فارس الظلام هو مسمى ثلاثية أفلام البطل الخارق باتمان، والتي صدر جزءها الأول في عام 2005، والذي صدر عنوان “بداية باتمان – Batman begins”، ثم الجزء الثاني في 2008 بعوان ” فارس الظلام – The dark knight”، واختتمت الثلاثية في عام 2012 بفيلم “صحوة فارس الظلام- The dark knight rises”، تولى إخراج السلسلة نجم هوليود الساطع كريستوفر نولان، الذي أعد قصة الفيلم أيضاً وكذا شارك في كتابة السيناريو، وكانت البطولة للنجم كريستيان بيل الذي أدي شخصية باتمان، ومورجان فريمان في دور لوسيوش فوكس مساعد باتمان، ومايكل كين أدى دور الخادم الأمين ألفريد، وجاري أولد مان مجسداً شخصية المفتش جوردون، كما شارك بأجزاء فارس الظلام الثلاثة عدد آخر من نجوم هوليود، منهم هيث ليدجر وآن هاثاواي وليام نيسون ومات هاردي وجوزيف جوردون ليفيت، والثلاثية من إنتاج شركة وارنر بروس.
ثلاثية فارس الظلام .. لماذا هي الأفضل؟
طيلة ثمانية أعوام لم يُقدم فيلماً عن باتمان، وذلك لتخوف المنتجين بسبب الفشل الذريع لآخر فيلمين قدما عنه قبل الثلاثية، وهما فيلمي “باتمان للأبد” و”باتمان وروبن”، من بطولة جورج كلوني وإخراج جول شوماخر، ثم جاء كريستوفر نولان بفكرة إحياء فارس الظلام مجدداً، وكانت النتيجة الإيرادات الإجمالية لثلاثية فارس الظالم تجاوز الـ2 مليار ونصف دولار، بجانب حصد العديد من الجوائز السينمائية، بجانب ترشيح الجزء الثاني منها لثماني جوائز أوسكار، ونال هيث ليدجر عن دور الجوكر بهذا الفيلم جائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد، أما النقاد فهم شبه أجمعوا على إن فارس الظلام هو الأفضل في تاريخ أفلام باتمان، فترى كيف تمكن صانعي الثلاثية من تحقيق ذلك؟، وما العوامل التي منحت عملهم تلك الأفضلية؟
الاهتمام ببروس واين :
من العوامل التي ساهمت في جعل فارس الظلام أسطورة سينمائية، هو اهتمام كاتبه ومخرجه بإبراز الجانب الآخر لباتمان، والمتمثل في شخصيته الحقيقية شخصية رجل الأعمال بروس واين، فجميع الأفلام التي سبق وقدمت شخصية هذا البطل الخارق، انصب كامل اهتمام صانعيها على شخصية باتمان، باعتبارها محور العمل والمحرك الأساسي للأحداث، أما بالنسبة لثلاثية نولان فارس الظلام فالأمر مختلف، فقد اهتم كثيراً بإبراز تفاصيل حياة ثري جوثام بروس واين، حتى أن النصف الأول من الجزء الأول من السلسلة، اختفت منه شخصية باتمان تماماً، واقتصر على استعراض تاريخ بروس واين منذ طفولته وحتى صار بطلاً خارقاً، مع الاهتمام بإبراز تفاصيل حياته قبل ارتداء قناع الوطواط، الأمر الذي أكسب بروس واين في ثلاثية فارس الظلام ،شئ من العمق النفسي والبعد الإنساني، الذي طالما افتقرت إليه تلك الشخصية في الأفلام السابقة.
عمق القصة :
أفلام الأبطال الخارقون دائماً ما كانت ضعيفة البناء الدرامي، وذلك لأن صانعيها لا يهتمون إلا بعوامل الإبهار البصري، مما يحول النسخة النهائية من فيلمهم، إلا سلسلة مجموعة من مشاهد المعارك والمطاردات المفككة، التي يربط بينها بناء درامي هش وسطحي.. أما بالنسبة لثلاثية فارس الظلام ،فإنها أيضاً تقدم وجبة دسمة من التشويق والإبهار البصري، ولكن ذلك يأتي من خلال قصة مكتملة العناصر متماسكة البناء، فشخصية فارس الظلام أو باتمان هنا مجرد محرك للأحداث، التي تعرض نولان من خلالها للعديد من القضايا والجدليات الفلسفية، ولم يقع في فخ تحول الفيلم إلى مجرد مغامرة كرتونية سطحية، فإن كان اعتقادك أن أفلام الخارقين هي أفلام القصص الهزلية، فبعد مشاهدة فارس الظلام إما ستغير اعتقادك هذا، أو إنك لن تعده من أفلام الأبطال الخارقين.
