الصلع هناك اختلاف بين العلماء حول تصنيفه، فمنهم من يرى إنه مرض صريح وإصابة صحية، والفريق الآخر يرى في الصلع ظاهرة وليس مرضاً، خاصة وإنه لا يشكل خطورة مباشرة على الصحة العامة للإنسان، لكن أيا كان تصنيفه فهذا لا ينفي كونه أمراً مزعجاً، المصابون به يتمنون لو إن بإمكانهم الخلاص منه، والمعافون منه يأملون بألا يصيبهم في يوم من الأيام.
لماذا وكيف تحدث الإصابة بـ الصلع ؟
كثيراً ما تُطرح الأسئلة حول طرق علاج الصلع والوقاية منه، ونادراً ما تثار الأسئلة حول الأسباب والعوامل التي تقود إليه؟.. اخترنا اليوم السؤال الأقل شيوعاً وتردداً، وسنورد بالفقرات التالية الإجابة عليه، لنتعرف معاً على العوامل التي تؤدي إلى حدوث الإصابة بـ الصلع ..
أولاً : العوامل التي تسبب الصلع :
قام العلماء بتحديد مجموعة من العوامل التي تقود إلى الصلع ،والتي تم تحديدها وفقاً للنتائج التي جاءت بها أبحاثهم العلمية، وكانت كالتالي:
1- العامل الوراثي :
العوامل الوراثية هي المسبب الأول لإصابات الصلع ،ولفترة زمنية طويلة كان الاعتقاد السائد إنها السبب الوحيد، وكان الظن الغالب إن كل أب أصلع، سيصيب الصلع ابناءه الذكور في مرحلة من عمرهم، ورغم شيوع هذا الاعتقاد، إلا أنه حتى يومنا هذا لم يوجد ما يبرهن عليه، ولم يُورد العلم أدلة قاطعة تفيد بحتمية إصابة الابناء بهذا الداء، إنما هي مجرد نظريات وتكهنات، لكن هناك شبه إجماع على صحتها، الأمر الذي أدى إلى إدراج العامل الوراثي ضمن أسباب الصلع الواردة بتقارير المراصد الصحية.
كذلك يرى بعض العلماء إن العامل النفسي يلعب دوراً في ذلك، بعدما توصلت أبحاثهم إن التعرض للمشاعر السلبية مثل التوتر والقلق، تضعف الشعر وتؤدي إلى تساقطه بمعدلات سريعة، لكن هذا الصلع يكون مؤقتاً، ويعاود الشعر النمو مرة أخرى فور زوال العامل المسبب لتساقط الشعر.
2- الصلع مضاعفات محتملة :
الخطورة الحقيقية لغالبية الأمراض لا تكون نابعة من الإصابة بها، بل تكون كامنة في المضاعفات المحتملة أن تنتج عن الإصابة، وقد أثبتت الدراسات إن الصلع ليس إصابة مستقلة بالضرورة، بل إنه قد يأتي للإنسان في صورة إحدى المضاعفات، التي تأتي مترتبة على تعرضه للإصابة بمرض آخر، وبصفة خاصة مجموعة الأمراض التي تصيب الجلد وفروة الرأس، ومن أشهرها مرضي القرع الانجليزي والثعلبة، فكلاهما يخلفان رقعاً على سطح الرأس مفقودة الشعر، وبنسبة كبيرة لا يعاود الشعر المفقود النمو مرة أخرى بعد خسارته، وبالتالي تصبح الإصابة بـ الصلع دائمة في تلك الحالة، أيضاً الأنيميا أو فقر الدم قد ينتج عنها الإصابة بـ الصلع ،خاصة ذلك النمط الناتج عن نقص الحديد، أو الذي يأتي مترتباً على حدوث خلل بإفرازات الغدة الدرقية، كما تعتبر قشرة الرأس دليلاً على ضعف بنية الشعيرات، وتزيد من احتمالات التعرض المستقبلي للصلع.
ليست الأمراض وحدها ما تقود إلى فقدان الشعر وتساقطه، فبعض أنماط العلاج يمكن أن تؤدي للنتيجة ذاتها، والمثال الأشهر على ذلك هو علاج مرض السرطان الكيميائي، فمن المعروف إن المريض حين يخضع لمثل هذا النوع من العلاج، يصاب بالعديد من الآثار الجانبية له، والتي من بينها تساقط الشعر والتعرض للصلع.
3- ارتفاع معدلات بروتين D2 :
عنصر بروتين D2 هو من العناصر الهامة للصحة العامة، لكن شأنه شأن كافة العناصر الأخرى، تحقيق الفائدة منها يتوقف على توافرها بمعدلات مناسبة، دون زيادة بالغة أو نقصان شديد، والدليل الأكبر على ذلك هو أن الصلع لا ينتج عن الافتقار لهذا البروتين، بل إن الحقيقة على النقيض من ذلك تماماً، فقد وجد العلماء إن هناك ارتباط وثيق بين الصلع ،وبين ارتفاع نسبة توافر بروتين D2 في طبقة جلد فروة الرأس، والسبب في ذلك هو إن تراكم هذا النوع من البروتين بطبقات الجلد، يمثل عامل إعاقة أمام عملية نمو الشعر، ونسبة كبيرة من إصابات الصلع حول العالم، المسبب الأول لها هو ارتفاع معدلات هذا النوع من المواد البروتينية.
