القرود هو اسم عامل يجمع بين مجموعة عملاقة من الحيوانات الثدية، جميعها تنتمي إلى مملكة الحيوان وتنحدر من رتبة الرئيسيات، وهي تلك الرتبة التي تضم كم أضخم من الكائنات الحية تتشارك خصائص محددة وتتفاوت أحجامها وأوزانها، فهذه الرتبة تضم حيوان الليمور الذي يزن حوالي 30 جراماً فقط وأيضاً تضم غوريلا السهول التي يتجاوز وزنها 200كجم، الرئيسيات بصفة عامة تتمركز في محيط المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية بامتداد قارات إفريقيا وآسيا والأمريكتين، والغالبية العظمى من مخلوقات رتبة الرئيسيات التي تعيش بهذه المناطق تتخذ من الأشجار بيوتاً لها، إلا أنه مع الوقت وتطور آليات البحث العملي في مجال علم الأحياء، قام بعض العلماء بعمل مراجعات لبعض الأمور التي كانت في الماضي مُسلم بها، وأهمها وأبرزها اكتشافهم أن مصطلح القرود أكثر شمولاً مما يجب، وأن بعض الفصائل المنتمية لنوع القرود هناك اختلافات جوهرية تفصل بينها وبين الرئيسات الأخرى.
القرود والرئيسيات والتطور :
اهتم العلماء بدراسة الحفريات للتوصل إلى أسلاف المخلوقات ومعرفة شكل الحياة في الأزمنة الماضية، ووفقاً لهذه الدراسات التي تناولت رتبة الرئسيات المنتمية لها القرود ،فأن آخر ما توصل إليه العلماء يشير إلى أن هذه المخلوقات ظهرت في أوائل عصر الإيوسين، مما يعني أن حياتها على سطح الأرض بدأت قبل أكثر من 55 مليون سنة، وأغلب الظن أن هذه الثديات قد تطورت مع مرور الزمن حتى صارت على الشكل الحالي لها، ومنها آكلات الحشرات والخفافيش وبعض أنواع القوارض و القرود ،وقبل 40 مليون سنة انقسمت رتبة القرود المسماه سيمقورميز وانحدر منها فصيلين مختلفين ينتميا إلى القرديات.
القرود والتصنيف الفرعي :
القرود باختلاف أنواعها وفصائلها التي تتجاوز المائة وخمسون نوعاً وفصيلاً تدرج من رتبة الرأسيات، إلا أنه في وقت لاحق اكتشف علماء الأحياء أن إطلاق كلمة ” قرود ” على كافة الأنواع قول مشوب بالخطأ، فاضطروا إلى إجراء تصنيف فرعي للفصل بين النوعين، وكان الاعتماد في هذا التصنيف على مجموعة من الصفات الجوهرية التي تجمع بين فصائل كل نوع، ولا يوجد في اللغة العربية لفظ صريح للتمييز بينهما، بينما بالإنجليزية فقد أشار العلماء إلى إحدى المجموعتين بـ Monkeys وهو الاسم الأصلي للقردة، أما المجموعة الثانية فقد سُميت بـ Apes، أما بالعربية ففي محاولة للفصل بينهما أطلق على الأولى قردة العالم الجديد، أما الثانية الأقرب للأسلاف فسميت قردة العالم القديم، والفروق بين كلا المجموعتين تم إيجازها من قبل علماء الأحياء في النقاط التالية :
1- الوجه والأنف :
أول الاختلافات الفاصلة بين فصيلي القرود هو شكل الرأس والأنف، حيث أن كل منهما يمتلك أنفاً تختلف اختلاف تام عن أنوف الآخر، ولفترة طويلة أتخذ العلماء من نمط الأنف مسمى للإشارة إليهما:
- قردة العالم الجديد : هي الفصيل الأقرب لباقي حيوانات رتبة الرئيسيات، وتعرف أيضاً بمسمى عريضات المنخرين بسبب اتساع مساحة الحاجز الأنفي لديها، ووجود الفتحات الأنفية على جانبيه، ويمتلك هذا الفصيل من القرود وجوهاً مسطحة مجردة من الشعيرات، كما أن حجم جمجمة هذا الفصيل من القرود صغير نسبياً.
- قردة العالم القديم : الفصيل الثاني من القرديات والمعروف بمسمى نازلات المنخرين، حيث يتميز هذا الفصيل بالحاجز الأنفي المستطيل المتجه للأسفل، وفتحات أنوفها تقع عند أسفله متجه إلى الأسفل، أما وجهها فيكون عادة محاط بشعر كثيف، وحجم جمجمة هذه القرود يتميز بالكبر مقارنة بالفصيل الآخر.
