تحريم الوشم في حكم شريعة الإسلام هو أمر متفق عليه بين كافة العلماء والفقهاء، والوشم على الجلد يتم باستخدام إبر تدفع المواد الملونة أسفل الجلد، مما يعمل على حفظها ويضمن بقاء النقش أو الرسم إلى الأبد، وفي الآونة الأخيرة زاد انتشار ظاهرة الوشم أو كما يعرف بـ”التاتو” وتعددت أساليب صنعه، إلا أن تاريخه يعود إلى الأزمنة القديمة، وقد عُرف في زمن الجاهلية وكان منتشراً به إلى أن تم تحريم الوشم بعد بعث النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
تحريم الوشم بنص الحديث :
الحديث الشريف الذي ورد به تحريم الوشم بالشريعة الإسلامية متفق على صحته، أورده الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحهما عن رواية الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والذي انذر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كل من الواشمة والموشومة باللعن، ومن المتفق عليه بين الأئمة أن كل فعل عاقبته اللعن يعد من ضمن الكبائر.
تغيير الخلق :
تنهى أحكام الدين الإسلامي عن الإقدام على أي عمل من شأنه تغيير خلق الله، وانطلاقاً من هذه القاعدة جاء تحريم الوشم والنمص والتفلج أي نحت الأسنان.. واتفق المفسرون والفقهاء جميعاً على تحريم هذه الأمور جميعها، أما عن السبب فقد ذهب إلى الإمام الطبري إلى اعتبار هذه التغيرات نوع من التدليس، الذي من شأنه إظهار الأشياء على خلاف حقيقتها، وقد توافق على تفسيره هذا غالبية الفقهاء، مع استثناء الحالات التي يلجأ الإنسان فيها إلى التغيير بسبب داء ما أو علة، كما أن تحريم الوشم وما شابهه ناتج عن كونهم يحدثوا تغيرات دائمة بهيئة الخلقة، أما التغيرات الوقتية فقد أبيحت مثل الحناء والكحل، وهذا وفقاً لما أورده الإمام القرطبي من شرح وتوضيح بكتبه.
الحكمة من تحريم الوشم :
تحريم الوشم مثله كمثل تحريم الخمر وتحريم الميسر وكافة المحرمات الأخرى، الله -عز وجل- لم يُحرمها إلا رحمة بعباده وإشفاقاً عليهم، سواء ظهرت لنا حكمته -عز وجل- من ذلك أو غابت عنا، ولفترة طويلة كانت السبب سالف الذكر هو الأسباب الوحيدة لـ تحريم الوشم ، ولكن بعد أن تناولت عدة أبحاث علمية آلية الوشم والآثار الناجمة عنه، جميعها أثبتت أن عملية صنع الوشم تعرض الإنسان الموشوم لمخاطر صحية عديدة، قد تصل إلى حد تعرضه للإصابة بمرض السرطان.
مخاطر الوشم :
تبين لنا الحكمة من تحريم الوشم من التقرير الصادر عن نقابة الأطباء بفرنسا، والذي أعلن به بشكل رسمي مخاطر الوشم، وحذرت النقابة من المخاطر المحتملة لرسومات الوشم بنوعيه سواء الوشم الدائم أو المؤقت، مؤكدة على أن المواد المستخدمة في عملية الوشم هي مواد سامة، منها الألومنيوم والنحاس والزئبق والكروم والكوبالت وغيرهم، وبغض النظر عن أن تلك المواد المستخدمة بالوشم سامة بطبيعتها، فأنها قبل أن تخترق طبقة الجلد العليا تكون معرضة لأشعة الشمس فوق البنفسجية، وهو ما يزيد من احتمال تعرض الشخص الموشوم إلى مرض السرطان، ولا يمكن بالطبغ إغفال احتمال انتقال الأمراض المعدية مثل الإيدز أو الالتهاب الكبدي، نتيجة لاستخدام إبر رسم الوشم لأكثر من شخص.. ومن هذا كله تتضح الحكمة العظيمة من تحريم الوشم في الإسلام، وأن التحريم لم يأتي إلا ليحمي الناس من شر محدق.
مخاطر إزالة الوشم :
دليل آخر على أن تحريم الوشم هو الأنفع للناس والأصلح، فأن إزالة الوشم ليست أمراً هيناً أو يسيراً كما يتخيل البعض، بل أنها أيضاً عملية محفوفة بمخاطر عِدة لا تقل شدتها عن تلك المحتملة لرسم الوشم، فنقابة الأطباء الفرنسية من خلال ذات التقرير السابق، أكدت على ضرورة استشارة طبيب الجلدية المختص قبل الإقدام على عملية إزالة رسم الوشم، فإزالة الوشم قد ينتج عنها عدد كبير من الأمراض الجلدية، وبالنسبة لذوي البشرة الحساسة فأنهم معرضون للخطر أشد.