قارة إفريقيا هي واحدة من أقدم قارات العالم كما أنها تحتل المركز الثاني من حيث المساحة، حيث تمثل حوالي 6% من مساحة اليابسة الأرضية بالكامل، يعيش بها حوالي 15% من سكان العالم الحالي، ويُطلق عليها أغلب الناس لقب القارة السمراء، يعتقد أغلب العلماء أن إفريقيا هي أصل الوجود ومنها تنحدر كافة السلالات البشرية والحيوانية الأخرى، وذلك بسبب وجود بعض الحفريات القديمة التي تعود لفصيلة القردة العليا التي تشبه الإنسان في التكوين ويعود تاريخها لأكثر من سبع ملايين عام مضت، لكن ما سر تسميت هذه القارة بإفريقيا؟! ولماذا يطلق عليها القارة السمراء؟ ولماذا تعتبر أكثر قارات العالم تخلفاً رغم قدم عمرها ومواردها المتعددة؟!
لماذا يطلق على قارة إفريقيا اسم القارة السمراء ؟!
أصل كلمة إفريقيا
أغلب الظن يعود إلى أن كلمة إفريقيا ما هي إلا اشتقاق لكلمة إفري أو إفران وهي كلمة أمزينجية قديمة كانت تعني الكهوف، تم إطلاقها على قبيلة بنو يفرن التي تسكن بين الجزائر وطرابلس وذلك لأنها كانت تسكن الكهوف قديماً، بينما يظن آخرون أن أصلها يعود لإفير الذي ذُكر في التوراة أنه أحد أحفاد نبي الله إبراهيم عليه السلام، أما في الحضارة اليونانية القديمة فيُقال أنها مشتقة من كلمة “إفريكا” التي تعني بلا برودة وذلك نظراً لجو قارة إفريقيا المشمس على مدار العام تقريباً، وفي الحضارة المصرية القديمة يُعتقد أنها مشتقة من “أفرويكا” والتي تعني الوطن الأم، وذلك لأن إفريقيا كانت بمثابة أرض الميلاد للمصريين القدماء.
أصل لقب القارة السمراء
يعود لقب القارة السمراء إلى لون أغلب سكان قارة إفريقيا يتميزون ببشرتهم الداكنة، حيث أن أكثر من 75% من سكانها هم من الزنوج عدا سكان الجزء الشمالي منها والذين يتميزون بالبشرة الفاتحة نسبياً مقارنة بسكان باقي الأجزاء.
إفريقيا ما قبل التاريخ
تعتبر إفريقيا من أقدم المناطق التي وُجد فيها حفريات بشرية، حيث وجد الباحثون آثار يعود تاريخها لأكثر من سبعة ملايين عام، لذلك يُعتقد أنها من أقدم الأماكن التي عاش فيها الإنسان القديم، كما أنها كانت موطنه الأصلي ولم يهاجر إليها قادماً من مكان آخر، كما وُجد فيها حفريات تعود لفصيلة القردة العليا التي تُشبه الإنسان، ويعتقد بعض العلماء أنها تطورت بمرور الزمن ليظهر إنسان الغاب ومن ثم الإنسان الحديث.
تُظهر دراسة الحفريات البشرية أن الإنسان القديم لم يُبدي أي نوع من الاستقرار في البداية، وذلك بسبب التقلبات المناخية فكان ينتقل من مكان لأخر تبعاً لسقوط الأمطار واخضرار الزروع وممارسة حرفة الصيد، لكن مع تزايد معدلات الجفاف وتحول معظم الأراضي لصحراء قاحلة يصعب العيش فيها، بدء الإنسان بالتجمع حول ضفاف الأنهار والبدء في تكوين تجمعات حضارية تعتمد بشكل أساسي على الزراعة واستئناس ورعي الحيوانات.
