ستيف جوبز هو مخترع أمريكي وأحد أبرز رجال الأعمال بالعالم، ويشتهر ستيف جوبز بإنه مؤسس واحدة من كبرى شركات صناعة الإلكترونيات والبرمجيات، وهي شركة أبل، كما شغل منصب الرئيسي التنفيذي لشركة بيكسار للرسوم، وكان عضواً بمجلس إدارة شركة والت ديزني للإنتاج الفني، وما يميز رحلة ستيف جوبز كأحد أبرز نماذج النجاح، هو إنه قد بلغ القمة بحق، وهذا ليس تشبيه بل إنها الحقيقة، فشركة ستيف جوبز مصنفة كالشركة الأكثر ابتكاراً في تاريخ الصناعة، وفي ذات الوقت مركزها المالي يجعلها واحدة من أقوى الشركات، حتى أن أسهمها لم تتأثر بوفاة ستيف جوبز نفسه، أما الأمر الأكثر تميزاً من بلوغه هذه القمة، هو إنه صعد إليها من أسفل نقطة بالقاع.
ستيف جوبز .. أسطورة على أرض الواقع :
النجاح الذي حققه ستيف جوبز والذي جعل منه رمزاً وقدوة لشباب العالم، لم يأت مصادفة ولم يتحقق بضربة حظ، بل كان نتاج عشرات السنوات من الكفاح والعمل الجاد، وقبل هذا وذاك الإيمان بالحلم والتمسك بتحقيقه.
الميلاد والتبني :
ستيف جوبز الرجل الذي خرج إلى العالم بصفته أحد أهم وأشر رجال الأعمال الأمريكيين، هو في الأصل ينتمي إلى الدول العربية، وإن كان ذلك الانتماء بالدم فقط، ففي عام 1955م وتحديداً في يوم 24 من شهر فبراير، ولد ستيف جوبز ولكن لم يكن يحمل هذا الاسم أو ذلك النأب، إذ أن ميلاده كان نتيجة علاقة أبوين غير متزوجين، الأب هو السوري عبد الفتاح الجندلي وأمه هي الكاثوليكية جوان شيبل، وقد وجدا صعوبة بالغة في التزوج بشكل رسمي بسبب اختلاف الديانة، وانتماء الأم إلى عائلة محافظة ترفض زواج بناتها من غير الكاثوليكيين، وكانت النتيجة عرض الطفل المسكين للتبني، فقبل به الزوجان باول وكلارا جوبز، وانتققل الطفل مع أبويه الافتراضيين إلى ولاية كاليفورنيا، ومنحاه اسم “ستيف” فصار منذ تلك اللحظة ستيف جوبز
موطن النشأة وأثره :
ظاهر الأمور لا يتفق بالضرورة مع جوهرها الحقيقي، فإن نظرنا إلى بداية قصة ستيف جوبز ،سنجد إنها أقرب ما يكون للمأساة الحقيقية، لكن تلك المأساة كانت السبب المباشر لدخوله إلى مجال الإلكترونيات، فالمنطقة التي انتقل ستيف جوبز للعيش كانت تمسى منطقة وادي السليكون، وكانت تمثل مركز الصناعات التكنولوجية والإلكترونية بالولايات المتحدة، ومن هنا نشأت علاقة ستيف جوبز بهذا العلام، الذي كان شغوفاً به بشدة، ورغم إن المركز المالي للعائلته كان مستقراً، إلا إنه كان خلال فترة الإجازة الصيفية يذهب للعمل بمصانع الإلكترونيات، ليس طمعاً في الراتب الذي يتقاضاه نظير عمله هذا، إنما طمعاً في استكشاف عالم صناعة الإلكترونيات واكتساب الخبرة به.
الشريحة الإلكترونية الأولى :
بقليل من الخبرة وبالموهبة التي أودعها الله في عقل الشاب ستيف جوبز ،تمكن من إنجاز أول عمل خاص به وهو يدرس بالمرحلة الثانوية، ورغم قلة الموارد المتاحة له وبميزانية غاية في الضآلة، تمكن ستيف جوبز من تصنيع أول ابتكاراته، والذي كان يتمثل في صناعته لشريحة إلكترونية صغيرة.
تنمية المهارات ذاتياً :
على عكس المتوقع لم يكن ستيف جوبز مصنفاً في الجامعة ضمن المتفوقين، بل إنه رسب في عامه الأول بها، وكانت نتائج اختباراته مخيبة لآمال عائلته، ولكنه كان له عذره في ذلك، فكيف يمكنه التركيز وهو يدرس نمط من العلوم، بينما قلبه وعقله مشغولان بعلوم التكنولوجيا وعالم الرقميات، وقد أدرك الشاب ستيف جوبز هذه الحقيقة، وعلم إن ذلك هو المجال الذي يمكنه تحقيق ذاته من خلاله، فبعد تركه للجامعة على على تطوير مهاراته، ثم قام بعمل دراسة الجدوى لمشروع تطويري لمنظومة ألعاب الفيديو، وقام بتقديم أوراق مشروعه إلى شركة أتاري، التي قرر القائمون عليها تعيينه في موظيفة مصمم ألعاب فور اطلاعهم عليها، وجدير بالذكر هنا إن ستيف جوبز لم يدرس الإلكترونيات دراسة أكاديمية، إنما حقق التفوق بها من خلال القراءة والمطالعة، ثم الاحتكاك العملي بسعيه للحصول على وظائف بالشركات المصنعة لها، فاكتسب من خلال وظائفه البسيطة هذه الخبرة والمهارة.
