تُعد ظاهرة كثرة المواليد من المخاطر والمشاكل التي تواجه البعض ممن يُعيرون العالم حقًا اهتمام ويُدركون أن مشكلة دولة بعينها اليوم قد تُصبح غدًا كارثة ومُشكلة كُبرى للعالم بالكامل، إلا أننا لن نتخطى الأمور بهذا الشكل السريع وسننظر لتلك الظاهرة من زاوية أنانية لنسأل عن أسباب اعتبار الظاهرة كارثة كُبرى ومُشكلة لدى البعض بينما هي بالنسبة للبعض الآخر أمر عادي، بمعنى أدق، لماذا عندما تكون أعداد المواليد في زيادة ببلدين متجاورين يكون من الممكن أن تشعر واحدة من هاتين البلدين بوجود مُشكلة كُبرى بينما الأخرى لا تُعير الأمر أساسًا أي اهتمام وتجده عادي وقابل للتعامل، هذا بالضبط هو جوهر حديثنا في السطور القليلة القادمة، فهل أنتم مستعدون لذلك؟ حسنًا لنبدأ سريعًا.
كثرة المواليد تدهور اقتصاد الدول المُتضررة وتقدم الأخرى
طبعًا جميعنا يعرف تمام المعرفة أن ما يُحدد الحياة الآمنة الجيدة للمواليد أن تكون هناك رفاهية اقتصادية أو على الأقل اقتصاد متوازن وجيد، ففي هذه الحالة الأمور سوف تبدو أسهل ولن يكون هناك أي نوع من أنواع الضرر حال كثرة المواليد ، وهذا يحدث مثلًا في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فهي تمتلك ملايين المواطنين على أراضيها وبرغم ذلك ليست هناك مشكلة في الزيادة، لكن الأمور تُصبح كارثية وفاجعة حقيقية إذا ما تحولنا إلى دولة مثل الهند التي تمتلك واحدة من أكبر التكتلات البشرية الموجودة في العالم ومعروف عنها كثرة المواليد بشكل مُبالغ فيه، إذ أنه في هذه الحالة يكون الاقتصاد المتدهور الذي تُعاني منه الهند سببًا في كون الزيادة في المواليد نقمة كبيرة وشيء يتم الهرب منه طوال الوقت.
الحاجة للمواليد بدول وعدمها بأخرى
مثلما هو الحال مع الظرف الاقتصادي وتحديده للفكرة التي نتحدث عنها فإنه أيضًا يُمكن التفكير في فكرة الحاجة وكونها مُحدد رئيسي لما نحن بصدد الحديث عنه الآن، فبالفعل بعض الدول تحتاج إلى كثرة المواليد والبعض الآخر لا يحتاج ذلك، وبالتالي تكون النتيجة هي تضرر بعض الدول وعدم تضرر الأخرى، لكن دعونا لا نغفل أن فكرة الاقتصاد مرتبطة بشكل كبير بالحاجة، فدولة مثل إنجلترا مثلًا أو بريطانيا تجدها تدعو بشكل مستمر إلى زيادة أعداد المواليد بسبب قلة جيل الشباب لديها وحاجتها الماسة إلى أيادي عاملة للمساهمة في التقدم الاقتصادي، في نفس الوقت الذي تُعاني فيه دولة مثل مصر من زيادة المواليد التي نتج عنها زيادة الأيادي العاملة دون وجود عمل لها، مما يؤدي إلى التفكير في تصديرها للخارج.
النظرة إلى فكرة المساحة والاستيعاب
أيضًا من الأمور الهامة للغاية التي لا يُمكن أبدًا إغفالها وعدم أخذها في الاعتبار فكرة المساحة، إذ أنه ليس من المعقول أبدًا أن تأتي إلى دولة صغيرة من حيث المساحة وتجدها تُنادي بمسألة الكثرة في المواليد، هي أساسًا لن تكون قادرة على استيعاب مثل هذه الأعداد بأي شكل من الأشكال، ولهذا يحدث العكس، وفي بعض الدول يكون نقيض ذلك موجودًا، حيث يُمكنك أن تجد الكثير من المساحات الفارغة في دولة من الدول دون أن تكون هناك كتلة بشرية قادرة على شغر تلك المساحة، وبالتالي يتم المناداة بزيادة أعداد المواليد ولا تصبح كثرة المواليد مشكلة أبدًا، وهكذا هو الحال في أي شيء عمومًا، عليك أن تنظر إلى الوضع حولك ثم تقرر.