الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وُلِد في الخامس عشر من يناير 1876م، وتولى حكم المملكة العربية السعودية ابتداءً من الرابع عشر من أغسطس 1932م، ودامت ولايته حوالي واحد وعشرون عاماً إذ انتهت بوفاته في نوفمبر 1953م، ويعد الملك عبدالعزيز هو باعث الدولة السعودية الحديثة، وشهد عصره العديد من الإنجازات في مختلف المجالات، وقد أولى اهتمام كبير بمجال التعليم، الذي كان يصفه دائماً بإنه عماد الأمة وسبيلها إلى الارتقاء لمصاف دول العالم المتحضر.
الملك عبدالعزيز .. رائد النهضة التعليمية :
الملك عبدالعزيز آل سعود كان له العديد من الإسهامات في المجال التعليمي، أحدثت فارق عظيم وساعدت في الارتقاء بمستوى الخدمة التعليمية بالمملكة، ومن أهم وأبرز هذه الإسهامات ما يلي :
إنشاء أول إدارة تعليمية :
التعليم في المملكة السعودية قبل تولي الملك عبدالعزيز آل سعود السلطة، يتسم بالعشوائية وانعدام التنظيم، إذ اقتصر التعليم على ما يلقن بالمساجد أو الكتاتيب الفقيرة، ولإدارك عبدالعزيز آل سعود أهمية التعليم وإنه أساس النهوض بالدولة على مختلف الأصعدة، فكان من أوائل قرارته إنشاء مؤسسة إدارية تعنى بأمور التعليم ومؤسساته، فتنظم العمل داخلها وتشرف عليه وتوفر لها كافة المقومات التي تضمن حسن سير العملية التعليمية، فأنشأ مديرية المعارف، والتي كانت بمثابة الخطوة الأولى الفعلية نحو إرساء قواعد التعليم النظامي في السعودية، وتم إلغاء تلك الإدارة فيما بعد لتحل محلها وزارة التعليم.
نظام الهجر وتوطين البدو :
من أهم الإنجازات التي حققها الملك عبدالعزيز آل سعود ،ولن نبالغ إن اعتبرناه الإنجاز الأكبر في مجال الإعمار في تاريخ الدول العربية بصفة عامة، هو المشروع الذي أعده لتوطين أهل البادية في مجتمعات مدنية متحضرة ومتطورة، وكان هذا المشروع المعروف باسم مشروع الهجر، كناية عن هجر حياة البادية البدائية والانتقال إلى الحياة المتحضرة الأكثر تمدناً، هو أحد أوجه النهضة التعليمية التي أرسى الملك عبدالعزيز قواعدها، إذ أدرك هو ومعاونيه إن التعليم هو الأساس الذي تبنى عليه الحضارات، وإنه الحد الفاصل بين الأمم المتخلفة والمتقدمة، ولهذا فقد كان يشمل نظام الهجر إقامة مؤسسات تتخصص في تعليم البدو وكذا تقويم سلوكهم، فيتعرفون مبادئ القراءة والكتابة وعلم الحساب، وكذا كان يحاضر بهم بعض العلماء والمشايخ، فيحثونهم على التحلي بالخلق التي حث عليها الإسلام، ويشجعونهم على نبذ العاصبية وموروثهم من العادات العائدة إلى زمن الجاهلية.
إنشاء المدارس النظامية :
لم تنتشر المدارس على مختلف تصنيفاتها سواء ابتدائية أو إعدادية أو ثانوية في المملكة، إلا بعهد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، ولكن البداية كانت في عهد الملك عبدالعزيز نفسه، حيث حرص على إصدار تكليفاته لمعاونيه بإنشاء مجموعة من المدارس بمختلف أرجاء المملكة، وقد كانت تلك المدارس في صورة بدائية وغير مقسمة لمراحل، أي إنها كانت في هيئة كتاتيب مطورة، ولكنها في ذلك الوقت مثلت طفرة واعتبرت بمثابة نقلة نوعية في مسيرة النهضة التعليمية في المملكة السعودية.
التعليم التخصصي :
كذلك في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود شهدت المملكة أولى مراكز التعليم التخصصي، والتي كانت أقرب للجامعات والمعاهد المتخصصة التي نعرفها في زمننا المعاصر، ومن أوائل تلك المراكز كان المعهد العلمي السعودي والذي كان في ذاته أحد وسائل وأدوات النهضة التعليمية، إذ كان يختص بتخريج المعلمين المدربين والمهيئين للعمل بالمدارس الابتدائية، كما شهد عهد الملك عبدالعزيز آل سعود إقامة كلية الشريعة، والتي كان الهدف منها تخريج كوادر قادرة على العمل في المحاكم الشرعية بالبلاد، وخلال تلك الفترة التي أقيمت بها المعاهد المتخصصة، بلغت النهضة التعليمية بالسعودية ذروتها، حيث أصدر الملك قراراً بإلغاء نظام الككاتيب بصفة نهائية، على أن يتم استبداله بمجموعة من المؤسسات التعليمية والتربوية النظامية وهي المدارس الابتدائية.