ظل العمل بالتوقيت الصيفي لغزاً يُحير الغالبية العظمى من الناس لفترة طويلة، فما الفائدة من تغيير الساعة الرسمية للدولة كل فترة وتبديل مواعيد الدراسة ودوام العمل وما إلى ذلك! وأي توقيت هو التوقيت الصحيح؟ وكيف يتغير موعد شروق وغروب الشمس كل فترة، لابد أن هذه الأسئلة وأكثر منها قد دارت في ذهنك إن كنت تقطن في دولة تُطبق التوقيت الصيفي، لكن ليس بعد الآن، في هذا المقال سنوضح أسباب العمل بالتوقيت الصيفي وأهميته والدول التي تطبقه.
لماذا يُطبق التوقيت الصيفي في بعض الدول وما أهميته؟
ما هو التوقيت الصيفي؟
- في البداية لابد من التنويه إلى أن التوقيت الشتوي هو التوقيت الطبيعي للكرة الأرضية، أما التوقيت الصيفي فهو من صنع الإنسان، أو فكرة تم طرحها أول مرة في القرن الثامن عشر، بهدف توفير الطاقة إلى أقصى درجة ممكنة، وذلك باستغلال ساعات النهار وضوء الشمس.
- بسبب التقدم العلمي الذي تعيشه البشرية وظهور الساعات وغيرها من أدوات ضبط الوقت، أصبحنا نعتمد على ما يُعرف بالوقت القياسي وهو إتباع جدول معين لأداء الأعمال اليومية دون أي تغيير على مدار العام، ودون الاهتمام لوقت إشراق الشمس أو غروبها، بالتالي عندما يأتي فصل الصيف وتُشرق الشمس في وقت أبكر من الشتاء، تضيع أغلب ساعات النهار وتُصبح معظم ساعات العمل في الليل ما يعني استهلاك طاقة أكثر من المعتاد.
- ويحدث العكس تماماً في فصل الشتاء، فإذا تم اعتماد التوقيت الصيفي في الشتاء ستكون ساعات الليل أطول من المعتاد وربما يستيقظ الناس قبل شروق الشمس للذهاب إلى أعمالهم في الأوقات المعتادة، بالتالي يزيد استهلاك الطاقة أيضاً، لهذا يُعاد العمل بالتوقيت الشتوي، وعادة يتم تغيير التوقيت مع بداية الربيع والخريف من كل عام، لكن لا يُوجد يوم أو وقت ملزم يتوجب تغيير التوقيت فيه، بل تضعه كل دولة حسب رؤيتها الخاصة.
تاريخ التوقيت الصيفي
- كان التوقيت في الحضارات القديمة مُختلف قليلاً في حساباته عما نعتمده اليوم، وأقوى مثال على ذلك الساعة المائية التي تعود للحضارة الرومانية، لم تكن ساعاتها مُقسمه لستون دقيقة متساوية، بل كانت تُقسم ساعات النهار والليل كلٌ لأثني عشر ساعة متساوية بغض النظر عن فترة شروق الشمس، فكانت ساعات النهار خلال الصيف تساوي 75 دقيقة، بينما تُساوي 44 دقيقة فقط في الشتاء!
- بعد ذلك ظهرت الساعة المتعارف عليها بالتالي لم يعد أحد يتقيد بشروق وغروب الشمس، ومع غياب الطاقة الكهربية في ذلك الوقت كان من الصعب ممارسة الأعمال المعتادة بعد غروب الشمس إضافة لاستهلاك كم كبير من الفحم والشموع.
- أول من اقترح فكرة التقيد بالتوقيت الشمسي كان بنجامين فرانكلين عام 1784م، وذلك من خلال إرسال اقتراح من مجهول أن يستيقظ الناس مبكراً مع شروق الشمس وذلك لتقليل استخدام الشموع في الليل، واقترح حلول تهكمية لذلك مثل وضع ضرائب على إغلاق النوافذ، واستخدام أجراس الكنائس لإيقاظ الأشخاص وغيرها، لكنه لم يذكر تقديم الساعة أو تغييرها.
- أتى بعد ذلك العالم جورج فيرمون عام 1895م باقتراح تغيير الساعة كي يحظى بساعات أكثر من النهار ليتمكن من جمع عينات الحشرات، ثم ظهر نفس الاقتراح مرة أخرى على يد المستكشف وليام ويليت عام 1905 إلى أن وصل إلى مجلس النواب عام 1908، لكن لم يُعتمد كقانون وظلت المحاولات لكن لم يتم العمل بهذا الاقتراح إلا عندما قامت الحرب العالمية الأولي، فأعلنت ألمانيا تبنيها للفكرة عام 1916م ثم تبعتها بريطانيا وعدد كبير من الدول ثم بدأت القوانين والتشريعات في الظهور لإتباع التوقيت الصيفي.
تأثير التوقيت الصيفي
-
استهلاك الطاقة
أول استخدام للتوقيت الصيفي كان بهدف تخفيض استهلاك الطاقة كما ذكرنا، لكن منذ استخدامه في بدايات القرن التاسع عشر وحتى الآن تغيرت أنظمة الطاقة بشكل كبير، بالتالي أصبح تأثير التوقيت الصيفي غير واضح، فهناك دراسات وجدت أنه بالفعل يُقلل استهلاك الطاقة في المساء، لكنه يزيد الاستهلاك الصباحي بشكل أكبر من المعتاد لدرجة يرتفع معها الاستهلاك الكلي، والسبب في تضارب الدراسات هنا أن استهلاك الطاقة لا يتأثر بساعات النهار فقط، بل التضاريس والمناخ وغيرها من المتغيرات، لذلك يصعب دراسة متغير واحد وتأثيره بشكل دقيق.
-
الآثار الاقتصادية
لوحظ أن استخدام التوقيت الصيفي يزيد بشدة من عائدات بعض القطاعات خاصة الرياضية والترفيهية، وذلك لأنه يسمح بمزيد من الوقت المسائي، الذي يُستغل عادة في التسوق والتنزه وممارسة الرياضة، لكنه على النقيض يحد من عائدات القطاعات الزراعية لأنه يؤثر على أوقات الحصاد وحلب الأبقار وغيرها، لكن أصبح من السهل التغلب على هذه المشاكل باستخدام التقنيات الحديثة.
-
السلامة العامة
حاولت العديد من الإحصائيات دراسة تأثير التوقيت الصيفي على سلوكيات الأشخاص ونسبة الحوادث والجرائم، فوُجد انخفاض طفيف في حوادث السير خاصة المتعلقة بالمشاة، كما انخفضت نسبة الجرائم في العديد من المدن، لكن يصعب الجزم أنه السبب الرئيسي لذلك، بسبب تجاهل المؤثرات الأخرى.
الدول التي تستخدم التوقيت الصيفي
- على مستوى العالم العربي هناك عدد من الدول تتبع التوقيت الصيفي منها مصر وفلسطين ولبنان والمغرب وغيرها من الدول.
- أما على مستوى دول العالم فأغلب دول أوربا تتبعه بالإضافة للولايات المتحدة وكندا والبرازيل وأستراليا وغيرها.