هشاشة العظام هو أحد أكثر الاضطرابات الصحية شيوعاً، ويقصد به الحالة التي تصاب فيها العظلام بضعف ملحوظ، وانخفاض كبير في معدلات كثافتها، الأمر الذي يزداد معه احتمال التعرض إلى الإصابات أو الكسر، و هشاشة العظام لها العديد من المسببات، منها ما هو مرضي، أي إن هشاشة العظام تأتي كأحد المضاعفات المترتبة على التعرض لمرض ما، مثل اختلالات مستويات إفرازات الغدة الدرقية، أو انخفاض معدلات هرمون الاستروجين لدى النساء، ولكن هناك مسببات أخرى سلوكية، وهي تشكل المسبب الرئيسي للنسبة الأكبر من حالات هشاشة العظام.. فما هي؟
المسببات السلوكية لمرض هشاشة العظام :
إذا سألنا لماذا يصيبنا مرض هشاشة العظام ،فالإجابة هي أننا نحن السبب الرئيسي في التعرض لتلك الإصابة.. كيف؟!!.. لإننا نتبع سلوكيات صحية خاطئة، سواء بنمط النظام الغذائي الذي نتبعه أو بسبب النمط العام لأسلوب حياتنا، ومن أمثلة تلك العادات المدمرة لصحة وسلامة العظام، ما يلي:
نظام غذائي خال من الكالسيوم :
من المعلوم إن عنصر الكالسيوم هو أهم العناصر بالنسبة للعظام، وبالتالي فإن تعرض معدلاته للانخفاض في جسم الإنسان، يزيد من احتمالات تعرضه للمشاكل الصحية المتعلقة بالعظام، ومنها لين و هشاشة العظام وغيرها، إذ أن انخفاض معدلات الكالسيوم يؤثر بشكل سلبي على كثافة النسيج العظيم، مما يجعله هشاً وضعيفاً ويصبح معه الإنسان أكثر عرضة للكسور، هذا بجانب إن الكالسيوم عنصر هام للعديد من الوظائف الحيوية، وفوائده لا تقتصر على صحة وسلامة العظام فقط، مما يعني إن هشاشة العظام لن تكون المشكلة الصحية الوحيدة، التي ستنتج عن اختلال معدلاته وانخفاضها في الجسم، ولهذا يجب اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يمد الجسم بالحصة التي يحتاجها من هذا العنصر.
تناول المواد الكحولية :
حين تناولنا الحكمة من تحريم الخمر وشرابه، أوردنا أسباب عديدة لذلك التحريم الإلهي لهذا الشراب المُفسد، وكان من بينها تأثير السلبي البالغ على صحة الإنسان، ومن بين الآثار الصحية السلبية التي تنتج عن هذه العادة المدمرة، هو ارتفاع نسبة احتمالات الإصابة بـ هشاشة العظام خلال مرحلة عمرية ما، وقد لاحظ العلماء إن نسبة كبيرة من مدني الكحول يملكون عظاماً هشة وواهنة، معرضة دوماً للإصابات والكسور وخلافه، الأمر الذي دفعهم إلى تناول الأمر من خلال عِدة دراسات متعمقة، وقد أوصلتهم النتائج إلى أن هشاشة العظام تنتج عن تناول المسكرات، لأن الكحول المتركز بتلك المشروبات بنسب مرتفعة جداً، يؤدي إلى إحداث خلخلة في الخلايا العظمية، وذلك لإنه يحد من قدرة الجسم على إنتاج الأنسجة العظمية، واستعاضة الأنسجة التالفة منه بأخرى سليمة وقوية، وهذا أحد الأشكال التي تقود إلى الإصابة بـ هشاشة العظام ،بجانب سبب آخر غير مباشر، يتمثل في إن الكحول يخفض من قدرة العظام على امتصاص عنصر الكالسيوم، وبالتالي يحرمها من الاستفادة من أثره في بناء العظام وتقويتها، والأمر ذاته يمكن قوله عن التدخين بكافة أشكاله وأنواعه، وفي النهاية فإن هاتين العادتين لا فائدة واحدة تعود على الإنسان منهما، ولهذا فإن الحل الأمثل والوحيد هو الإقلاع عنهما بصفة نهائية.
نقص فيتامين د :
نقص الفيتامينات في جسم الإنسان هو من أخطر الحالات التي قد نتعرض لها، وذلك لإن خطورتها لا تكمن في نفص نسبها فقط، بل إن الخطورة الأكبر تنبع من المضاعفات المحتملة لها، والآثار التي من الممكن أن تأتي مترتبة عليها، والتي من أخطرها التعرض لحالة من هشاشة العظام وضعفها، وعادة ما يصيب هشاشة العظام الأشخاص ممن يعانون من نقص بمعدلات فيتامين د، إذ ثبت علمياً إن فيتامين د له وظائف صحية عديدة، واحدة منها مساهمته في رفع قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم، واستخلاصه من المصادر الغذائية له مثل اللبن والبيض وغيرهم، مما يعني إن نقص فيتامين د يرافقه دوماً نقص في معدلات الكالسيوم، حتى إذا كان الإنسان يتبع نظام غذائي سليم غني بالمعادن والكالسيوم، إذ أن الجسم يكون في حالة عجز عن امتصاص هذه العناصر والاستفادة منها، ولهذا السبب ينصح الأطباء دوماً بتعريض الأطفال إلى الشمس، في محاولة لوقايتهم من التعرض لـ هشاشة العظام وصعوبات المشي، إذ أن أشعة الشمس تعد من أهم مصادر فيتامين د.
