أشكال الحياة على وجه الأرض تتغير باختلاف الزمن، منذ أن خلق الله كوكبنا الأرضي مرت عليه العديد من الكائنات الحية وتباينت ظروف وطبيعة الحياة من زمان لأخر، إذا تمكنت من زيارة أحد متاحف الكائنات الحية سترى هذه الحقيقة بوضوح، ظاهرة الانقراض من أكثر الظواهر الطبيعية التي أثرت على شكل الحياة وأدت لاختفاء العديد من الكائنات الحية ومن المتوقع أن تقضي على المزيد من الفصائل الحيوانية، فالبقاء دائماً للأقوى والأقوى فقط، لكن ترى ما هو السر وراء هذه الظاهرة، وكيف تغلبت على العديد من الفصائل والكائنات الحية؟
لماذا تحدث ظاهرة الانقراض وكيف تنقرض الكائنات الحية؟
– تعريف الانقراض
الانقراض هو اختفاء نوع من الكائنات الحية بشكل دائم واستحالة تكاثره أو استعادته مرة أخرى، يحدث ذلك إما بموت آخر فرد من أفراد الفصيلة، أو بموت آخر فرد قادر على التزاوج والإنجاب، أي يُمكن أن تُصنف فصيلة ما على أنها منقرضة رغم وجود بعض أفرادها على قيد الحياة، لكن يُفترض أن تكون هذه الأفراد الباقية إما عقيمة أو وحيدة النوع ولا تستطيع التكاثر نهائياً، بالتالي يكون انقراضها مسألة وقت لا أكثر.
– أنواع الانقراض
رغم أن نتيجة الانقراض غالباً واحدة وهي اختفاء النوع الحيواني بالكامل، إلا أن العلماء قاموا بتصنيف الانقراض لعدد أنواع كما يلي:
-
اختفاء الفصيلة بالكامل
أي يحدث أن تنتهي فصيلة حيوانية أو نباتية أو حتى حشرية بالكامل دون أن تترك أي سلف لها، كما حدث في فصيلة المحاريات المسطحة التي سادت في عصور سحيقة لكنها اختفت قبل 240 مليون عام مضت.
-
ظهور سلالات جديدة
تحدث هذه الظاهرة بتطور الكائن الحي مع مرور الزمن، فيتغير شكله ليصبح أكثر تأقلماً مع البيئة من حوله، وبمرور الزمن قد تختفي خصائص السلالة الأولى تماماً وتظهر سلالة جديدة مختلفة في الخصائص رغم انحدارها منها، وعادة تظهر أكثر من سلالة وتتطور قبل أن تستقر على الصورة النهائية والتي تبقي ثابتة لفترة زمنية طويلة نسبياً.
-
الانقراض الجماعي
ويحدث عادة بسبب كارثة طبيعية كالفيضانات والأعاصير والنيازك تؤثر على الظروف المناخية والبيئة الطبيعية للكائنات الحية ما يسبب نفوق جماعي، وتعتبر أكثر الحوادث تأثيراً في تاريخ الأرض هو النيزك الذي ضرب الأرض قبل 65 مليون عام مضت وتسبب في حدوث سحابة ترابية أدت لحجب أشعة الشمس عن الأرض لمدة 6 أشهر كاملة، ما أفقد النباتات القدرة على القيام بعملية البناء الضوئي، بالتالي حدث خلل في السلسة الغذائية، فماتت النباتات وتبعها الحيوانات النباتية، ثم الحيوانات اللاحمة، ولم يتمكن من البقاء على قيد الحياة في تلك الفترة سوى الحشرات والديدان التي تعتمد على بقايا الكائنات النافقة.
– أسباب الانقراض
قام العلماء بتقسيم أسباب الانقراض لنوعين أساسيين، نوع يحدث بسبب الانتخاب الطبيعي، ونوع يحدث بفعل الإنسان كما يلي:
-
الانقراض الطبيعي
تخضع كافة أشكال الحياة على وجه الأرض لما يُسمى بقانون الانتخاب الطبيعي، ما يعني أن أقدر الأحياء على التعايش مع البيئة والاستفادة من مواردها والتعامل مع الأنواع الأخرى التي تعيش معها هي التي تحظى بفرصة للبقاء بينما تنقرض الأنواع الأخرى، مثال على ذلك اختفاء الثدييات الكبيرة والديناصورات والزواحف العملاقة في نهاية العصر الكريتاسي، وقد يكون الانقراض ناتجاً عن تطور النوع ليكون ملائماً للتغيرات البيئية والمناخية المحيطة بها.
-
الانقراض الحديث
يعتبر الإنسان هو المسبب الأول لهذا النوع من الانقراض، نتيجة ممارسة العديد من الأنشطة التي تتسبب في تدمير البيئة والإخلال بطبيعة التوازن ما يسبب انقراض الكائنات الحية، تصل هذه الأنشطة لمئات وربما آلاف، مثل الصيد الجائر وتدمير الغابات والإخلال بالغطاء النباتي، واستخدام المبيدات وصرف المخلفات الصناعية في مياه الأنهار وإقامة السدود وغيرها، حيث تؤدي هذه الأنشطة لتغيير شكل البيئة وتعديلها بشكل يُناسب الإنسان، لكن يُخل بباقي الأنواع الحية، فيترتب عليها إبادة العديد من الأنواع النباتية والحيوانية وتهديد أنواع أخرى بالانقراض، وأكبر مثال على ذلك النقص الحاد في مساحات الغابات الاستوائية، حيث تراجعت مساحتها بنسبة 40% خلال القرن ونصف الماضية.
– تاريخ حدوث الانقراض
-
انقراض ما قبل التاريخ
يقدر العلماء بداية الانقراض منذ حوالي 4 بلايين عام مضت، كما يُعتقد أن الأرض مرت بخمس انقراضات جماعية منذ نشأتها وبداية الحياة عليها، ومثلت هذه الانقراضات بداية نهاية حقبة زمانية وبداية أخرى، وقد أثبتت الأبحاث أن عدد الأحياء التي تنقرض خلال الانقراض الجماعي تصل لنحو ربع أو نصف عدد الكائنات الحية في هذه الحقبة.
-
الانقراض الحديث
تسارع معدل الانقراض في العصر الحديث بشكل مبالغ فيه أدى لاختفاء أكثر من 50 نوع من الثدييات بالإضافة لنحو 75 نوع من الكائنات الأخرى، ما أدى لاعتقاد العلماء أن العالم يعيش عصر من عصور الانقراض الجامعي، والمسبب الرئيسي لها هو ما يقوم به الإنسان من أفعال غير مسئولة دون أن ينتبه لنتائج أفعاله، الأمر الذي سيعود عليه وعلى حياته بأضرار بالغة، والتي بدأت في الظهور بالفعل، فما نُعانيه اليوم من ارتفاع نسب الغازات السامة والتصحر وبوار التربة وغيرها ما هو إلا نتيجة للإخلال بمنظومة الحياة.