إبراز أعداء باتمان :
في فترة الثمانينات والتسعينات تم تقديم أكثر من عمل سينمائي حول الخارقين، وجميع الأفلام بوجه عام وأفلام باتمان بصفة خاصة، لم يهتم صانعيها سوى بإبراز شخصية البطل وقواه الخارقة، أما شخصية الخصوم فكانت مهمشة ونمطية، فالخصم دائماً هو عبارة عن شر مطلق يمشي على قدمياً، يعيث بمدينة جوثام فساداً ويرغب في تدميرها دون الإتيان بمبرر منطقي لذلك، كي يظهر الرجل الوطواط في نهاية الفيلم ويسحقه، بعد معركة طويلة يتم خلالها تفجير أكبر عدد من السيارات والمباني!.. ولكن الأخوان نولان عند كتابتهما لثلاثية فارس الظلام ،أفلاتا من الوقوع في ذلك الفخ، واهتموا بكافة العناصر والشخصيات التي يتشكل منها عملهم، حتى أن في بعض الأجزاء يبدو وكأن الخصم هو الشخصية الرئيسية، فقد ظهر في السلسلة ستة من ألد أعداء باتمان، هم على التوالي:
- راس الغول والفزاعة بفيلم بداية باتمان.
- والجوكر وذو الوجين بفيلم فارس الظلام
- وباين وتاليا الغول بفيلم صحوة فارس الظلام
وفي الأجزاء الثلاثة نرى أعداء الوطواط تظهر كشخصيات محورية، تساهم في دفع عجلة الأحداث للأمام، وفي أحيان كثيرة تمسك هي بمجريات الأمور بينما يقتصر دور باتمان على رد الفعل، وذلك من أبرز العوامل التي تميزت بها ثلاثية فارس الظلام ،وجعلتها من أبرز الأعمال في تاريخ الفن السابع.
ليس بطل خارق :
حين قام بوب كين وبيل فينجر بابتكار شخصية باتمان في 1939م، أرادوا لها أن تكون مغايرة للبطل الأشهر آنذاك سوبر مان، ولهذا جعلوا بطلهم مجرد إنسان طبيعي، لا يمتلك أية قوى خارقة، فهو لا يطير مثل سوبر مان أو يطلق الخيوط مثل الرجل العنكبوت وغيره.. لكن مخرجي السينما لم يقتنعا بوجهة نظرهم هذه، وحين نقلوا باتمان إلى الشاشة الفضية حوله إلى بطل خارق رغم أنف صانعيه، فنراه صلباً قوياً يمكنه القضاء بيداه العاريتان على جيش كامل، وحين قدم نولان ثلاثيته فارس الظلام ،أول ما قام به هو إعادة باتمان إلى الشاكلة التي أراده عليها صانعيه، فقام بتجريده من كافة خواصه الخارقة، وجعل منه مجرد مقاتل بشري يحارب الجريمة ليلاً في رداء وطواط، بل أن أعداء باتمان في فارس الظلام لم يظهروا كخارقين للطبيعة، إنما قوتهم تعتمد على الأدوات التي يستخدموها، وشرهم يتجسد في الخطط التدميرية التي ينون تنفيذها على أرض جوثام، وهذا كله جعل الأفلام الثالثة لـ فارس الظلام أكثر واقعية، فسهل على المتلقي التقرب منها والتفاعل معها.
البعد الإنساني :
قد لا تكون من محبي أفلام الحركة والتشويق، وتفضل الأفلام التي تعتمد في بنيتها على المأساة وتأجيج المشاعر، وفي تلك الحالة سيكون فارس الظلام أيضاً من مفضلاتك، فالفيلم رغم أن ملصقه الدعائي تتصدره صورة أحد أشهر الأبطال الخارقين، إلا أن قصته التي كتبها الأخوين نولان، اهتمت بإبراز الوجه الآخر لكافة الشخصيات، وإظهار خلفيتهم الإنسانية خلف الأقنعة وقبل أن يرتدوها، ففي ثلاثية فارس الظلام ستجد لأول مرة بطل خارق يبكي ويخاف، ويصل به الأمر لحد اعتزال الحياة الاجتماعية والانعزال عن الناس، بعدما فقد حبيبته على يد الجوكر بعدما فشل في إنقاذها، وفي الجزء الأول من سلسلة فارس الظلام ،حرص المخرج على إفساح مساحة لرصد المراحل العمرية المختلفة للبطل، منذ طفولته التعيسة التي شهد فيها مقتل أبويه على يد أحد مجرمي الشوارع، وكيف طوع الغضب الكامن بداخله في خدمة مدينته، من خلال محاربته للجريمة إنقاذاً لمدينته وتكريماً لذكرى والديه، بل أن قوة بطلنا في فارس الظلام لم تأت من العدم كما هو الحال بأعمال أخرى، بل أن اهتم برصد بالمراحل المختلفة لتطور قدرات البطل، بدءاً من عجزه عن التحكم في غضبه وثورته، ومروراً بتنقله بين شتى بقاع كوكب الأرض فقط لدراسة عقلية الجريمة، وفي النهاية تلقيه العديد من التمرينات القتالية القاسية.
الجدير بالذكر أن ثلاثية فارس الظلام كانت بمثابة قبلة الحياة لباتمان، فبعد أن تم إهماله كلياً من قبل منتجي هوليود بسبب عدم تحقيقه لإيرادات، تجددت ثقتهم مرة أخرى في تلك الشخصية، بعدما حققته من إيرادات خيالية وما حصدته من جوائز بفضل فارس الظلام ،ومن المقرر أن يظهر البطل الخارق مجدداً بمطلع 2016، ضمن أحداث الفيلم المنتظر “سوبر مان وباتمان : فجر العدالة”، ويجسد باتمان خلال الفيلم النجم بن أفليك ومن إخراج زاك سنايدر.