جهاز المناعة هو بمثابة الجيش الحامي لجسم الإنسان، وخط الدفاع الأول له في مواجهة ما يداهمه من ميكروبات وأجسام ممرضة، وللأسف رغم ما يشهده عالمنا اليوم من تطور تكنولوجي وثورة صناعية، إلا أن ذلك كله له آثار جانبية سلبية ضارة بصحة الإنسان، ومن ثم تضاعفت أهمية الدور الذي يؤديه الجهاز المناعي البشري، وأصبح من الضرورة معرفة أسباب ضعف جهاز المناعة، ومن ثم تلافيها مع الأخذ بالأسباب التي تعمل على تحفيزه ورفع معدل كفائته.
أسباب ضعف جهاز المناعة :
قد أجرى العلماء مجموعة من الدراسات تناولت ذلك الأمر بالبحث والتحليل، وحددوا أسباب ضعف جهاز المناعة التي يعتمد الحفاظ على سلامته على تجنبها وتحاشيها.
الغذاء غير الصحي :
من البديهي والمعروف أن النظام الغذائي ضالع في كل تغير يطرأ على الحالة الصحية العامة للإنسان، سواء كان ذلك التغير للأحسن أو سلبي للأسوأ، وعدم اهتمام الإنسان باتباع نظام صحي ومتوازن يعد أول أسباب ضعف جهاز المناعة ،وتؤكد الأبحاث أن هناك ارتباط قوي بين زيادة معدل استهلاك الأطعمة الضارة و ضعف جهاز المناعة ،خاصة تلك الوجبات الجاهزة لما تحتوي عليه من مواد حافظة ضارة ومكسبات الألوان، كذا الأطعمة سريعة التجهيز التي تحتوي على نسب مرتفعة جداً من الدهون غير المشبعة، وهذا كله بخلاف الزيوت المهدرجة والمواد السكرية المكررة وما يشابهها، ومن هذه الأطعمة ما يؤدي إلى ضعف جهاز المناعة من خلال التأثير المباشر عليه، ومنها ما يكون له ذات التأثير السلبي ولكن بطريقة غير مباشرة، حيث أنها تعمل على إرهاق جهاز المناعة، وينشغل بمقاومة ما يتخلف عنها من سموم ومواد ضارة داخل الجسم، وبالتالي تتراجع قدراته على مجابهة الفيروسات والمُمرضات.
الاحتجاب عن الشمس :
الشمس هي إحدى أروع نعم الله عز وجل على عباده، فهي تعد مصدر مجاني لفيتامين د الذي لا يتوفر بالأطعمة إلا بنسبة محدودة، وقد لاحظ العلماء أن الأشخاص الذين ينشطون ليلاً ويقضون ساعات النهار في النوم، كانوا أكثر عرضة للإصابة بـ ضعف الجهاز المناعي عن غيرهم، حيث أن نقص فيتامين د هو أحد الأسباب الرئيسية لـ ضعف جهاز المناعة ، ومن ثم فأن الأطباء ينصحون بضرورة تعرض الإنسان البالغ بصفة دورية لأشعة الشمس، على أن يكون ذلك لمدة زمنية تتراوح ما بين 10 : 15 دقيقة للوقاية من ضعف جهاز المناعة ،بل أن هذه الأشعة تساهم في رفع كفاءة الجهاز المناعي وتزيد من فاعليته وقوته.
المشروبات الكحولية :
تشتهر المشروبات الكحولية بما تشكله من خطورة على صحة الكبد، وهذا حقيقي لكنه ليس كامل الأضرار التي تنجم عنها، فوفقاً لما أعلن مؤخراً من قبل فريق بحثي تناول تأثير الخمور والكحوليات على الصحة، فهي لها تأثيرات مُدمرة على الجهاز العصبي المركزي للإنسان، وهو الجهاز المسئول عن تنظيم عمل مختلف أجهزة وأعضاء الجسم، وبالتالي تم تصنيف الكحوليات كأحد أسباب ضعف جهاز المناعة ،كما ثبت أن المشروبات الكحولية لها تأثير سلبي بالغ على خلايا الدم البيضاء، والتي تعد العنصر الأساسي بالمنظومة المناعية.