2- الموطن ومكان العيش:
الاختلاف الثاني بين كلا الفصيلين يكمن في مواطن انتشارهما، وطرق العيش المفضلة بالنسبة لهما:
- قرود العالم الجديد : فصيل القرود هذا كأغلب الرئيسيات شجرية بطبيعتها، ولهذا تنتشر أكثر بالغابات الاستوائية كثيفة الأشجار، وبالأخص الغابات المطيرة بمنطقة الأمازون.. هذا الفصيل يتواجد بمحيط قارتي إفريقيا وآسيا، وينتشر بكثرة بمنطقتي أمريكا الوسطى والجنوبية، خاصة بشمال الآجنتين وجنوب البرازيل والمكسيك.
- قرود العالم القديم : رغم قدرة القرود المنتمية إلى العالم القديم على التسلق، إلا أنها تفضل هجر الأشجار والعيش على الأرض وبالجبال، ويتواجد بعض أنواع هذا الفصيل بقارة إفريقيا، وينتشر بكثرة بآسيا بامتداد ساحل البحر الأحمر بدولتي اليمن والمملكة السعودية، ويمتد تواجده إلى عمق القارة بالمنطقة الواقعة بين اليابان وأفغانستان.
3- الذيل والأصابع :
القرديات باعتبارها كائنات متسلقة للأشجار فأنها تعتمد كثيراً على أصابع يدها وذيلها، وهو عامل آخر يشكل اختلافاً جوهرياً بين كلا الفصيلين:
- قرود العالم الجديد : القرود من هذا الفصيل إصبع الإبهام لديها غير قابل للتحريك المفصلي، بل أن بعضها يفتقد إلى هذا الإصبع تماماً، مما يعني أنها تعتمد على أربعة أصابع فقط في تقافزها بين غصون الأشجار بجانب ذيلها، فتلك القرود تتميز بامتلاكها ذيل قابض مفصلي، أي أنها يمكنها التحكم في حركة ذيلها الذي يمتاز بقوته، حتى أن هذه القرود بإمكانها حمل كامل جسدها على هذا الذيل والتعلق به بغصون الأشجار.
- قرود العالم القديم : أطراف هذه القرود تتشابه بنسبة كبيرة مع أطراف الإنسان، إلا أنها تفتقر إلى الذيل المفصلي القابض الذي يتميز به الفصيل الآخر، فقرود العالم القديم ذيولها قصيرة غير قابضة، وبعض القرود المنتمية لهذا الفصيل شبه عديمة للذيل مثل قرد الماكاك.
4- الحجم :
هناك تباين كبير بين فصيلي القرود من حيث الحجم، مما يجعله أحد أهم العوامل المفرقة بينهما.
- قرود العالم الجديد : أحجام هذه القرود تمتاز بصغرها نسبياً عن قرود الفصيل الآخر، فأضخم قرد عثر عليه من هذه الفصيلة كان يبلغ طوله حوالي 70 سم، وتراوح وزنه ما بين 12 : 15 كجم تقريباً.
- قرود العالم القديم : القرود المنتمية للعالم القديم تتميز بضخامة أجسامها وثقل وزنها، فهي تضم الشمبانزي الذي يصل طوله لأكثر من 150سم ويزن حوالي 60كجم، وكذلك تضم الغوريلا بأنواعها والتي تعتبر أضخم أنواع القرديات على الإطلاق، والتي تتجاوز أوزان بعضها 2000 كجم، مروراً بحيوان إنسان الغاب أو الأورانغوتان ذو الأربعة أقدام طولاً ومتوسط 70 كجم وزناً.
5- العمليات العقلية :
كثيراً ما نسأل: لماذا تعتبر القردة أقرب الكائنات إلى الإنسان؟، والإجابة تتجاوز حد التشابه الهيكلي الخارجي في تكوين الجسم، إذ أثبتت الأبحاث أن القرود تمتلك قدر كبير من الذكاء وكذا تتمتع بحياة اجتماعية شبيهة بحياة البشر، لكن أي من الفصيلين هو الأقرب للإنسان؟
- قرود العالم الجديد : هذه الأنواع من القردة الصغيرة لا تعد شبيهة بالإنسان بأي شكل، هي تعيش في جماعات شأنها في ذلك شأن العديد من الحيوانات الأخرى، أما عن الذكاء فهو محدود بالقدر الكافي ليمكنها من مواصلة الحياة في بيئتها.
- قرود العالم القديم : القرود التابعة لفصيل العالم القديم هي الأقرب إلى الإنسان، فوفقاً للأبحاث التي أجريت في كبرى جامعات العالم، فأن أنواع قرود العالم القديم مثل الشمبانزي أظهرت قدرة فائقة على التعلم واكتساب المهارات، كذلك الحياة الاجتماعية لأنواع الغوريلا جاءت شبه مطابقة لأسلوب حياة البشر، حيث يتولى الذكر قيادة الأسرة وتعاونه الأنثى في رعاية الصغار، كما أن الغوريلات تعيش في جماعات تمتاز علاقة أفرادها بالترابط والتواصل، كذلك تمكن إنسان الغاب (الأورانغوتان) من تعلم عمليات أكثر تعقيداً مثل المقايضة.