لطالما أصيب علماء الفلك بحيرة ودهشة شديدة بسبب كوكب بلوتو، هذا الكوكب الذي لم يعرف أحد مصيره حتى الآن، فمنذ اكتشافه تضاربت الآراء والأقوال حوله، هل هو كوكب أو كويكب، هل ينتمي للمجموعة الشمسية أم أنه دخيل عليها، هل سيصمد طويلاً أم أنه سيتفتت ويضيع في الفضاء، كل هذه التساؤلات حيرت العلماء طويلاً ولم يجدوا إجابة لأغلبها حتى الآن، لكن مؤخراً وعلى نحو مفاجئ اختفى هذا الكوكب من الكتب والمناهج الدراسية وباتت المجموعة الشمسية تُدرّس على أنها ثمانية كواكب فقط فما سر هذا الاختفاء يا ترى؟ هل يعود لأسباب متعلقة بطبيعة الكوكب أم أنه تفتت واختفى حقاً؟
لماذا اختفى كوكب بلوتو وخرج من المجموعة الشمسية؟
اكتشاف بلوتو
عند القراءة والتحري عن هذا الكوكب نجد أن كل شيء مُتعلق به يُثير الدهشة والاستغراب حتى اكتشافه، تم اكتشاف كوكب بلوتو عام 1930 بالصدفة عندما كان العالم كلايد دبليو تومبو يقوم بعمل مسح فضائي في مرصد لويل بعدما اكتشف أخطاء في بعض الحسابات الفلكية، وعلى إثر هذا المسح قام باكتشاف بلوتو، الجدير بالذكر أن القمر التابع له والذي يُدعى شارون تم اكتشافه مُصادفة أيضاً عام 1978.
تسمية كوكب بلوتو
على عكس باقي كواكب المجموعة الشمسية فإن أول من أطلق على هذا الكوكب اسم بلوتو كانت فتاة في الحادية عشر من عمرها! بعد اكتشاف الكوكب أراد العلماء إطلاق اسم عليه فاقترحوا عدة أسماء مثل زيوس ولويل وكروناكس، بعض هذه الأسماء كانت مرشحة بقوة لكن في النهاية اقترحت فتاة تدعى فينيتيا باير هذا الاسم وأخبرته لجدها الذي كان يعمل في جامعة أوكسفورد، قام جدها بإخبار الدكتور هيربرت هول تيرنر بهذا الاسم فقام بطرحه على زملائه وبعد نقاش طويل استقروا على تسميته بلوتو، يُذكر أن كلمة بلوتو كانت تُطلق في اللغة الرومانية على إله العالم السفلي وتعني “الشيء مجهول المصدر” كما أنها في لغات شرق أسيا كالصينية واليابانية تعني “نجمة ملك الموت” وفي المعتقدات الهندوسية تعني “حارس جهنم”.
خصائص كوكب بلوتو
حتى الآن مازال الغموض يُحيط بهذا الكوكب من كافة النواحي، فأغلب المعلومات الواردة عنه حتى اليوم مجرد تخمينات لا أكثر، لكن يُمكننا القول أن بلوتو أصغر كواكب المجموعة الشمسية، حتى أنه أصغر من سبع أقمار تابعة لكواكب أخرى، لا يُمكن الجزم بكتلته بعد فمؤخراً يظن العلماء أن كتلة بلوتو أقل كثيراً مما كانوا يعتقدون، غلافه الجوي على الأغلب مكون من الميثان والنيتروجين ودرجة حرارة سطحه حوالي -234، يُعتقد أيضاً أن الميثان يدخل في تركيب الجليد المتواجد على سطحه، يميل لونه للون الأحمر لكن تضاربت الأقوال عن مصدره فهناك اعتقادات تقول بأن هذا اللون يعود لوجود مركبات كربونية معقدة على سطحه والبعض الآخر يقول أنه يمتص الأشعة فوق البنفسجية بكثرة ما أدى لظهور هذا اللون.
استكشاف بلوتو
حتى الآن لم تصل أي مركبة أو مسبار استكشافي لهذا الكوكب وذلك لبعده الشديد عن الأرض وارتفاع تكاليف هذه المهمة، لكن هناك مسبار يدعى “نيو هورايزونز” تم إطلاقه عام 2006 في مهمة لاستكشاف الكوكب، ومن المقدر أن يصل لسطح بلوتو عام 2016، مهمة هذا المسبار أن يقوم بالتقاط مجموعة من الصور لسطح بلوتو وأقماره وقياس قوة الأشعة فوق البنفسجية التي تنبعث من غلافه الجوي، بالتأكيد ستكشف هذه الرحلة الكثير عن هذا الجسم الفضائي وتتيح لنا فرصة التعرف عليه بشكل أكثر وضوحاً.
