ريادة الأعمال من أهم المهارات التي نفتقدها في مجتمعنا العربي، ويُمكن القول أنها الحل الأول والأمثل لمشكلة البطالة، فمع تزايد القوى العاملة وتناقص فرص التوظيف خاصة الحكومية، تظهر الضرورة الملحة لإنشاء مشاريع جديدة تستوعب هذا الكم من الشباب، لكن الغالبية العظمى يُحجمون عن إنشاء مشاريعهم الخاصة ويُفضلون البحث عن وظائف؛ تجنباً للمخاطرة التي تنطوي عليها ريادة الأعمال، فالأمر يتطلب الكثير من الصبر والقيادة والمخاطرة وحسن التدبير، لكن في الآونة الأخيرة حاولت الحكومات تشجيع الشباب للاستثمار وإنشاء المشاريع الصغيرة من خلال تقديم التسهيلات والقروض اللازمة، في هذا المقال سنُعرفك أكثر على ريادة الأعمال وأهميتها للمجتمع.
لماذا تُعتبر ريادة الأعمال من الضروريات المجتمعية؟
تعريف ريادة الأعمال
- تُعرف ريادة الأعمال بأنها إنشاء عمل أو شركة أو منظمة خاصة تُقدم خدمة أو سلعة جديدة للمجتمع ذات أفكار مبتكرة، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يمتد إلى إدارتها والرقي بها نحو القمة، حتى تُصبح منظمة فاعلة ذات دور قيادي في المجتمع.
- وهنا يأتي الاختلاف الجوهري بين ريادة الأعمال وإدارة الأعمال، فالريادة تعني خلق أسواق جديدة بأفكار مبتكرة وجذب عملاء جدد، بمعنى آخر خلق المنتج والمستهلك، ومعرفة كيفية تسويقه وإقناع الآخرين به، أما الإدارة فتقتصر على توزيع المهام والأعمال المختلفة والتخطيط وفهم احتياجات السوق لمنتجات أو خدمات موجودة ومعروفة بالفعل.
- ريادة الأعمال تنطوي على مخاطر كبيرة، فهي تتطلب البحث عن موارد جديدة والاستثمار فيها، ويجب أن تتميز هذه الموارد بميزات تنافسية عن غيرها، وتوفر احتياجات العملاء بشكل كامل مع أرباح مرضية لأصحاب العمل.
رائد الأعمال بين النظريات والحياة العملية
- لفترة طويلة ظل مفهوم رائد العمال مختلط وغير واضح، فأغلب النظريات تُشير إلى أن رائد الأعمال هو شخص متمرد على الواقع! يسعى دائماً لمعارضة القواعد والطرق التقليدية المعروفة، ولا يرضى بالعمل الجماعي كونه يشعر أن من حوله لا يستوعبون نظرياته.
- لكن الحقيقة والواقع العملي أثبت عكس ذلك تماماً، فأغلب رواد الأعمال يُحبون العمل في فرق وجماعات، ويبحثون عمن يُساند أفكارهم، ومقترحاتهم الجديدة، لذلك تبقي فكرة ومفهوم رواد الأعمال من الأشياء الجدلية حتى اليوم.
صفات رائد الأعمال
أول من وضع تعريفاً واضحاً لرائد الأعمال كان عالم الاقتصاد الفرنسي ريتشارد كانتيلون، وقال بأنه شخص يُحب المخاطرة ويرضى بتحمل نتائج قراراته من اجل دعم أفكاره، وبناء على ذلك كانت هناك بعض الصفات التي يجب توافرها في أي شخص كي يُصبح أحد رواد الأعمال أهم هذه الصفات ما يلي:
-
مبادر
يسعى لاقتناص كل الفرص المتاحة والاستفادة منها، لا يبقى في مكانه بانتظار أن يُحضرها إليه أحدهم على طبق من فضة!
-
مُخاطر
والمخاطرة هنا تكون محسوبة وإلا تكون رعونة لا أكثر! فقبل أن يُقدم رائد الأعمال على أي خطوة حتى لو اعتبرها مخاطرة، لابد أن يدرس كافة جوانبها بشكل جيد، ويكون على استعداد لتحمل النتائج، بل ومواجهتها وحلها بشكل فوري إذا لم تسر الأمور لصالحه.
-
اتخاذ القرار في الوقت المناسب
في عالم الأعمال كل ثانية لها ثمن، لذلك لابد أن يتمتع رائد الأعمال بالمرونة الكافية لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب لتحقيق أقصى ربح ممكن وتجنب أي خسائر محتملة.
-
الإصرار
رائد الأعمال لابد أن يكون مُصراً على هدفه ويمتلك رؤية كاملة وواضحة لكيفية بلوغه، كما يجب أن يتصف بالمرونة ويتماشى مع التغيرات السوقية، فيكون على استعداد لتغير طريقة عمله في أي وقت إذا اضطر لذلك.
-
الاستقلالية
رائد الأعمال عادة يُحب أن يكون مستقلاً بذاته، لا يرضى بالعمل تحت قيادة أو إدارة، خاصة إن كانت تتبع أساليب تقليدية ولا تسعى للتطوير.
أهمية ريادة الأعمال للمجتمع
-
خلق فرص عمل جديدة
تُعتبر ريادة الأعمال من أهم الوسائل لمحاربة البطالة والحد منها، فمهما كانت الدولة متقدمة، لن تستطيع الحكومات توفير فرص عمل لكافة الشباب، لذلك يبرز دور رواد الأعمال في خلق فرص عمل جديدة للشباب والحرفيين وغيرهم.
-
تقدم الدولة
تعمل ريادة الأعمال على تقدم الدول والارتقاء بها من خلال خلق أسواق جديدة، بالتالي جذب المستثمرين وتنشيط حركة التبادل التجاري والاقتصادي.
-
دعم الاقتصاد
الجزء الأعظم من اقتصاد أي دولة يقوم على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لذلك انعدام ريادة الأعمال خاصة في الطبقات المتوسطة يضر كثيراً باقتصاد الدولة، ويضع عبء كبير على عاتقها، بسبب تزايد معدلات البطالة، وبالتالي تزايد الدعم والعمل على خلق فرص عمل جديدة بمفردها دون مساندة، بالتالي يُصبح اقتصاد الدولة ضعيف بسبب استنفاذ مواردها الأساسية في غير موضعها.
-
تدعم المستهلك
توفر ريادة الأعمال ميزة تنافسية كبيرة في الأسواق تصب لصالح المستهلكين، فمع ظهور منتجات جديدة وأسواق مختلفة طوال الوقت، تتعدد الاختيارات أمام المستهلكين، بالتالي ينتفي جانب الاحتكار، وتسعى كافة الشركات لإرضاء العملاء وجذبهم من خلال تطوير منتجاتها بشكل مستمر، والسعي لتقديم أفضل جودة ممكنة بأقل سعر، بالإضافة للعروض الترويجية المختلفة، بالتالي يُصبح المستهلك هو المستفيد الأول في هذه الحالة.
-
الاحتفاظ بالأيدي العاملة
الأيدي العاملة أو الموارد البشرية هي أكبر وأهم رأس مال اقتصادي في أي دولة، لكن نقص المشاريع الاستثمارية وفرص العمل المناسبة تدفع أصحاب الخبرات والمواهب للهجرة، بالتالي يزداد التخلف الاقتصادي والاجتماعي.