فيلم ديدبول منذ طرحه مؤخراً بدور العرض السينمائي فرض هيمنته على شباك التذاكر، وحقق إيرادات قدرت بحوالي 730 مليون دولار أمريكي، في حين تكلفته الإنتاجة لم تتجاوز حاجز الـ60 مليون دولار، وما يزيد من أهمية الإنجاز الذي حققه فيلم ديدبول ،هو إنه تم طرحه في موسم سينمائي ملئ بأفلام الأبطال الخارقين، منها فيلمي باتمان ضد سوبر مان وفيلم كابتن أمريكا: الحرب الأهلية وغيرهما، ورغم صعوبة المنافسة إلا إنه تمكن من جذب الجمهور إليه وتحقيق هذا الإنجاز غير متوقع.
فيلم ديدبول Deadpool .. قصة بطل خارق غير مألوف :
فيلم ديدبول حطم كافة المقاييس التقليدية لأفلام الأبطال الخارقين، واختلف عن السائد بالسوق السينمائي فاستطاع جذب الجماهير وحظي بتقدير النقاد، ومن بين العوامل التي كفلت لهذا الفيلم الاختلاف والتميز ما يلي:
خارق ولكن أناني :
حطم فيلم ديدبول صورة الأبطال الخارقين النمطية على الشاشات، فمنذ أول فيلم قدمته السينما مستوحى من القصص المصورة، وحتى الأفلام والمسلسلات التي أنتجت مؤخراً مثل مسلسل السهم وثلاثية فارس الظلام، يظهر البطل الخارق في صورة منقذ المدينة، المستعد للتضحية بكل شىء والمخاطرة بحياته لأجل قهر الشر وإقرار السلام، ولكن صناع فيلم ديدبول رأوا إن القدرات الخارقة ليس بالضرورة أن تصيب الأخيار، فصنعوا بطل خارق استثنائي هو ديدبول، والذي يظهر ضمن الأحداث غير مهتم بانتشار الجريمة ولا يسعى إلى تحقيق العدالة، هو فقط يرغب في إنقاذ حبيبته وفي ذات الوقت استعادة هيئته الأولى قبل أن يصير مشوهاً، وفي سبيل تحقيق ذلك يصطدم بالعديد من الأشرار ويستغل قدراته الخارقة في حربه ضدهم.
البساطة والمدة الزمنية :
من مميزات فيلم ديدبول والتي كانت سبباً رئيسياً في أن يحظى بإعجاب الجماهير، هو إن صُناعه كان هدفهم الأساسي هو تقديم وجبة خفيفة ممتعة وغير متكلفة، ولذلك فإن المدة الزمنية للفيلم لم تتخطى حاجز الساعتين، وعلى وجه الدقة فإن مدة عرض الفيلم ساعة وخمسون دقيقة، بينما في السنوات الأخيرة اتسمت أفلام الأبطال الخارقين بطول مدة العرض، فكان المشاهد يجلس بمقعد لأكثر من ساعتين، ليتابع مشاهد مليئة بالإثارة والألغاز والصراعات اللا متناهية، وعلى رغم ما يشكله ذلك من متعة إلا إنه بالتأكيد أمر مرهق للذهن، أما فيلم ديدبول فقد خالف تلك القاعدة وجاء بسيطاً خالياً من التعقيد، لا يسعى لإبهار المتفرج أو جذب انتباهه بقدر ما يسعى إلى إمتاعه، وقد نجح في ذلك بجدارة.
الحبكة الدرامية :
قصة فيلم ديدبول بسيطة وسهلة ولكنها في ذات الوقت ليست سطحية أو ساذجة، فلم يدعي صناع العمل إن فيلمهم يحمل رسالة معينة، أو إنه يناقش مضمون فلسفي عميق كما فعل المخرج كريستوفر نولان في ثلاثية فارس الظلام مثلاً، ولكنهم في ذات الوقت لم يسقطوا في فخ السطحية والسذاجة، فالفيلم رغم بساطته إلا إنه مترابط البناء، ودوافع شخصياته ظاهرة وأحداثه بالكامل منطقية ولها ما يبررها.
الكوميديا :
كما ذكرنا فإن فيلم ديدبول هو وجبة سينمائية خفيفة خالية من التعقيد، حاول صناعها أن يصلوا بالمتلقي إلى أقصى درجات الاستمتاع عند مشاهدته، واستعانوا بعنصر الكوميديا والمرح لتحقيق ذلك الهدف، وهذا ليس غريباً خاصة وإن الفيلم من إنتاج شركة مارفل Marvel، والتي اعتادت على إضفاء لمسة كوميدية على أفلام أبطالها الخارقين، ولكن في فيلم ديدبول كان الأمر مختلفاً، فلم يتم تضمينه مجموعة من المشاهد اللايت المرحة، بل إن الكوميديا كانت عنصراً أساسياً في بناء الفيلم الدرامي، للدرجة التي يمكن معها تصنيفه كفيلم كوميدي، وذلك تم ببراعة فائقة ودون أن يخل بمشاهد الإثارة والأكشن باعتباره فيلم أبطال خارقين في المقام الأول، والتي هي الأخرى قدمت باحترافية شديدة، وأحسن المخرج استغلال تقنيات الخدع البصرية والمؤثرات الحديثة.
التجسيد الأول للشخصية :
من مميزات فيلم ديدبول أيضاً إنه هرب من المقارنات مع الأفلام السابقة، وذلك لأن هذا البطل الخارق رغم إنه معروف في عالم الكوميكس منذ عشرات السنين، إلا إن شخصيته لم تجسد من قبل على الشاشات، وبالتالي لم تتم مقارنة أداء بطله رايان رينولدز بأداء ممثل آخر سبقه في تقديم الشخصية، مثلما حدث مع هنري كافيل مثلاً حين جسد شخصية سوبر مان، أو كريستيان بيل حين ارتدى عباءة باتمان وغيرهم، وذلك ضاعف من قدرة رينولدز على إقناع الجمهور بأدائه، فهم لم يسبق لهم رؤية غيره يرتدي قناع ديدبول، وبالتالي كان من السهل إقناعهم بإنهم أمام ديدبول الوحيد في هذا العالم.