التوقف عن التدخين هو حلم كل إنسان مُدخن على سطح الأرض تقريباً، وكثيراً ما يسعون إلى تحقيق إلى ذلك الحلم والبحث عن الوسائل التي من الممكن التي تعينهم في ذلك، ولكن -للآسف- كثيراً أيضاً ما تنتهي تلك المحاولات بالفشل، الأمر الذي دفع العلماء إلى التساؤل عن السر، ومحاولة التعرف عن الأسباب التي تجعل عملية التوقف عن التدخين بتلك الصعوبة، والتي قد يكون كشفها والعمل على التغلب عليها، هو الخطوة الأولى على الطريق الصحيح نحو حياة بلا تدخين.
لماذا نفشل في التوقف عن التدخين :
حدد العلماء مجموعة العوامل التي تزيد التوقف عن التدخين صعوبة، والتي التغلب عليها قد لا يكون نهاية المطاف، ولكنه بالتأكيد سيسهل الأمور ويجعل الإقلاع عن تلك السموم أمراً ممكناً. وهذه العوامل تتمثل في :
الميول الجينية :
أثبتت الدراسات إن التوقف عن التدخين ليس بنفس الدرجة من الصعوبة بالنسبة للجميع، بمعنى إن الأمر قد يكون بسيطاً وسهلاً بالنسبة لبعض الأشخاص، ويكون صعباً إلى حد الشعور بالعذاب بالنسبة للبعض الآخر، والاختلاف هنا ليس بسبب طول الفترة التي قضاها الإنسان في تدخين السجائر أو النارجيلة وخلافه، ومدى تمكن هذه السموم منه وسيطرتها عليه، بل لأن بعض الأشخاص أكثر قابلية لإدمان التدخين من غيرهم، أو ما يعرفه العلماء بمصطلح الميول الجينية للإدمان، فقد وجد العلماء إن هناك جين متغير أطلقوا عليه اسم CHRNA5، وقالوا بإن ذلك الجين يزيد من احتمالات إدمان التدخين بعد تجربته لمرة واحدة.
العوامل النفسية :
العامل النفسي هو المسئول الأول عن نجاح محاولة التوقف عن التدخين أو إفشالها، وذلك وفقاً لما صرح به الباحث في علم النفس الدكتور جون فتزجيرالد، ويقول إن الاتجاه إلى التدخين أو إدمان المخدرات في الأساس، عادة ما يكون الدافع ورائه عوامل نفسية، ويرى الدكتور فتزجيرالد إن الخطوة الأهم نحو التوقف عن التدخين في هذه الحالة، تتمثل في معالجة الأسباب التي دفعت الشخص إليه من البداية، والتي في الغالب ما تكون بدأت في مرحلة مبكرة من حياتهم، في السياق ذاته يقول الدكتور فتزجيرالد إن من يعانوا من اضطرابات نفسية -أيا كانت حدتها- يجدون صعوبة أكبر في الإقلاع عن التدخين، فتنامي المشاعر السلبية مثل القلق والتوتر أو الإصابة بنوبة من الاكتبئاب، كلها أمور تزيد شراهة المدخن إلى المادة التي يدخنها.
الارتباط الشرطي :
حين يدمن الإنسان تدخين السجائر أو غيرها لفترة زمنية طويلة، فإن التدخين لديه يصبح مرتبط بأشياء أو سلوكيات أخرى، منها ما هو بسيط مثل نشوء ارتباط شرطي بين التدخين وتناول القهوة مثلاً، أو بين تدخين سيجارة عند الاستيقاظ أو قبل الخلود إلى النوم مباشرة، وإن التوقف عن التدخين في هذه الحالة يتسم بشىء من الصعوبة، حيث يكون التدخين قد تحول إلى عادة، مرتبطة بأوقات أو أفعال بعينها وليس باحتياج الجسم إلى النيكوتين، ويكون الأمر أصعب إذا كان إدمان التدخين مرتبط بنوع آخر من الإدمان، مثل أن يقترن التدخين بتناول الخمر أو ممارسة القمار أو الميسر وما إلى ذلك من عادات.
الالتزام اليدوي الشفوي :
المدخنين يعرفون إنهم عشرات المرات قد أشعلوا سجائراً ليسوا في حاجة إليها، فالتدخين بالنسبة لهم تحول إلى حركة غريزية آلية يقومون بها لا إرادياً، وهو ما يعرفه العلماء بمسمى الالتزام اليدوي والشفوي، فقد اعتاد المدخن على وجود السيجارة بين إصبعيه أو عالقة بين شفتيه وهو يمارس أنشطته المعتادة، وهو عامل يبدو في ظاهره بسيطاً سطحياً ولكنه في الواقع من العوامل التي تزيد عملية التوقف عن التدخين صعوبة، فغياب السيجارة عن اليد أو الفم تُشعِر المدخن بأن هناك ما ينقصه، ولهذا ينصح الأطباء المُقلعين حديثاً عن التدخين بضرورة إشغال ذلك الفراغ بشىء آخر، مثل الإمساك بقلم أو كرة مطاطة أو إشغال الشفتين بخلة تنظيف أسنان وما شابهها.