اضطرابات النوم :
يقترن عادة ضعف جهاز المناعة بالنوم غير المنتظم أو المضطرب، حيث أن جهاز المناعة هو أكثر أجهزة الجسم التي تعرض للإجهاد، حيث أنه طوال ساعات استيقاظ الإنسان يكون مشغولاً بالدفاع عنه وصد هجمات الميكروبات المُمرضة، ومن المسلم به أنه من غير الممكن أن يستمر في العمل بذات درجة الكفاءة لفترات طويلة متصلة، ومن ثم تأتي أهمية النوم لإراحة جهاز المناعة شأنه شأن كافة أجهزة الجسم، ليستعيد نشاطه من جديد استعداداً لاستقبال يوم جديد وجولات جديدة ضد مسببات الأمراض، ويحدد العلماء فترة النوم التي يحتاجها الإنسان بحوالي 8 ساعات يومياً، و6 ساعات من النوم الهادئ المنتظم كحد أدنى، لتحقيق تلك الفائدة والتصدي لـ ضعف جهاز المناعة
أمراض الجهاز الهضمي :
أغلب المخاطر الصحية التي يتعرض لها الإنسان، تكون ناتجة عما يقوم بتناوله من أطعمة ومشروبات، ولهذا فأن حوالي 80% من القدرات المناعية بالجسم تتركز بالجهاز الهضمي، متمثلة في كم هائل من البكتيريا النافعة المكافحة للسموم والأمراض، ويقدر العلماء أنواع هذه البكتيريا بحوالي 400 نوع تزن 2كجم تقريباً من وزن الإنسان البالغ، وأمراض الجهاز الهضمي تؤثر سلباً على هذه البكتيريا، كما أن المضادات الحيوية التي يتم تناولها لعلاج أمراض الجهاز الهضمي، تتسبب في قتل كم كبير من هذه البكتيريا المناعية النافعة، ويترتب على ذلك ضعف جهاز المناعة بوجه عام.
بعض أنظمة التخسيس :
السمنة تعد أحد أكبر المشاكل التي قد يتعرض لها الإنسان، وأمام رغبته الجامحة في التخلص من مظهر جسمه المشوه، والوقاية من أضرارها المحتملة ومضاعفاتها الخطرة، قد يُقدم على اتباع أي حمية غذائية بهدف تحقيق غايته في زمن قياسي، ولكن يجب الحذر هنا ولابد من استشارة طبيب مختص قبل الإقدام على ذلك، حيث أثبتت الأبحاث العلمية أن أنظمة التخسيس قد تتسبب في ضعف جهاز المناعة ،خاصة إذا اتبع الشخص حمية غذائية تتسم بالقسوة وتقليص كميات الطعام بنسبة كبيرة، حيث وُجِد أن اتباع مثل هذه الأنظمة يقلل من عدد الخلايا الطبيعية القاتلة للمُمرضات، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى ضعف جهاز المناعة والحد من مستويات فاعليته.
إهمال الرياضة :
كثيراً ما يُدار الحديث حول الفوائد الصحية التي تكتسب من ممارسة الرياضة، ولكن قليلاً ما نسمع من يتحدث عن الأضرار التي تنجم عن إهمالها، حتى صار الاعتقاد الشائع أن الرياضة ما هي إلا رفاهية صحية إن صح التعبير، ولكن الحقيقة التي أثبتت علمياً على النقيض من ذلك، فالرياضة أساسية للحفاظ على الصحة ويعد ضعف جهاز المناعة أول ما ينجم عن إهمالها، والرياضة تؤثر على جهاز المناعة بطريقتين مختلفتين:
- عدم ممارسة الرياضة يضر بصحة الجسم عموماً، والضعف حينها ينال من كافة أجهزة وأعضاء الجسم وليس العضلات فقط، كما أنها تقي من التعرض لمرض السمنة الذي يعد من أسباب ضعف جهاز المناعة
- على الجانب الآخر فأن الإفراط في ممارسة الرياضة أيضاً له تأثير سلبي، ويعتقد البعض أن زيادة فترات التمرين أو ممارسة تمرينات شاقة يأتي بنتائج أفضل، لكن الحقيقة أن ذلك الإفراط يؤدي إلى إنقاص نسب كرات الدم البيضاء داخل الجسم، ومن ثم يؤدي إلى ضعف جهاز المناعة باعتبار كرات الدم البيضاء أساساً له.
ومن ثم يوصي الأطباء وخبراء التربية البدنية بضرورة الاعتدال في ممارسة الرياضة، لاكتساب فوائدها الصحية العديدة، وفي ذات الوقت تجنب الإجهاد والسقوط في شرك أضرار الإفراط.
الحالة النفسية :
الحالة الصحية العضوية تتأثر كثيراً بالحالة النفسية للإنسان، وفيما يخص ضعف جهاز المناعة فإن المزاج السيء من أقوى مسبباته، وقد قال العلماء أن من معجزات الحب مساهمته في رفع كفائة مناعة الإنسان، وذلك بفضل ما ينتج منه من شعور بالسيكنة والراحة والنفسية، ومن هنا نستنتج أن عَكس الأسباب يقود إلى انعكاس النتائج، وقد وُجِد أن تعرض الإنسان لحالة من حالات الاكتئاب أو وقوعه تحت طائلة الضغوط، يعد أحد أسباب إصابته بـ ضعف جهاز المناعة ،وذلك لأن صد الشعور بالإجهاد أو الضغط أحد المهام الموكلة إلى جهاز المناعة، وعند تعرض الإنسان لأزمة نفسية فأن جهاز المناعة يكرث كافة طاقاته لمجابهة تلك المشاعر السلبية، مما يؤدي إلى ضعف مقاومته للميكروبات والفيروسات والمُمرضات بأنواعها.