هل تساءلت يوماً عن ماهية النجوم التي نراها في سمائنا ليلاً؟ مما تتكون هذه النجوم وكيف تظهر؟ وهل لها عمر معين تموت بعده شأنها شأن كل شيء آخر في الكون؟ أم أنها بالنسبة إليك مجرد مصابيح تضيء السماء فقط؟! كل نجم من هذه النجوم له مراحل حياتية محددة لابد أن يمر بها يوما حتى تنتهي حياته، فكما يمر الإنسان بمراحل الطفولة والشباب متدرجاً حتى الموت، يمر النجم أيضاً بمراحل ولادته ونشأته وتحوله إلى عملاق أحمر متدرجاً حتى تنتهي حياته، لكن كيف يحدث هذا وما هي مراحل حياة النجم؟!
لماذا تموت النجوم وكيف تولد وما هي مراحلها ؟!
ولادة النجم
تتكون جميع النجوم بشكل أساسي من غاز الهليوم، لذلك يحتاج أي نجم في بداية حياته لكميات هائلة من غاز الهيدروجين بالإضافة إلى درجات حرارة عالية جداً حتى تتحول ذرات الهيدروجين وتندمج مكونة الهليوم، تحدث هذه العملية عندما تبدأ الغازات في التجمع وتقليص المسافات فيما بينها بشكل كبير، فيحدث تصادم بين ذرات الغاز ينتج عنه تسارع حركة الغازات وبالتالي مزيد من الاصطدام، تبدأ درجة الحرارة في الارتفاع مهيأة الجو المحيط لحدوث تفاعلات بين ذرات الهيدروجين تشبه التفاعلات النووية فينتج غاز الهليوم وهي التي تسبب إشعاعات النجوم، يبدأ ضغط الغازات في الارتفاع حتى يتوازن فيتوقف حجم النجم عن التقلص ويبقي ثابتاً لفترات طويلة جداً، تمثل هذه المرحلة نسبة 80% من النجوم الموجودة في الفضاء، الجدير بالذكر أنه كلما كان حجم النجم كبيراً عند الولادة كلما قلة فترة حياته، ذلك يرجع لاستهلاكه كميات كبيرة من الهيدروجين في بداية تكونه، كذلك حاجته إلى المزيد من التفاعلات للحفاظ على درجة الحرارة اللازمة لتكون الهليوم وبالتالي تنضب ذرات الهيدروجين أسرع من النجوم صغيرة الحجم.
مرحلة العملاق الأحمر (Red Giant )
يبدأ النجم الوصول لهذه المرحلة عندما يقترب غاز الهيدروجين على النفاذ، كما ذكرنا سابقاً تفاعلات الهيدروجين لا تتوقف منذ لحظة ولادة النجم، لكن مع مرور الزمن يتناقص حجم الهيدروجين الموجود في الغازات المكونة للنجوم وبالتالي يبدأ في التحول إلى عملاق أحمر، حيث ترتفع حرارة النجم فتصل إلى 2000 مليون درجة حينها تبدأ العناصر الموجودة في قلب النجم كالكربون والأكسجين وغيرها في الاندماج والتحول إلى حديد كما يقترب الهيدروجين على النفاذ، في هذه المرحلة تبدأ الغازات المكونة للنجم في التمدد مكونة هالة خارجية ضخمة جداً تحيط بالنجم لها لون أحمر وتشع ضوء شديد اللمعان.
هل ستتحول الشمس إلى عملاق أحمر ؟!
بالتأكيد ستتحول الشمس في يوم ما إلى عملاق أحمر، فهي نجم متوسط الحجم شأنها شأن باقي النجوم لابد أن تصل لمرحلة الموت في يوم ما، يقول العلماء أن الوقود الهيدروجيني الموجود في الشمس يكفيها لحوالي 5 مليارات سنة آخري أي ما يقارب عمرها الحالي، لكنها ستبدأ في التحول من مرحلة الاستقرار لمرحلة العملاق الأحمر بعد أن ترتفع درجة حرارتها الداخلية إلى 50 مليون ثم 100 مليون درجة، حينها ستبدأ هالة الشمس في التمدد ويتسع حجمها حتى تلتهم عطارد ثم الزهرة ثم الأرض، لكن في هذا الوقت ستكون الأرض كوكباً معدماً جافاً بلا حياة، حيث قدر العلماء انتهاء الحياة الأرضية بعد حوالي مليار سنة من الآن، حيث تبدأ مياه البحار والمحيطات في التبخر بسبب درجات الحرارة المتزايدة حتى تنتهي الحياة تماماً على الأرض بعد نحو 3 مليارات سنة، فتصبح كوكب ميت بلا حياة.
مرحلة السوبر نوفا
لا تمر جميع النجوم بهذه المرحلة، فالمستعر الأعظم أو السوبر نوفا هو نوع من أنواع النجوم الموجودة في الفضاء، يقوم هذا النجم بعدة انفجارات يتحرر خلالها من غلافه، يتحول هذا الغلاف في المرحلة التالية إلى أشعة ومواد لا تري بالعين المجردة، بعد ذلك يتحول هذا النجم إما إلا قزم أبيض أو نجم نيوتروني أو ثقب أسود، يتوقف ذلك على حجم وكثافة النجم نفسه، فلو كانت كثافته أعلى من 20 كتله شمسية فإنه يتحول إلى ثقب أسود.
مرحلة القزم الأبيض
يصل النجم لهذه المرحلة بعد نضوب الهيدروجين من داخله فتتوقف التفاعلات الكيميائية، بالتالي يتقلص حجم النجم بشكل مذهل حتى يصبح حجمه بحجم كوكب الأرض تقريباً فلا يزيد قطرة عن عدة ألاف من الكيلو مترات، إلا أن كثافته ترتفع بشكل هائل نتيجة لتلاصق ذراته بشكل كبير جدا وانعدام الفراغات بداخله، حيث تصل كتلة السنتيمتر الواحد منه إلى طن من المواد، يبدو النجم باللون الأبيض أو الأبيض المائل للصفرة في هذه المرحلة من حياته نتيجة للارتفاع الشديد في درجة حرارته حيث تصل لحوالي 100.000 درجة، تبدأ هذه الحرارة في الانخفاض رويداً رويداً بمرور الزمن حتى يبرد تماماً وينطفئ ضوئه فيصل لمرحله القزم الأسود، قد تأخذ الفترة اللازمة لتحوله من قزم أبيض إلى قزم أسود ملايين أو مليارات السنين.
مرحلة القزم الأسود
لم يتم رصد أي قزم اسود حتى الآن، فحسب توقعات العلماء أن القزم الأسود يحتاج لمدة تقارب عمر الكون حتى يتكون، لذلك فوجوده مجرد نظرية حتى الآن، لكن حتى إن كان موجوداً سيكون من الصعب جداً اكتشافه، فكما ذكرنا سابقاً النجم في هذه المرحلة لا يصدر عنه أي ضوء كما تتوقف التفاعلات الكيمائية بداخله؛ بالتالي لا يصدر إلا كميات قليلة جدا من الإشعاعات التي يصعب رصدها، لذلك لم يتمكن العلماء من اكتشاف أي قزم أسود حتى الآن.