انخفاض معدلات النشاط البدني :
ممارسة الرياضة لا يكون فقط طمعاُ في فوائدها الصحية، إنما يكون أيضاً بهدف الوقاية من المخاطر والإصابات، التي يزداد احتمال التعرض لها إذا ما انخفض مستوى النشاط البدني، فإن عدم ممارسة الرياضية يشكل خطورة على عضلة القلب، إذ أن النشاط البدني يحسن من أداء الجهاز الدوري بشكل عام، بجانب إن ممارسة الرياضة تقي من الإصابة بـ هشاشة العظم ،والعكس صحيح فالامتناع عنها يصبح من مسببات التعرض لها، وقد وجدت الدراسات إن الرياضة بمختلف أنماطها، والرياضة التي تعمل على تضخيم العضلات وتنميتها، مثل رياضة رفع الأثقال أو كمال الأجسام، تزيد من الكثافة العظمية والعضلية في آن واحد، مما يحد بنسبة كبيرة من احتمالات الإصابة بمرض هشاشة العظام ،بجانب الوقاية من التعرض لبعض الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
الاضطرابات النفسية :
الاضطرابات النفسية تنعكس بعدة صورة على الصحة الجسمانية أيضاً، وبصفة خاصة الخلل النفسي المتمثل في الإصابة بحالة من الاكتئاب المزمن، ومن بين الأضرار الصحية الجسدية التي قد تأتي مترتبة على التعرض لهذه الحالة، هو فقدان الجسم لنسبة كبيرة من الكتلة العظمية، الأمر الذي يجعل الهيكل العظمي للإنسان بصفة عامة واهن وضعيف، ويجعل من المكتئب أكثر عرضة لـ هشاشة العظام من غيره، ولهذا ينصح الأطباء دوماً بعدم الاستهانة بالمشاكل النفسية، واللجوء إلى الطبيب المختص عند مواجهة المشكلات والعراقيل في الحياة، فالمرض النفسي أولاً وأخيراً مرض، له مسببات وأعراض وكذلك له طبيب ونمط علاجي، لابد من اللجوء إليه للوقاية من مضاعفاته الخطرة، والتي من بينها الإصابة بلين أو هشاشة العظام وضعفها.
ارتفاع نسبة الكافيين بالدم :
ليس هناك دليل قاطع على العلاقة بين الإصابة بـ هشاشة الكافين والإفراط في تناول الكافيين، إلا أن النتائج الأولية للأبحاث التي تناولت الأمر، تشير إلى أن مادة الكافيين ذات تأثير سلبي على الصحة العامة للإنسان، أقلها هو حرامنه من فوائد النوم كونها تصيبه بنوبات من الأرق، ومنها ما هو أخطر من ذلك مثل التعرض لحالة من ضعف و هشاشة العظام ،لذا ينصح خبراء التغذية والأطباء بضرورة التقليل من تناول المشوربات الغنية بالكافيين، فقد أثبت العلم إن فوائد القهوة عديدة وكذلك الشاي بأنواعه، ولكن الحصول على فوائدهم يشترط تناولهم بكميات معتدلة ودون إسراف، أما الأخطر على الإطلاق فهو تناول المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة بإفراط، وذلك لأن هذه المشروبات تحتوي على كميات هائلة من الكافيين المركز بها، الذي يحد من قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم المتوفر بالمصادر الغذائية المختلفة.
المشروبات الغازية والصودا :
وضع المياه الغازية في نقطة منفصلة عن مشروبات الكافيين، هو لأن الأكثر ضرراً والأشد خطورة، إذ أن ضررها فيما يتعلق بالإصابة بـ هشاشة العظام وضعفها، لا ينحصر فقط في الحد من قدرة الجسم على امتصاص عنصر الكالسيوم، بل إنها تحقق ذلك الضرر – أي هشاشة العظام – بعدة صور، منها إنها من المشروبات المدرة للبول والتي تزيد من مرات التبول، مما يعني فقدان الجسم لكم كبير من المعادن والكالسيوم قبل امتصاص الجسم له، أما مشروب الصودا وذكره هنا على سبيل المثال لا الحصر، فإنه يؤدي إلى إحداث انعدام توازن في حمضية الدم، بسبب نسبة حمض الفسفوريك الذي يحتوي عليه بنسب مرتفعة، وهو سبب مباشر في فقدان الجسم الكتلة العظمية بداخلها، هذا بجانب إن المياه الغازية لها العديد من الأضرار الصحية الأخرى، ولهذا فإن الأطباء لا ينصحون بالإقلال من تناولها، إنما ينصحون باجتنابها والامتناع عن تناولها.