منذ قديم الأزل يسعى الإنسان لتدوين تاريخه ومراحل حياته الهامة بشتى الطرق، فإذا نظرنا للإنسان البدائي نجد أنه قام بحفر بعض النقوش والرموز على جدران الكهوف التي سكنها حتى يترك أثراً يخبر من سيأتي بعده أنه كان هنا! لولا هذه الرموز ما عرفنا شيئاً عن حياة الإنسان الأول ومراحل تطورها، لكن هذه الطريقة لم تكن فعالة بما فيه الكفاية حتى تسمح للإنسان بتسجيل كل ما يرغب، لذلك كان لابد من وسيلة أخرى أكثر تطوراً ومرونة حتى يكون له الحرية في تسجيل ما يشاء بمنتهى الدقة، من هنا ظهرت الكتابة، لكن كيف ظهرت؟ وما هي مراحل تطورها ؟
لماذا إخترع الإنسان الكتابة وما أهميتها ومراحل تطورها؟
بداية ظهور الكتابة :
تعد الكتابة التصويرية هي أول أنواع الكتابة التي عرفها الإنسان، كانت تعتمد في الأساس على استخدام الرموز والصور في تدوين الأحداث الهامة، ظهرت هذه الكاتبة قبل سنة 3000 ق.م في سوريا وبلاد الرافدين، كانت تستخدم الألواح الطينية والشمعية وغيرها للكتابة عليها، لم تستمر هذه اللغة طويلاً بل تطورت حتى وصلت للكتابة المسمارية.
-
الكتابة المسمارية :
-هذه اللغة كانت مستخدمة لدى سكان جنوب غرب أسيا القدماء، كانت تستخدم الألواح الطينية والحجرية والشمعية كسابقتها أيضاً، لكن كان التدوين يتم على هذه الألواح وهي لينة باستخدام مسمار مدبب ثم تجفيفها تحت أشعة الشمس أو باستخدام النيران، لهذا سميت بالكتابة المسمارية.
– أول مخطوطة تم اكتشافها بهذه الكتابة ترجع إلى عام 3000 ق.م وذلك يعني أنها سبقت الأبجدية بحوالي 1500 عام، وظلت مستخدمة ومنتشرة حتى بداية القرن الأول الميلادي.
– أول ظهور لهذه اللغة كان في بلاد الرافدين لتدوين اللغة السومرية، ثم أيضاً الأكادية التي استخدمها البابليين والأشوريين وذلك عام 2400 ق.م.
– تواصل انتشار هذا النوع من الكتابة إلى البلاد المجاورة مثل سوريا والأناضول.
– تم فك رموزها في القرن 19م وبالتالي تمكن العلماء من معرفة الكثير عن أسرار وعلوم هذه الشعوب.
– الجدير بالذكر أنه يوجد حوالي 130000 لوح بهذه اللغة في المتحف البريطاني، حيث تحمل الكثير من الأسرار حول الحياة اليومية والعملية والشخصية لحكام وشعوب هذه الفترة.
-
الكتابة الهيروغليفية (معناها النقش المقدس)
-ظهرت في مصر أثناء الحضارة الفرعونية بعد الكتابة المسمارية بفترة وجيزة، وكانت تعتمد على بعض الرموز التي تشير لمعنى معين.
– رموزها كانت مستوحاة من الحياة المصرية القديمة.
– استخدمت الهيروغليفية للكتابة على جدران المعابد والمقابر والتماثيل وغيرها.
– تطورت هذه اللغة حتى ظهرت الهيراطيقية التي كانت مستوحاة من الهيروغليفية لكن بشكل أكثر بساطة وسهولة.
– استخدمت الهيراطيقية في كتابة الوثائق والخطابات السريعة وكانت تكتب على ورق البردي.
– ظلت منتشرة حتى ظهور الديموطقية في القرن السابع الميلادي.
ظهور الأبجدية وأنواعها :
ظهرت الكتابات الأبجدية على يد الناطقين باللغات السامية في سيناء والشام، ظهرت العديد من أنواع الكتابة الأبجدية كالتالي:
-
الاوغاريتية :
– ظهرت الأوغاريتية في بلاد أوغاريت على ساحل سوريا في عام 1400 ق.م وكانت تتكون من 30 حرف.
– توسع استخدام هذه اللغة فاستخدمت في التجارة والمراسلات. -
الفينيقية :
– ظهرت الفينيقية على سواحل البحر المتوسط في عام 1100 ق.م.
– ابتكر الفينيقيون هذه اللغة وطوروها حتى أصبحت اللغة المستخدمة في العديد من البلدان الشرقية والغربية القديمة.
– نقل الإغريق هذه اللغة وطوروها عام 403 ق.م حتى أصبحت أساساً للعديد من اللغات الغربية فيما بعد كالرومانية واللاتينية وغيرها. -
الانكا :
– ظهرت حضارة الأنكا في دولة المكسيك قديماً، وكانوا يتبعون أسلوب مختلفاً تماماً للكتابة.
– عرف أسلوب الكتابة الخاص بهم باسم كويبو، أو الكتابة بالخيوط!
– كانت كتابتهم عبارة عن مجموعة من الخيوط متعددة الألوان، تعقد بطريقة معينة ثم تعلق بحبل طويل.
– من خلال هذا الأسلوب تمكنت حضارة الأنكا من تدوين كافة المعلومات الخاصة بهم. -
الازتك :
– ظهرت في أمريكا الوسطي وكانت مشابهة للكتابة التصويرية.
– لم تتعدي كونها مجموعة من الصور والرموز التي تستخدم للتدوين الألقاب والأشياء الأساسية، ولم تتمكن من التعبير عن أفكار أو علوم هذه الشعوب، عرف هذا النوع باسم الكتابة البيكتوجرافية. -
تفيناغ :
– ظهرت هذه الأبجدية في شمال أفريقيا.
– تم ابتكار هذه اللغة بالكامل من قبل شعوب هذه المنطقة، فلم يتم اقتباسها أو تطويرها من خلال لغات أخرى.
كانت هذه هي المراحل الأساسية لظهور الكتابة، لكنها لم تكن الوحيدة التي عرفها البشر القدمى، فقد طور كل شعب لغته وكتابته الخاصة حتى وإن كانت مقتبسة عن لغات أخرى، يظهر ذلك واضحاً جليا في أيامنا هذه، فرغم إشتراك مجموعة من الدول في اللغة الأساسية لكن يبقي لكل شعب مصطلحاته الخاصة التى لا يعرفها سوى أبنائه.
-
أهمية الكتابة :
تظهر أهمية الكتابة جلية في تسجيل علوم وتاريخ الشعوب والحفاظ عليها من الضياع لتوريثها فيما بعد لأبناء هذا الشعب أو حتى للشعوب الأخرى، فلولا العلوم والقوانين التي ورثناها من أجدادنا ما وصلنا لما نحن فيه الآن من علوم وتكنولوجيا متطورة، ولبدأت كل حضارة أبحاثها من نقطة الصفر.