أول أجهزة شركة أبل :
أولى خطوات ستيف جوبز الحقيقية نحو القمة بدأت في عام 1970م، حين قرر مع صديقه مهندس الإلكترونيات ستيف وزنياك تأسيس شركة أبل، واتخذا من مرآب السيارات الملحق بمنزل عائلة ستيف جوبز مقراً لها، وبعد أن أوضحت التجارب الأولى قدرتيهما على إنتاج حواسيب مطورة، كانا في حاجة إلى إيجاد تمويل دون طرح أسهم الشركة بأسواق التداول والبورصة، فتوجه ستيف جوبز ورفيقه وزنياك إلى مستثمر محلى يدعى مايك ماركولا، والذي اقتنع بأفكارهم وقرر مشاركتهما وتمويلهما بمبلغ 250 ألف دولار، كانوا هم النواة الأولى لرأس مال شركة أبل.
نظام ماكينتوش :
خلال فترة وجيزة حققت شركة أبل الحديثة نجاح ملحوظ، ومع إصدارها منتجها الأشهر وهو الكمبيوتر الشخصي المحمول، حققت بذلك ضربة حقيقية لكبرى الشركات المصنعة للحواسيب في هذه الفترة، وأهمها على الإطلاق شركة “IBM”، التي سارعت هي الأخرى بإنتاج الحواسيب الشخصية، وكان الصراع بينها وبين الشريكين ستيف جوبز وستيف وزنياك على أشده، ولكن حققت شركة أبل المملوكة لـ ستيف جوبز وشركاه قفزة هائلة، وذلك حين قامت بإنتاج وتطوير نظام التشغيل ماكينتوش، فصارت بذلك وحتى الآن منافس شركة مايكروسوفت الأقوى.
ستيف جوبز وعالم الكرتون :
يعرف الفنان والت ديزني الأكثر استحواذا على جائزة الأوسكار، بإنه رائد صناعة السينما المقدمة للأطفال أو رائد مجال الرسوم المتحركة، ونحن لا يمكننا قول الأمر ذاته عن ستيف جوبز ،لكن في ذات الوقت لا يمكن إغفال دوره في تطوير هذه الصناعة الإبداعية، فشغف بيل جوبز بألعاب الفيديو وأفلام الكرتون لم يقل منذ أن كان طفلاً، ومنذ أن عمل كمصمم ومطور لألعاب الفيديو في شركة أتاري، وأراد ستيف جوبز أن يسخر التكنولوجيا الحديثة التي كان له الفضل في ابتكار بعضها، لأجل تطوير فن الرسوم المتحركة وتقديمه بصورة أكثر إبداعاً وإبهاراً، وقد استحوذ ستيف جوبز خلال على شركة لوكاس فيلم التي أطلق عليها اسم بيكسار للرسوم المتحركة، ثم حصل على نسبة كبيرة من الشركة الأكبر بمجال صناعة الكرتون، وهي شركة والت ديزني للرسوم المتحركة، وصار لـ ستيف جوبز مقعداً ضمن مجلس إدارتها.
أبل والاستخدام المحمول :
شركة أبل منذ أن أسسها ستيف جوبز وهي منافس قوي بسوق الرقميات والإلكترونيات، ولكن في عام 2000 حققت أبل طفرة هائلة في هذا المجال، بعد أن تبنت مجموعة أفكار ونفذت عدة ابتكارات، الهدف الأساسي منها جعل الحواسيب متاحة في كل وقت وكل مكان، وذلك عن طريق تحويل أجهزة الكمبيوتر المكتبية التقليدية إلى أجهزة محمولة، وتم إنتاج العديد من الابتكارات التي أفرزتها هذه التجربة، ومن أمثلة تلك الأجهزة: “آي بود، آي فون، آي باد”، وتم دعم هذه المنتجات من قبل شركة ستيف جوبز بواسطة متجرين إلكترونيين، أولهما متجر آي تونز المختص بالموسيقى والمقاطع الصوتية، وثانيهما متجر أبل ستور الإلكتروني، والذي يوفر لمستخدمي آي باد العديد من التطبيقات المتنوعة.
نجاح أبل منقطع النظير :
لا شك إن شركة أبل التي أسسها ستيف جوبز وتولى إدارتها، هي واحدة من أكبر وأهم وأشهر الشركات على مستوى العالم، وبدأت رحلة نجاحها مع أول طرح لأسهمهما في اكتتاب عام، وكان ذلك في عام 1980م، وكان الطرح الأول لأسهم أبل بسعر 22 دولار للسهم الواحد، وخلال العام نفسه صار السهم بقيمة 29 دولار أمريكي، وبناء على ذلك أصبحت القيمة السوقية للشركة مقدرة بـ 1.2 مليار دولار أمريكي، واليوم القيمة السوقية للشركة باتت تقارب الأربعة مليارات من الدولارات، وبعض الدلائل تشير إلى إنها قد تخطت ذلك الحاجز بالفعل، كما إن الشركة الأسطورية هذه التي أقامها ستيف جوبز ،تم تصنيفها كالشركة الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم.