قياس وزن الطفل وتسجيله هو أول إجراء طبي يتخذ عقب الولادة، ولعلك تساءلت قبلاً عن سر القيام بذلك الإجراء، هل هو مجرد عمل روتيني، أو إن الطبيب يرغب في التعرف على وزن الطفل لمجرد المعرفة؟.. بالقطع الإجابة لا، فإن كان الطبيب يقوم بذلك مع كل طفل يولد، فلابد إن أهمية الأمرض تفوق ما نتصوره، وللتعرف على حقيقته علينا طرح سؤال واحد.. لماذا تعد معرفة وزن الطفل الوليد من الأمور الهامة؟، وما العوامل التي تؤثر به؟
لماذا معرفة وزن الطفل من الأمور الهامة؟
التعرف على وزن الطفل لحظة ميلاده ليس اختيارياً، ولا يعد مجرد إجراءً روتينياً يتم فقط لملأ الخانات، بل هو يعد مقياساً فريداً متوسط الدقة، يستخدم في الاستدلال على العديد من الأمور المتعلقة بالمستقبل الصحي للرضيع.
أولاً :معدل وزن الطفل الطبيعي :
قبل التعرف على أهمية قياس وزن الطفل فور الولادة، ومراقبة ذلك الوزن خلال المرحلة الأولى من عمره، سواء ازدياداً أو نقصاناً، فعلينا في البداية التعرف على الوزن الطبيعي للطفل، ويقول الأطباء أن وزن الطفل الطبيعي يكون في متوسط 3 كيلو جرام، ويمكن اعتبار كل طفل وزنه يتراوح ما بين، 2.5 كيلو جراماً و4 كيلو جرامات طفلاً ذو وزن طبيعي، أما كل طفل يزيد عن الحد الأقصى المقدر، أو يقل عن الحد الأدني المحدد، فيكون ذلك بمثابة ناقوس خطر يدق بأذن الطبيب المشرف على الحالة، ويتحتم معه إخضاع الطفل الوليد لفحص طبي دقيق، وغالباً ما يتم إيداعه بإحدى الحضانات.
ثانياً : دلائل وزن الطفل :
من خلال إجراء قياس وزن الطفل فور الولادة، يمكن للطبيب أن يستدل على أمور كثيرة تتعلق بحالته الصحية، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
1- وزن الطفل ومدى أكتمال النمو :
وزن الطفل يعتبر أول الأدلة على مدى اكتمال نموه، فالوزن الطبيعي للطفل من المفترض أن يكون ثلاثة كيلو جرامات، وهذا غالباً يكون وزن الأطفال مكتملي النمو، أي الذين استمرت فترة الحمل بهم لمدة تسعة أشهر كاملة، وبالطبع الأمر نسبي فقد يقل الوزن أو يزداد عن ذلك بفارق بسيط، ولهذا السبب فإن الطبيب القائم على عملية الولادة، يهتم بالتعرف على وزن الطفل فور ولادته كإجراء أولي مُبسط، يكشف عن اكتمال نمو الطفل وأعضائه الداخلية من عدمه، ليتمكن من اتخاذ الإجراء الطبي المناسب حياله.
2- وزن الطفل والقدرات العقلية :
ربطت بعض الدراسات التي أجريت حديثاً بهذا الصدد، بين مدى اكتمال النمو البدني للطفل عند الولادة وبين قدراته العقلية، ورأت هذه الدراسات إن من الأمور التي يدل عليها وزن الطفل ،هو مدى معدل ذكاء الطفل وقدرته على القيام بالعمليات العقلية، أي إن اكتمال النمو الجسماني، هو في حقيقته دليل ظاهري على مدى اكتمال النمو العقلي، وبعض الدراسات المقارنة التي خضع لها مجموعة من طلبة المدارس، بعد الاطلاع على معدل وزن كل منهم عند الولادة، أثبتت إن الأطفال الذين ولدوا بأوزان طبيعية، كانوا أكثر قدرة على الاستيعاب والتحصيل العلمي، مقارنة بنظائرهم ممن ولدوا بأوزان تقل عن المتوسط الطبيعي، مما يعني إن مستوى ذكاء الطفل في المستقبل، أحد الأمور التي يمكن الكشف عنها من خلال وزن الطفل عند الولادة.