4- ارتفاع نسبة هرمون الذكورة :
دليل آخر على إن خطورة ارتفاع العناصر والمركبات، لا يقل ضرراً عن انخفاضها، بل إن في كثير من الأحيان يشكل خطورة أكبر على الصحة العامة، وبينما يعاني الملايين حول العالم من انخفاض نسبة هرمون الذكورة، ويبحثون عن وسيلة لعلاجه، فإن الأمر نفسه ينطبق على من يعانون من ارتفاع نسبته، إذ أنهم ليسوا بمنأى عن الأضرار، والتي من بينها ارتفاع احتمالات تعرضهم للإصابة بـ الصلع ،والسبب في ذلك هو إن ذلك الهرمون يُضعف بصيلات الشعر، ويحدث ذلك بشكل تدريجي إلى أن يتوقف نشاطها في النهاية بشكل تام، فيبدأ تساقط الشعر وتقع الإصابة بـ الصلع
ثانياً : علاج الصلع :
خلال العقود الماضية كانت تتم معاملة الصلع باعتبار أمر حتمي، أي إنه إصابة لا شفاء منه ولا خلاص، لكن مع تطور الطب لم يعد الأمر مستحيلاً، ولم يعد يُعامل الصلع باعتباره أمر واقع وحتمي، بل إن التقنيات الحديثة أوجدت أكثر من وسيلة لعلاج الصلع ،ويمكن إيجاز تلك الوسائل في التالي :
1- علاجات إنماء الشعر :
أولى المواد التي تستعل لعلاج الصلع أو تساقط الشعر، هو مجموعة من العقاقير العلاجية تعرف بأدوية نمو الشعر، مثل مركبات المينوكسيديل، وهو في الأساس يستعمل كمادة لعلاج ارتفاع ضفط الدم، لكن وجد إن له تأثير إيجابي على بصيلات الشعر، حيث يقوم بإعادة تنشيطها وتحفيزها مجدداً للنمو، وذلك لإن مركب المينوكسيديل يقوم بتوسيع الأوعية الدموية، وبالتالي يسمح بتدفق الدم إلى فروة الرأس بالكم المطلوب، ويمدها بالأكسجين والعناصر الغذائية التي تعتمد عليها عملية نمو الشعر.
2- العلاج الانعكاسي :
هذا النمط من أنماط علاج الصلع وتساقط الشعر، يقصد به علاج المسببات وبالتالي التغلب على النتائج، وهذا النمط العلاجي يفلح مع الصلع الذي ينتجع كمضاعفات، فمثلاً إذا كان تساقط الشعر ناتج عن الإصابة بالأنيميا، فيمكن أن يتم التغلب عليه بطريقة غير مباشرة، متمثلة في علاج مرض الأنيميا أو فقر الدم، وبالتخلص من المسبب سنكون بذلك قد تخلصنا من النتيجة، والأمر نفسه ينطبق على الأمراض الجلدية، إذا تم التدخل الطبي في وقت مبكر من حدوث الإصابة.
3- زرع الشعر :
تقنيات جراحة زراعة الشعر هي الحل الأكثر شيوعاً، ومع انتشار مراكز جراحات التجميل وتنوع تقنيات وطرق زراعة الشعر، أصبح المقابل المادي لتلك العملية ليس مغال به، الأمر الذي جعل منه حل أمثل لغالبية المصابون بـ الصلع ،ووفقاً لما رصدته الإحصاءات المتناولة للأمر، فإن أعداد المُقبلين على القيام بهذه العملية في تزايد مستمر، خاصة وإنها صارت آمنة بنسبة كبيرة، والمضاعفات أو الآثار الجانبية المتوقعة لها لا تكاد تذكر، النصيحة الوحيدة التي يقدمها الأطباء في هذا الصدد، هي اختيار مركز طبي ذو سمعة جيدة وخبرة هذا بالمجال، لضمان تحقيق النتائج المرجوة دون التعرض لأي من الآثار الجانبية المحتملة.
4- أمشاط الليزر :
هي تقنية أخرى مستحدثة تستخدم لعلاج الصلع ،وتعمل هذه التقنية من خلال تسليط أشعة الليزر على فروة الرأس، على أن يكون ذلك بمستوى منخفض، وهذا الإجراء يساهم في زيادة معدلات تدفق الدم إلى فروة الرأس، وبالتالي يوفر لخلاياها ولبصيلات الشعر تغذية أفضل، الأمر الذي ينتج عنه علاج حالات تساقط الشعر و الصلع ،كما إن مشط الليزر يحد من أثر هرمون الذكورة بمحيط فروة الرأس، وبالتالي ينعدم تأثيره على بصيلات الشعر الحساسة، وكما ذكرنا سلفاً فإن ارتفاع مستويات هرمون الذكورة من المسببات الأساسية لداء الصلع