إبليس أو الشيطان هو ذلك الكائن الخفي الذي يجسد كل معاني الشر والحقد والعصيان عند بني البشر، مهما اختلفوا في اعتقاداتهم أو دياناتهم يظل هذا الكائن هو رمز الغواية الأبدي، حتى أنه يُطلق مجازاً على بعض البشر للدلالة على مدى تجبرهم وخبثهم وقدرتهم على إغواء إخوانهم وإبعادهم عن طريق الحق والهداية، في ديننا الإسلامي يُعتبر إبليس هو عدونا الأول ويجب علينا مُقاومة وساوسه لما فيها من فجور وتشكيك بوحدانية الله تعالى، فقد اتخذ إبليس على نفسه عهداً بأن يضلل مَن استطاع من بني البشر ويُبعدهم عن الطريق الصحيح والصراط المستقيم بعدما طُرد من الجنة ومُنع من دخولها هو ومن خلفه من ذريته، لكن لماذا أخرج الله إبليس من الجنة؟ وهل هو من الملائكة أم الجن؟
لماذا طرد الله إبليس من الجنة ولعنه إلى يوم القيامة؟
من هو إبليس
يظن بعض الناس خطأ أن إبليس كان من الملائكة ولكن حقيقة الأمر أن إبليس كان واحد من أمم الجن الذين سكنوا الأرض قبل خلق البشر وكان يُدعى عزازيل، كان عزازيل هذا عابداً لله مؤمناً بوحدانيته في الوقت الذي كفر به باقي الجن وتجبروا وأفسدوا في الأرض فرفعه الله إلى السماء تكريماً له ومكافئة لإخلاصه في عبادة الله.
هل إبليس هو الشيطان؟
كلمة شيطان تطلق على كل من تمرد من الجن أو الإنس وكفر بوحدانية الله تعالى واتبع منهج إبليس في غواية البشر وابتعد عن منهج الدين الصحيح في كل عصر وزمان، أما إبليس هو أبو الجن أو الشياطين وهو اسم لشيطان واحد فقط هو عزازيل.
أصل كلمة إبليس
تعددت الأقاويل في أصل هذه الكلمة فالبعض يقول أنها من أصل يوناني ومشتقة من الكلمة “Diabolos” والتي تعني إفساد الشيء والتحدث بالزور، والبعض يقول أن أصلها كلمة فينيقية مشتقة من “بعل ذبوب” أي رب الذباب، بينما يذهب الغالبة العظمى من المفسرين أن كلمة إبليس مشتقة من الفعل العربي “بلس” والذي يعني “خدع أو مكر” أي إبليس تعني المُخادع أو الذي يخدع البشر ليضل بهم، والذي يُبلس هو الذي لا تنفعه ولا تفيده حجته والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الروم “ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ المُجْرِمونَ” أي تبطل حجتهم ولا يشفع لهم أوليائهم الذين اتخذوهم من دون الله تعالى.
سبب طرد إبليس من الجنة
خلق الله آدم عليه السلام ليكون بداية الجنس البشري في الأرض ليعمرها هو وذريته وفضّله على كل من خلق من الكائنات الأخرى، فلما انتهى من خلقه وحسنه ونفخ فيه من روحه أمر الملائكة أن يسجدوا له سجدة واحدة إكباراً له وليس شركاً بالله، عصى إبليس هذا الأمر وتجبر واستكبر ظناً منه أنه أفضل من آدم عليه السلام لأنه خُلق من نار بينما خُلق آدم من طين، فظن أن النار في صفاتها أفضل لما فيها من قوة وقدرة على الإهلاك، لهذا رفض إبليس أمر الله سبحانه وتعالى فطُرد من الجنة وحلت عليه اللعنة إلى يوم الدين، حينها طلب إبليس من الله عز وجل أن يُمهله هو وذريته إلى يوم القيامة وتوعد آدم وذريته بالغواية لإخراجهم عن الطريق الصحيح وتشكيكهم في وحدانية الله تعالي فيخرجوا من رحمة الله مثله، استجاب الله لطلبه وتوعده هو ومن يتبعه من ذرية آدم عليه السلام بالعذاب الأليم، ورد ذكر هذه القصة في عدة مواضع بالقرآن الكريم منها سورة ص التي قال فيها سبحانه وتعالي ) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85( (
وصف إبليس
اجتهد كثير من الفلاسفة والأدباء على مر العصور في تخيل شكل وهيئة إبليس والشياطين عموماً، فابتدعوا له الكثير من الأشكال تتفق جميعها في شدة القبح وهول المظهر، لكن رغم كل هذه الاجتهادات لا يستطيع أحد أن يُجزم بشكله الحقيقي أبداً وذلك لأن أعيننا نحن البشر لا يمكنها رؤية الشياطين والجن لما ورد في القرآن الكريم في سورة الأعراف “إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ”.
هل تتجسد الشياطين للبشر؟
من الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وما ورد عنه من أحاديث أن بني الجن يمكنهم التجسد في صورة حيوان أو إنسان والظهور للبشر فيرونهم ويُحدثونهم رأي العين.
صفات إبليس
ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية العديد من الصفات التي يتصف بها هذا المخلوق اللعين، والثابت أنه رمز للخيلاء والتكبر والتجبر والخبث والمكر والكراهية والعصيان والتمرد على أوامر الله عز وجل والخداع وغيرها، فهو رمز الشر في كافة الاعتقادات والأديان سواء البشرية أو السماوية، رغم ذلك ظهر مؤخراً جماعة من البشر يدعون عبادته ويُقدسونه ويتبعون أوامر من دون الله عز وجل، هؤلاء من توعدهم الله باللعنة في الدنيا والآخرة ولن ينفعهم وليهم الشيطان حين يطرحون على وجوههم في نار جهنم فبأس مصيرهم.
كيف يوسوس الشيطان للإنسان
منذ أن طُرد إبليس من الجنة ولا هم له إلا غواية أكبر عدد ممكن من البشر ليكون رفاقه في نار جهنم يوم القيامة، فيبدأ بشغل الإنسان عن صلاته وعبادته بالأمور المباحة كمشاهدة البرامج الثقافية أو قراءة الكتب وما إلى ذلك فيضيع الوقت دون أن يؤدي ما عليه من فرائض، فإذا تمكن منه في هذه المرحلة بدأ في مرحلة صغائر الذنوب فينهيه عن غض بصره أو صون لسانه..إلخ، ثم يبدأ بجره للكبائر كالسرقة والقتل واستباحة حدود الله عز وجل ويظل هكذا يوسوس له ويشغله بأمور دنياه حتى يكفر بوحدانية الله عز وجل ويسير في طريق الضلال.
إبليس وشعائر الإسلام
لقد أمرنا رسولنا الكريم بمقاومة الشيطان وعدم الاستجابة لوساوسه والتحصن منها بالإكثار من عبادة وذكر الله سبحانه وتعالى، ويبدو ذلك جلياً في مناسك الحج خاصة “رمي الجمرات” حيث يقوم كل مسلم برمي عدد من الحصى على مكان الجمرة كرمز لمقاومة الشيطان وعدم الامتثال لأوامره.