3- وزن النمو وتأثيره بعملية النمو :
وجد العلماء إن هناك صلة قوية تربط بين معدلات نمو الطفل، وبين وزن الطفل لحظة ميلاده، وأكدت نتائج الأبحاث العلمية التي تناولت هذا الأمر، إن الأطفال الذين كانت أوزانهم لحظة الميلاد في المتوسط الطبيعي، تمكنوا من النمو بشكل صحي وسليم، دون الحاجة إلى تناول عقاقير تكميلية أو غذائية، أما وزن الطفل المنخفض فقد كان له تأثير سلبي على عملية النمو، وكثير من هذه الحالات اتسمت عملية نموهم بالاضطراب، وكانوا ذوي بنية جسمانية تتسم بالوهن والضعف أو الضمور، وتشير النتائج التي توصلت إليها مجموعة فرق بحثية أمريكية، إلى أن عملية نمو الجنين داخل الرحم متصلة بعملية نمو الطفل بصفة عامة، ونموه خلال السنة الأولى من ميلاده بوجه خاص، ولهذا يجب التعرف على وزن الطفل عند الولادة، حتى يتم اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة تجاه الطفل صاحب الوزن الشاذ عن القاعدة، ومعادلة وزنه بقدر الإمكان لجعله قريباً من المتوسط الطبيعي، لتلافي الأضرار المستقبلية التي قد يتعرض لها خلال النمو خارج الرحم.
4- وزن الطفل والحالة الصحية :
وزن الطفل لحظة الولادة يمكن منه الاستدلال على الحالة الصحية، فإذا كان وزن الطفل في المتوسط الطبيعي والمفترض، فهذه بشرى سارة بالنسبة للأبوين، فقد رزقهما الله بمولود يتمتع بصحة جيدة وحالة مستقرة، إما إذا كان وزن الطفل مغاير لذلك فهو مؤشر خطر، يزيد من احتمالات تعرض الطفل لمشكلات صحية مستقبلاً، والأمر هنا لا يقتصر فقط على النمو البدني، كأن يشب الطفل نحيفاً أو قصيراً.. إلخ.. بل إن الأبحاث العلمية أثبتت أن الأمر أكثر خطورة من ذلك، وإن وزن الطفل الأقل من 2.5 كيلو جراماً عند الولادة، وكذلك الذي يزيد عن 4 كيلو جرامات، يجعلان منه عرضة للكثير من الأمراض في المستقبل، بعضها يُصنف كأمراض مزمنة، ومن أمثلة تلك المخاطر الصحية ما يلي:
- السمنة : هي صارت آفة عصرنا الحديث بسبب السلوكيات الخاطئة، لكن تلك السلوكيات ليست وحدها ما يقود إلى مرض السمنة، فقد يكون وزن الطفل عند الولادة سبباً في ذلك، فسواء كان هذا الوزن يقل أو يفوق المعدلات الطبيعية، فإن ذلك يزيد من احتمالات تراكم الدهون في الجسم، ومن ثم إصابته بحالة من السمنة في المستقبل، وبالتالي يصبح معرضاً أيضاً لمضاعفاتها المحتملة، ومنها التأثير على عضلة القلب وسلامة الشرايين.
- السكري : هو أحد أخطر الأمراض المزمنة وأشدها قسوة، وذلك لإنه يلازم المريض طيلة حياة، كون العلم لم يتمكن من التوصل إلى علاج له حتى اليوم، ووجدت الدراسات إن وزن الطفل إذا كان غير طبيعي، فإن ذلك يزيد من احتمالات إصابته بمرض البول السكري لاحقاً.
ثالثاً : العوامل التي تؤثر بـ وزن الطفل ؟
إذا مضت الأمور في مسارها الطبيعي المقرر لها، واتسمت فترة الحمل بالاستقرار وكانت خالية من الاضطرابات، فإن ذلك الحمل سينتج عنه ميلاد طفل طبيعي، ذو صحة جيدة ووزنه في المتوسط الطبيعي.. والمنطق هنا يدفعنا إلى التساؤل: ما العوامل والأسباب التي تخرج الأمور عن مسارها هذا؟ وتتسبب في حياد وزن الطفل عن المتوسط المفترض؟
- التدخين : يؤثر التدخين تأثيرات سلبية عديدة على الحمل، ومن بينها إنه يسبب انخفاض وزن الطفل عن المتوسط الطبيعي.
- عمر الأم : العامل العمري للأم من الأمور المؤثرة بـ وزن الطفل ،فإذا كان عمرها يقل عن 20 عاماً أو يزيد عن 45 عاماً، فذلك يجعل من الحمل مهدداً وغير مستقر بصفة عامة، ويؤثر بشكل سلبي على وزن الطفل بصفة خاصة.
- الضغط النفسي : الجنين يتأثر بنسبة كبيرة بالحالة النفسية للأم، فإذا تعرضت المرأة خلال فترة الحمل لضغوط نفسية وعصبية، أو انتابتها نوبات من التوتر الشديد أو القلق المفرط، فإن ذلك يؤثر على استقرار الحمل وحالة الطفل الصحية، ويصير من المحتمل أن يكون وزنه عند الولادة أقل من الطبيعي.
- التوأم : أثبتت الدراسات إن وزن التوأم يقوم منخفض نسبياً، مقارنة بوزن الطفل الذي يُحمل بالرحم منفرداً.
- النظام الغذائي : إذا اتبعت الأم نظاماً غذائياً غير صحي خلال الحمل، فإن ذلك يؤثر بصورة سلبية على وزن الطفل وحالته الصحية، ويصبح من المتوقع أن يُولد بوزن أقل من الطبيعي.