أوائل الحضارات التي نشأت في إفريقيا
تعتبر الحضارة الفرعونية هي أقدم الحضارات المعروفة في إفريقيا وربما على مستوى العالم، فقد بدأ ظهورها وفقاً للتاريخ المكتوب منذ عام 3300 ق.م واستمرت حتى عام 343 ق.م، امتد تأثيرها إلى العديد من المناطق فقد سيطرت على إقليم كيرت وكنعان ومملكة أكسوم والنوبة، كانت أيضاً مركز تبادل تجاري وثقافي مع معظم الحضارات الأخرى التي وجدت آن ذك مثل الفينيقيين وقرطاج.
بعد عام 343 ق.م سيطر الفرس على المملكة المصرية إلى أن بدأت الحضارات الأوربية في استكشاف إفريقيا فأتى الإسكندر الأكبر إلى مصر عام 332 ق.م ليخلص المصريين من ظلم الفرس وبذلك بدأت حضارة أخرى تنشأ في إفريقيا وهي الحضارة الإغريقية، ثم الحضارة الرومانية التي احتلت أجزاء كبيرة من البلاد المطلة على سواحل البحر المتوسط.
في بدايات القرن السابع الميلادي بدأت الحضارة الإسلامية في الدخول لإفريقيا عن طريق مصر ثم انتشرت لباقي الأجزاء الشمالية بوقت قصير جداً، حتى أصبحت إفريقيا مركز الخلافة الإسلامية بعد سقوط خلافتها في الشام.
تكالب قوى الاستعمار على إفريقيا
في أواخر القرن التاسع عشر كانت إفريقيا تحت ولاية الدولة العثمانية، لكن نتيجة لضعف الخلافة أصبحت كالرجل المريض، فبدأت أنظار الدول الأوربية تتجه إلى الولايات التي تقع تحت خلافتها لتحتل ما استطاعت من أراضي وذلك للسيطرة على موارد وثروات القارة، فلم يبقي سوي ليبيريا وأثيوبيا خارج نطاق الدول المحتلة.
استقلال الدول الإفريقية
استقلت معظم الدول الإفريقية بنهاية الحرب العالمية الثانية بعدما ظهرت حركة الاستقلال وبدأت الشعوب تنادي بحقها في السيادة على أراضيها، بعد ذلك تكونت في إفريقيا 54 دولة مستقلة السيادة، أغلبها اعتمد نفس الحدود التي رسمها الاستعمار، لكن رغم حصولها على الاستقلال العسكري مازالت محتلة اقتصادياً وفكرياً، فمعظم الدول تعاني من الفقر والتسلط والعنف بالإضافة للصراعات الطائفية، ومازال أغلبها تحت الحكم العسكري الديكتاتوري.
لماذا تعتبر إفريقيا أكثر قارات العالم تخلفاً؟!
تعتبر إفريقيا من أغنى الأراضي بالثروات الزراعية والحيوانية بالإضافة للموارد الطبيعية، فهي المصدر الرئيسي للعديد من المعادن النفيسة كالماس والذهب، لكن رغم ذلك لم تستطع استغلال كل هذه الثروات الطبيعية وذلك لعدة أسباب منها ما يلي:
- انتشار الأوبئة بشكل كبير جداً بين سكان القارة خاصة الإيدز والملاريا.
- فساد الحكام والفشل في وضع خطط حكم جيدة بالإضافة للانتهاكات حقوق الإنسان على مرأى ومسمع من دول العالم.
- انخفاض مستوى التعليم وانتشار الجهل والخرافات وبالتالي انعدام الإنتاجية والقدرة على التخطيط.
- الصراعات والحروب الأهلية الدائرة في كل ركن بالقارة وما يترتب عليها من إبادات جماعية وحروب عنيفة تأتى على الأخضر واليابس.
- انعدام المشاريع التنموية وذلك لصالح الدول العظمى التي تسعى لإبقاء القارة متخلفة حتى تتمكن من الاستيلاء على المواد الخام بأقل الأسعار بما يخدم اقتصادها.