السرقة عند الأطفال هو عَرَض سلوكي شائع في مراحل الطفولة الأولى، يكون منبعه الجهل بمعاني عديدة كحق الملكية والمحرمات، لكن هذا السلوك السلبي يشكل صدمة بالنسبة للأب والأم، ولا يمكن لومهم على حالة الهلع التي تنتابهم حينها، ففكرة أن الابن سارق ليس من اليسير تقبلها، لكن عليهما ذلك ليتمكنا من التعامل معها ومعالجتها، فـ السرقة عند الأطفال أولاً وأخيراً ما هي إلا سلوك سلبي، وكل سلوك بشري قابل للتعديل والتقوييم، شريطة اتباع النصائح التي قدمها علماء النفس المتخصصون، الذين اتفقوا على أن بداية علاج المشكلة تتوقف على معرفة سببها، فقبل أي شيء يجب التوقف وطرح سؤال واحد.. لماذا يظهر سلوك السرقة عند الأطفال ؟
دوافع السرقة عند الأطفال :
تقول القاعدة أن القضاء على السبب يقضي على النتيجة، ومن هذا المنطلق فإن خير وسيلة للقضاء على ظاهرة السرقة عند الأطفال ،هي معرفة الدوافع التي قادته إلى ذلك الفعل المشين، ومن ثم العمل على تعديلها ومعالجتها.
1. الجهل :
قد يقوم الطفل وهو في عمر الثالثة بالفعل الموصوف بالسرقة، كأخذه لعبة طفل آخر كونها أعجبته، وهذا السلوك في هذا العمر لا يُصنف كسرقة، حيث أن السرقة عند الأطفال في هذا العمر تكون بسبب الجهل بمفهوم الملكية، وهو أمر بالنسبة له غريزي حتى أنه أحياناً يفعله بشكل علني.
2. التدليل :
يعد نمط التربية المتسم بالتدليل الزائد مسبب رئيسي لظاهرة السرقة عند الأطفال ..الآباء حين يدللون الابناء ويلبون رغباتهم يحسبون أنفسهم يحسنون تربيتهم، لكن الحقيقة أنهم يقودون الطفل إلى مشاكل نفسية عديدة، فالطفل المدلل يترسخ في داخله اعتقاد بأن كل شيء ممكن ومُباح، وبالتالي فإن الأمر غالباً يتطور إلى السرقة مع أول طلب يعجز الآباء عن تلبيته، لإشباع غروره وحبه للتملك الذي عززه الأبوين بالتدليل الزائد.
3. الحرمان :
هو نقيض التدليل المتشابه معه في النتائج، ويعد الحرمان أحد أقوى أسباب ظاهرة السرقة عند الأطفال ،ومصطلح “حرمان” في مثل هذه الحالة يقصد به الحرمان على المستويين المادي والعاطفي، وقد يكون التأثير السلبي للحرمان العاطفي على نفسية الطفل أقوى بعكس ما هو معتقد، فالطفل حين يشعر بالنقص يحاول تعويض نفسه بنفسه، وغالباً لافتقاده التوجيه يلجأ إلى بغض الأساليب غير المشروعة.
4. الهروب من العقاب :
الدراسات النفسية وجدت أن الآباء الذين يفرطون في عقاب الابناء، سواء بالضرب العنيف أو باستخدام ألفاظ حادة مهينة، يكون طفلهم أكثر عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض النفسية، فغالباً يصاب بحالة من الانطوائية والاكتئاب وينعزل عن محيطه، ثم ينعكس هذا الأسلوب العقابي بالسلب على سلوكيات الطفل، و السرقة عند الأطفال إحدى هذه السلوكيات، التي غالباً تكون مجرد وسائل دفاعية للهرب من العقاب، فعلى سبيل المثال إذا فقد الطفل إحدى أدواته المدرسية، سيقوم بسرقة ذلك الغرض من زميله بالمدرسة، في محاولة لتجنب عقاب أبويه العنيف إذا علما بضياعه.
5. غياب الرقابة والتوجيه :
تقول الحكمة أن من يشب على شيء يشيب عليه، وهكذا هو الحال مع ظاهرة السرقة عند الأطفال ..الطفل السارق يرتكب سلوك خاطئ يسهل تقويمه، بشرط أن يتم اكتشافه مبكراً ومن ثم توجيهه إلى الصواب، فغالباً لا يكون الطفل مدركاً لشناعة الفعل الذي يقوم به، ومن ثم يستجيب بسهولة للنصح والتوجيه حين يتلقاه من الآباء، أما إذا غاب الدور الرقابي للأسرة سيعتاد الطفل على السرقة، ويصبح ذلك السلوك جزءاً أساسياً بشخصيته، وحينها سيكون من الصعب تغييره.
6. البيئة :
وفقاً لآخر الدراسات النفسية الخاصة بسلوك الطفل، فأن الأطفال يتأثرون بشكل مباشرة بالتوجه العام السائد في محيطهم، لذلك على الأبوين مراقبة بيئة طفلهما، والتعرف على رفاقه ودائرة علاقاته، فالطفل بنسبة كبيرة سيتأثر بسلوكياتهم حميدة كانت أو ذميمة، لذا يجب متابعته باستمرار ومنعه من الاختلاط برفقاء السوء.