنجد أن عدد منها صُنِف ضمن الأفضل في تاريخ السينما، ويرى النقاد إن امتلاك الموهبة ليس أمراً كافياً لصناعة أسطورة فنية، ولكن الأهم هو التمكن من توجيه تلك الموهبة وإحسان استغلالها واستثمارها، وقد تمكن باتشينو من تحقيق ذلك بجدارة.
الأدوار الصعبة :
لم يكن هدف آل باتشينو أن يتصدر الملصقات الداعئة لأفلام السينما، بقدر ما كان يسعى للاستمتاع الشخصي بالفن الذي يفضله، وكذلك استعراض موهبته الفريدة في التقمص والتشخيص، وبناء على ذلك فإنه لم يبحث يوماً عن دور أو شخصية إنما كان يبحث عن تحدي، فقد كان آل باتشينو ينتقي من بين الأدوار التي تعرض عليه الأشد صعوبة والأكثر تعقيداً، كان يبحث عما يفجر طاقاته التمثيلية ويكتشف في موهبته جوانب جديدة لم يكن هو نفسه يدركها، ولهذا صار كل شخصية جسدها آل باتشينو علامة مميزة في مسيرته الفنية، ومنها صار علامة مميزة في تاريخ السينما العالمية بشكل عام، وعلى رأس هذه الشخصيات شخصية مايكل مايكل كورليوني في ثلاثية الأب الروحي، وشخصية توني مونتانا التي جسدها بفيلم الوجه ذو الندبة أو Scarface، وقد تمكن باتشينو من تجسيد أشد الأدوار تعقيداً بأسلوب سهل وبسيط، مقنع للمشاهد وفي ذات الوقت خال من أي مبالغة أو افتعال.
وُلِد كبيراً :
لعب الحظ دوراً محورياً في مسيرة آل باتشينو السينمائية، فقد تحمل المسؤولية في وقت مبكر جداً من عمره الفني، ويمكن القول بأنه وُلِد كبيراً أو كان مقدراً له أن يصير أسطورة سينمائية، والفضل في ذلك يعود إلى المخرج العبقري فرانسيس فورد كوبولا، الذي اختاره ليلعب دور البطولة في ثلاثية الأب الروحي، أمام واحد من عمالقة التمثيل في ذلك الزمان وهو النجم مارلون براندو ،وقد حقق الفيلم نجاحاً عالمياً عند طرحه بدور العرض، وصار آل باتشينو هو الحصان الأسود الذي يراهن عليه النقاد والجماهير، وذلك كله حمله المسئولية ووضعه في اختبار صعب، فقد كان عليه أن ينتقي أدواره التالية حتى لا يحذل هؤلاء ممن آمنوا بموهبته، وللحق فإن باتشينو قد نجح وبجدارة في أغلب اختباراته ولم يخيب ظن جمهوره.
جودة الدور لا مساحته :
دائماً ما نرى صُناع الفن السابع يرددون أن جودة الدور هي التي تحكم اختياراتهم لا مساحته على الشاشة، ولكن ذلك القول يبقى بالنسبة لأغلبهم مجرد شعار يتردد، أما بالنسبة لـ آل باتشينو فقد اتخذ من هذا الشعار قاعدة، وأفلامه تشهد على ذلك فلم يسع آل باتشينو أبداً للانفراد بالشاشة، وكان يرى إنه رغم نجوميته وتصدره للملصقات وكتابة اسمه في صدر التيترات، ما هو إلا ترس ضمن آلة أضخم، فكان يرحب دوماً بمشاركة البطولة مع نجوم كبار، وفي بعض الأحيان كان يلعب دوراً ثانياً أو يظهر كضيف شرف بمشاهد قليلة، وهذا لم يؤثر على مكانته بأي شكل، بل على العكس أدائه الساحر كان يفرض نفسه ويجعل الجمهور يتذكره حتى لو لم يظهر على الشاشة إلا لدقائق، فصار بذلك واحد من أهم الأساطير الفنية في تاريخ صناعة السينما.