الأحلام هي إحدى العوالم الغامضة والظواهر الغريبة في حياتنا، وجميعنا نحلم حتى هؤلاء الذين يقسمون على أنهم لا تراودهم الأحلام خلال نومهم، فقد أثبتت الدراسات العلمية أنه لا يوجد عقل بشري واحد لا يحلم أثناء النوم، وأن هذه الأحلام هي جزء من طبيعته وتكوينه ووظائفه التي يقوم بها حتى إن لم نشعر بها، وهذا يقودنا إلى سؤال آخر مُحير هو: لماذا تراودنا الأحلام ما أسبابها وهل لها فوائد؟
لماذا تراودنا الأحلام ؟
الأحلام هي تلك الظاهرة الفريدة التي تحدث حين يكون العقل في حالة سبات، والتي حيرت العامة والعلماء لفترات طويلة، فكل الظواهر التي يتعرض لها الإنسان يكون لها تأثير ما عليه، فترى ما هو تأثير الأحلام أو ما فوائدها إن كان لها فوائد؟!.. في محاولة للتوصل إلى إجابة عقدت العديد من الأبحاث خلال العقود الماضية، ونتج عن هذه الأبحاث العديد من النظريات، بعضها ما تم إثبات صحته بشكل قاطع، ومنها ما لايزال مجرد نظرية تبحث عن دليل يؤكدها.
تنمية المهارات الإدراكية :
الأحلام تلعب دوراً فعالاً ومحورياً في تنمية المهارات الإداركية لدى الإنسان، هذا ليس حديثاً مرسلاً بل أنه نتيجة الدراسة الألمانية، التي قام بها فريق بحثي من علماء النفس بجامعة لوبيك في ألمانيا، فقد قام هذا الفريق باستخدما تقنيات تصويرية بالغة التطور، وقاموا باستخدامها لرصد حركة الخلايا والتغيرات التي تتطرأ عليها خلال النوم، ووجدوا أن هذه الخلايا تزداد نشاطاً مع توارد الأحلام خلال ساعات النوم، وكانت درجة نشاط خلايا الدماغ متفاوتة ومختلفة بين شخص وآخر ممن خضعوا للتجارب، والنتيجة النهائية أن من كان نشاط خلاياه أعلى خلال النوم أو بمعنى أدق أثناء مراودة الأحلام له، كان النشاط العقلي لديهم خلال فترات اليقظة أعلى من الآخرين، مما دفع العلماء إلى الربط بين معدل ورود الأحلام وبين ارتفاع القدرات الإدراكية والعقلية.
تنمية الجانب الروحاني :
الأحلام تحتل مكانة خاصة في مختلف الأديان السماوية، ومن ثم صارت من العوامل المحفزة للجانب الروحاني لدى أصحاب تلك الديانات، الأمر لا يتوقف عند هذا الحد حيث أن الاعتقاد بأن الأحلام تحمل رسائل إلهية، يمنح البعض دفعة تحفيزية للأمام ويحثهم على التقدم في عالمهم الواقعي، وقد حاول العلماء كثيراً تناول عالم الأحلام من هذا الجانب، إلا أن أبحاثهم حتى اليوم لم تتوصل إلى نتائج قاطعة بهذا الصدد.
تجعل الشخص أكثر صلابة :
من النظريات التي تدور حول أسباب الأحلام وما ينتج عنها من فوائد، ذهبت إلى أنها تلعب دوراً محورياً في جعل الإنسان أكثر قوة وصلابة، وتنمي قدراته على احتمال الضغوط النفسية والصدمات العاطفية والمشاعر السلبية كالخوف والقلق، ويقول بعض العلماء أن هذه الفائدة تأتي كنتيجة للتعرض إلى الكوابيس وليس الأحلام الجلية، وفي هذا الصدد يقول العلماء أن الكوابيس تؤدي إلى تفريغ الضغوط الفسيولوجية، أي أن الطاقة السلبية التي تختزن داخل الجسم نتيجة المرور بالتجارب المؤلمة، يتم تفريغها في قلب عالم افتراضي وهمي وهو ما يدفع الإنسان إلى التحرر منها في واقعه.. لم يتم التوصل إلى دليل واضح وصريح على هذا الأمر حتى الآن، لكن هناك شبه إجماع من العلماء على صحة هذه النظرية.
حفظ الاتزان العقلي :
اتزان العقل ووقايته من الجنون والخرف وحفظ سلامته من أسباب الأحلام أيضاً،هذا وفقاً لما أثبتته إحدى الدراسات العلمية التي جرت بالولايات المتحدة الأمريكية، فقلة النوم أو انعدامه تقود الشخص إلى حالة من عدم الاتزان، ويعجز العقل حينها عن القيام بأنشطته العقلية أو الفكرية، ومع الوقت تظهر على الشخص بعض أعراض الجنون وتراوده الهواجس، وبعض العلماء يرى أن هذا لا يرجع فقط لحرمانه من النوم بل لحرمانه من الأحلام أيضاً، إذ أن الأعراض ذاتها تحدث إذا كان النوم مضطرباً أو غير مستقر؛ إذ أن الإنسان في تلك الحالة رغم نومه لا يصل إلى النوم العميق أي أن لا تراوده الأحلام
تنمي النواحي الإبداعية :
من ضمن أروع أسباب الأحلام هي فاعليتها في تنمية الجانب الإبداعي، فقد وجد العلماء أن التغيرات التي تطرأ على العقل خلال مراودة الحلم الجلي، تنشط خلالياه وتعزز القدرات الإبداعية لدى الإنسان، والتاريخ نفسه يبرهن على ذلك بالأدلة التي وردت على ألسنة المبدعين، فالعالم أينشتين على سبيل المثال يؤكد أن النظرية النسبية كانت نتيجة إلهامات راودته بأحلامه.