أرسين لوبين هو إحدى أشهر الشخصيات الخيالية في الأدب العالمي، ابتكر الشخصية الكاتب الفرنسي موريس لوبلان وقدمها لأول مرة في 1907م، ثم توالت روايات أرسين لوبين منذ ذلك الحين، ولاقت إقبالاً كبيراً من القراء، فصارت واحدة من أشهر وأنجح السلاسل القصصية في العالم.
أسباب نجاح سلسلة أرسين لوبين :
هناك عدة عوامل توافرت بسلسلة أرسيلن لوبين البوليسية، فكفلت لها التميز وتسببت فيما حققته من نجاح وانتشار، ومنها الآتي:
البطل الضد :
من العوامل التي كفلت لروايات أرسين لوبين التميز، هو أن كاتبها الأصلي موريس لوبلان اعتمد في رسم شخصيته على أسس (البطل الضد)، وهو مصطلح أدبي يشير إلى أن شخصية البطل شاذة عن السائد وبعيدة عن النمطية، فعادة ما يكون أبطال القصص الأدبية من الأخيار، وخاصة في الأدب البوليسي وقصص المغامرات، وغالبة ما يكون البطل محققاً أو ضابط شرطة يسعى لكشف الجرائم وإنزال العقاب بالخارجين على القانون، وأحياناً يكون البطل غير منتمي لمنظومة العدالة، لكنه في ذات الوقت يكون شخصاً سوياً سخر نفسه لدفع الظلم ونصر الضعفاء كما هو الحال مع شخصية باتمان مثلاً، ولكن كاتب سلسلة أرسين لوبين حطم تلك القاعدة، واختار لبطله أن يكون لصاً، ليجرده بذلك من أهم الصفات المميزة لشخصية البطل.
لص غير تقليدي :
أرسين لوبين ليس لصاً تقليدياً، فهو لص تائب ولهذا يُلقب بـ(اللص الشريف)، وبعد تقاعده واعتزاله السرقة يقرر أن يكافح الجريمة، ويتصدى بنفسه لكل خطر يهدد الضعفاء أو البلاد، مستعيناً على تنفيذ ذلك بخبرته السابقة باعتباره أحد أرباب الجريمة، ويمكنه توقع خطط المجرمين وتتبع آثارهم، هذا بجانب مهارته في استخدام مختلف الأسلحة وإجادته لفنون القتال، علاوة على قدرته على التنكر وانتحال شخصية الغير، مما دفع النقاد للقول بأن شخصية أرسين لوبين هي مزيج بين روبن هود وشخصيات الأبطال الخارقين.
التشويق والحبكة :
سلسلة أرسين لوبين لابد وأن تجدها ضمن قائمة المفضلات لدى هواة الإثارة والتشويق، فمن أهم العوامل التي ميزت تلك السلسلة وكانت سبباً مباشراً في انتشارها، فمغامرات لوبين تمتاز بأحداثها المتلاحقة وألغازها المعقدة، وتصحب القارئ بين صفحاتها في رحلة شيقة مليئة بالمفاجآت يحبس خلالها أنفاسه، وكذلك من أهم مميزاتها إن التشويق والإثارة لم يخلا بالحبكة والمنطقية، فكل حدث في روايات لوبين يتفق مع المنطق وله ما يبرره.
منافسة شارلوك هولمز :
عند الحديث عن روايات أرسين لوبين وسر انتشارها، لا يمكن إغفال إن منافسه الإنجليزي والمحقق الأشهر في تاريخ الأدب شارلوك هولمز له فضل كبير في هذا، فدائماً كان النقاد يعقدون المقارنات بين هولمز ولوبين، ومع الوقت تحول الوقت تحول الأمر إلى منافسة، سعي كاتب كل تطوير شخصيته وبناء حبكات أكثر منطقية وتعقيداً ليتفوق على نظيره، وبالطبع الفائز الوحيد من هذه المنافسة الشرسة هم هواة القراءة، فبسببها صار بين يديهم عدد كبير من الروايات البوليسية الممتعة والمتقنة، وقد حاول ذات مرة موريس لوبلان إثبات تفوق بطله اللص الشريف، فجمع بينه وبين هولمز في قصة واحدة بعنوان: شارلوك هولمز يصل متأخراً، ولكن كونان دويل مبتكر شخصية هولمز قام بمقاضاته بسبب انتهاكه لحقوق الملكية الفكرية، فقام لوبلان بتغيير اسم الشخصية في الطبعة التالية إلى هارلوك شولمز.
الخيال :
من مميزات روايات أرسين لوبين أيضاً إنها دمجت بين الواقع والخيال، ولكن هذا لا يعد من سمات السلسلة الأساسية، ولكن بعض الأعداد تضمنت بعض الظواهر الغريبة أو الخارقة، ففي إحدى الأعداد كان هناك حجر مُشع يسمى حجر الإله له قدرة على إشفاء الأمراض، وبعدد آخر كان هناك ينبوع الخلود الذي يعيد الشباب، وهو أمر معتاد عليه في القصص الأسطورية مثل قصص ألف ليلة وليلة، أو الروايات الخيالية التي تدور في عالم السحر مثل روايات هاري بوتر، أما الأدب البوليسي فقد كان دوماً ملتزماً بالواقعية، ولم يكسر تلك القاعدة سوى الفرنسي لوبلان ببعض أعداد لوبين، ولكنه أجاد توظيف هذه الظواهر الغريبة فبدت متسقة مع المنطق، فكانت بذلك من العوامل التي جذبت القراء إليه.