كوكب الزهرة هو احد أجمل الكواكب وأقربها للأرض، حتى أنه يظهر لامعاً في سماء كوكبنا الأرضي بشكل واضح للعين المجردة، ويُمكن اعتباره ثاني أكثر الأجرام السماوية سطوعاً بعد القمر، لُقب بالزَهرة لشدة بهائه وجماله، فهو يبدو كقطعة رخامية براقة تتموج بدرجات العاج واللؤلؤ تتهادى في عباب الفضاء المظلم، لتُضفي عليه رونقاً وبهاءً خاصاً، واصل هذا الكوكب إدهاش العلماء من لحظة اكتشافه، فهو الكوكب الوحيد الذي يدور حول نفسه باتجاه عقارب الساعة، مُخالفاً في ذلك الحركة المعروفة للكواكب، كما أنه كوكب مجرد من الأقمار ولا يُشاركه في هذه الصفة سوى كوكب عطارد فقط، فما سر هذه الاختلاف؟
لماذا يُطلق على كوكب الزهرة اسم توأم الأرض؟
سر تسميته بالزهرة
عند النظر لكوكب الزهرة عبر التلسكوبات الفضائية يظهر لنا كوكب عاجي يميل للبياض ويتميز بشدة سطوعه ولمعانه، من هنا جاء اسمه في اللغة العربية حيث أن كلمة “زَّهَرَة” في لغتنا تعني “البياض المستنير” أي أن كوكب الزهرة يعني الكوكب الأبيض المستنير.
أما في اللغة الانجليزية فيطلق عليه أسم Venus وهو اسم يوناني قديم يُطلق على إلهة الحب والجمال عند اليونانيين القدامى، إن دل هذا على شيء فيدل على مدى الجمال والروعة التي لُمست فيه.
أهم خصائص كوكب الزهرة
لعقود طويلة ظل تكوين كوكب الزهرة لغز يُحير العلماء، وذلك لأن غلافه الجوي شديد الكثافة لا يسمح للمستكشفين النظر من خلاله، لهذا ظلت أغلب الصور التي تُرسم لسطحه مُجرد تخمينات لا أكثر حتى نهايات القرن العشرين، فقد تمكنت المركبة الفضائية “ماجلان” من الهبوط على سطحه والتقاط العديد من الصور له ما مكن العلماء من تحديد بعض من خصائصه، فقد تبين وجود نشاط بركاني واضح على سطح الزهرة، بالإضافة لسحب كثيفة من غاز الكبريت ما يدل على أن البراكين تنشط من آن لآخر لكن لم يُعرف بعد إذا كان يُصاحبه تدفق للحمم على سطحه أم لا.
تبن أيضاً وجود عدد كبير من الفوهات الصدمية حديثة النشأة والتي ما زالت تحتفظ بكثافتها وشكلها حتى اليوم ما يدل على أن الزهرة قد خضع لعملية تجديد في القشرة الخارجية منذ ما يقرب من 300 إلى 600 مليون عام مضت وهو عمر صغير نسبياً مقارنة بأعمار باقي الأجرام الفضائية.
لماذا يُلقب الزهرة بتوأم الأرض
نتيجة التشابه الكبير بين خصائص كوكب الأرض وكوكب الزهرة فإن البعض يُطلق عليه اسم “توأم الأرض” أو “أخت الأرض” وذلك لن حجمه يُقارب حجم كوكبنا الأرضي، فنصف قطر الزهرة يقل بنحو 650 كيلومتر فقط عن قطر الأرض، كما أن كتلته تقل بنحو 20% فقط عن كتلة كوكبنا، كذلك فإن وزن الإنسان على سطحه لن يقل كثيراً أو ينعدم عليه مثل اغلب أجرام المجموعة الشمسية، أيضاً يتشابه كوكب الزهرة إلى حد كبير مع كوكب الأرض من ناحية نشاط الزلازل والبراكين.
مناخ كوكب الزهرة
رغم التشابه الكبير بين الأرض والزهرة إلا أن الحياة على سطحه مستحيلة، وذلك لأن غلافه الجوي مكون بشكل أساسي من ثاني أكسيد الكربون بنسبة تقرب من 95% ما يجعل درجة الحرارة على سطحه الأعلى بين كافة الكواكب الأخرى حتى عطارد الأقرب للشمس، حيث تصل إلى نحو 449 درجة مئوية، كما أن الضغط الجوي على سطحه يُشبه الضغط على عمق كيلو متر تحت سطح البحر أي يُعادل 92 ضعف على كوكبنا.
نتيجة للاحتباس الحراري الرهيب الذي ولدته سحب الكبريت وثاني أكسيد الكربون الموجودة على سطحه والتي لا تسمح للحرارة بالانعكاس للخارج مرة أخرى لا يوجد اختلاف واضح بين درجة حرارته في الليل أو النهار، يظن العلماء أن الزهرة كان يحتوي على مساحات شاسعة من المياه قديماً وكان مُشابه لحد كبير لمناخ كوكب الأرض لكن تبخر هذا الماء نتيجة درجة الحرارة المرتفعة ما أدى لتزايد معدلات الاحتباس الحراري ووصولها لهذا القدر الذي حول الزهرة لكوكب الجحيم!
دوران الزهرة
مدار الزهرة يختلف قليلاً عن باقي مدارات كواكب المجموعة الشمسية فهو أقرب للدائري منه للبيضاوي، يبعد الكوكب عن الشمس حوالي 108 مليون كيلو متر ويُتم دورته حولها كل 224 يوماً أرضياً، يدور الزهرة حول نفسه مع عقارب الساعة، مُخالفاً بذلك باقي كواكب المجموعة الشمسية أيضاً، نتج عن ذلك بُطئ شديد في دورانه فهو يدور مُعاكساً جاذبية الشمس، بالتالي يُكمل دورة حول نفسه كل 243 يوماً أرضياً، يظن العلماء أن السبب في حركته الغريبة هو حركات المد والجذب في غلافه الجوي ما أدى لجعله أبطئ كوكب حيث تبلغ سرعته نحو 6.5 كيلو متر فقط في الساعة.
تفسير عدم وجود أقمار تابعه له
ظهرت العديد من النظريات التي تُفسر عدم امتلاك الزهرة وعطارد أي أقمار على اختلاف باقي كواكب المجموعة الشمسية، أهم هذه النظريات ما يلي:
-
نظرية طرد الأقمار
يفترض البعض أن عطارد كان قمراً تابعاً للزهرة فيما مضى، لكن تمكن من الهروب والتحرر من جاذبيته، قد يكون هذا الهروب لعدة أسباب منها تباعد مداري الكوكبين، أو قوة المد والجزر بينهما بالتالي تمكن عطارد من التحرر، لكن لا يُوجد دليل واضح على هذه النظرية حتى الآن فما زال العلماء يقومون بتجارب محاكة في مُحاولة لإثبات الأمر من عدمه.
-
نظرية اندماج الأقمار
هذه النظرية تفترض أن الزهرة كان مثله مثل باقي كواكب المجموعة الشمسية في طريقة الدوران وامتلاك الأقمار، لكن حدث أن اصطدم به جرم سماوي أدي لعكس دورانه واضطراب قمره وتلاحمه معه، ووفقاً لنفس النظرية فقد يكون الاندماج حدث بين الكوكب وأكثر من قمر بنفس الطريقة.