التغيرات التي تطرأ على بلوتو
لاحظ العلماء أن كثافة كوكب بلوتو تزداد مع الوقت رغم بعده عن الشمس، هذا الأمر حير العلماء كثيراً أدى بهم إلى توقع انكماشه وموته حرارياً في خلال عشرة أعوام، يُذكر أن أكبر تغير طرأ على سطحه كان عند مروره بين نجمين خافتين عام 2001، أدى مرور الكوكب إلى خبو ضوئهما، استنبط العلماء من هذه الظاهرة أن غلاف الكوكب يزداد كثافة مع الوقت وبالتالي يفقد حرارته، يتوقع العلماء أن ينهار الغلاف الجوي للكوكب وينكمش في غضون عام 2015 لكن لا يوجد شيء مؤكد حتى اليوم.
بلوتو وحزام كويبر
يتكون حزام كويبر من آلاف الأجرام السماوية، هذا الحزام هو المصدر الرئيسي للمذنبات والكويكبات السيارة، يُعتقد أن أجرامه تكونت مع بداية تكوين المجموعة الشمسية، كويكباته تتكون من جليد وصخور، أكتشف أول جرم منه عام 1992 وتمكن العلماء من رصد 600 جسم من أجسامه ويعتقدون بوجود 100 ألف جرم آخر، يبلغ قطر أكبر أجرامه 3000 كيلو متر بينما يبلغ قطر كوكب بلوتو 2300 كيلو متر، لذلك يعتقد العلماء أن مصدر بلوتو هو حزام كويبر لوجود تشابه كبير بين صفاته وصفات باقي أجرام الحزام.
سبب طرد بلوتو من مجموعة الكواكب الشمسية
اتفق العلماء على فصل بلوتو عن باقي كواكب المجموعة الشمسية تماماً في الرابع والعشرون من أغسطس عام 2006 وذلك بعد أن قاموا بوضع تعريف جديد للكواكب وصنفوها لكواكب كلاسيكية وكواكب قزمة، وبالتالي انضم بلوتو لمجموعة الكواكب القزمة، تعلل العلماء بعدة أسباب لهذا القرار أهمها ما يلي:
-
حجم كوكب بلوتو
حجم بلوتو شديد الصغر إذا ما قُرن بباقي كواكب المجموعة الشمسية حتى أن حجمه أصغر من حجم قمرنا الأرضي، فلكي يكون تابعاً لمجموعة الكواكب السيارة لابد أن يكون قريب في الحجم من أورانوس ونبتون لبعده الشديد عن الشمس.
-
مدار الكوكب
من المعروف أن مدارات الكواكب شبه بيضاوية وتمل لكونها دائرية أكثر، كما أنها لا تتقاطع مع بعضها البعض وتسير من اليمين لليسار تبعاً لحركة الشمس وجاذبيتها، لكن هذه الشروط تتنافى تماماً مع كوكب بلوتو فمداره بيضاوي مائل لدرجة أنه يتقاطع مع مدار كوكب نبتون، كما أنه يسير من اليسار لليمين عكس اتجاه باقي الكواكب، الأمر الذي دفع بعض العلماء للظن بأنه كان تابعاً لنبتون ثم انفصل عنه في مرحلة ما.
-
خصائص بلوتو
تنقسم كواكب المجموعة الشمسية لمجموعتين أساسيتين المجموعة الصخرية وتضم (عطارد، الزهرة، الأرض والمريخ) والمجموعة الغازية وتضم (المشترى، زحل، أورانوس، نبتون) أما بلوتو فمكونه الأساسي من الجليد لذلك فهو لا ينتمي لأي مجموعة من الكواكب المعروفة.
-
شذوذه عن قانون بود
قانون بود هو عبارة عن متتالية هندسية توضح فرق المسافة التي يجب أن تكون بين كل كوكب من كواكب المجموعة الشمسية والأرض بالوحدات الفلكية، هذا القانون أثبت صحته بعد اكتشاف حزام الكويكبات وكوكب أورانوس، لكن هذا القانون لم ينطبق على بلوتو فقد وُجد شذوذ كبير في بعد الكوكب عن الشمس، أثر هذا الشذوذ على مستوى تواجده في درجة البروج، فكل الكواكب تسبح عند درجة 9 أما بلوتو فيسبح عند درجة 18 والتي تسبح عندها الكويكبات لا الكواكب.