أعلنت وفاة هيث ليدجر في صص يناير 2008م حيث عثرت مديرة منزله عليه في فراشه مفارقاً الحياة. ليدجر صاحب الـ29 عاماً كان نجماً استرالياً يملك موهبة ساحرة، مكنته من تحقيق شهرة واسعة في زمن قياسي، وقد بلغ قمة تألقه ونضجه الفني بتقديمه لشخصية الجوكر بفيلم فارس الظلام التي نال عنها جائزة الأوسكار، إلا إن القدر لم يمهله الفرصة لاستغلال هذا النجاح، إذ أن وفاة هيث ليدجر قد وقعت قبل عرض بدء عرض الفيلم حتى.
لماذا أثارت وفاة هيث ليدجر الكثير من الجدل :
وفاة هيث ليدجر المفاجئة بكل تأكيد شكلت صدمة قوية لجمهوره، لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل إن خبر وفاته صاحبه الكثير من الجدل والتساؤلات بعضها ما زال مستمر حتى اليوم، ومن أهم أسباب إثارة الجدل حول وفاته ما يلي:
شبهة الانتحار :
خلال الأيام الأولى من وفاة هيث ليدجر أشيع إنه قد مات منتحراً بتناوله جرعة كبيرة من الحبوب المهدئة، وقد أثار ذلك جدل واسع بين محبي السينما بشكل عام وجمهور النجم الشاب بصفة خاصة، فقيل إنه كان يعاني من اكتئاب حاد دفعه للانتحار، وقيل إنه كان يمر بالعديد من المشاكل الشخصية والمهنية. لكن في النهاية جاءت تقارير الطب الشرعي لتثبت إن وفاة هيث ليدجر كانت طبيعية تماماً، وإن الحبوب التي تناولها كانت موصفة له من قبل الطبيب، كما نفت عائلته أن يكون قد مر بحالة من الاكتئاب في أيامه الأخيرة، بل أكدوا إنه ينتظر عرض فيلم The dark knight كما كان يستعد للمشاركة بأكثر من عمل فني آخر.
هل قتله الجوكر ؟
يعد الجوكر هو الشرير الأشهر في عالم القصص المصورة، هو العدو اللدود لشخصية باتمان الذي تسبب في مقتل عدد كبير من شخصيات الكوميكس، لكن بعد وفاة هيث ليدجر قامت الجماهير بإدراج اسمه ضمن قائمة ضحاياه!.. فقد ربط البعض بين وفاة ليدجر وبين -آخر أدواره السينمائية- شخصية الجوكر التي جسدها ضمن أحداث فيلم فارس الظلام The dark knight للمخرج كريستوفر نولان.
كانت بعض التقارير الصحفية أكدت إن استعداد هيث ليدجر لهذه الشخصية استغرق منه وقتاً طويلاً، حتى إنه اضطر للانعزال عن العالم داخل أحد الفنادق لدراسة شخصية ذلك القاتل المهووس، واستمر في فعل ذلك إلى أن تمكن من تقمص الشخصية، لكن يشاع إنه توحد معها لدرجة إنه لم يستطع التخلص منها بعد انتهاء التصوير، ولهذا زار طبيب نفسي ولجأ إلى تناول الحبوب المنومة والتي توفي متأثراً بجرعة زائدة منها.
هل استحق الأوسكار ؟
جدل آخر أثارته وفاة هيث ليدجر ولكنه بتلك المرة لم يكن حول وجود شبهة جنائية من عدمه، بل كان حول مدى استحقاقه جائزة الأوسكار لأفضل ممثل في دور ثان عن أدائه لشخصية الجوكر بآخر أعماله؟.. فقد حصل ليدجر على الأوسكار الأولى في مسيرته الفنية بعد وفاته، إلا إن البعض قد روج إلى إنه قد مُنِح تلك الجائزة من بين المرشحين تشريفاً لذكراه وليس لإنه الأفضل، إلا إن هذه الأقاويل تمت مقابلتها بكثير من الاستهجان من الجماهير والنقاد، اللذين أكدوا إن ليدجر كان الممثل الأفضل خلال عام 2008م، وإنه أفضل من جسد شخصية الجوكر على الإطلاق متفوقاً على العملاق جاك نيكلسون الذي قدم الشخصية عام 1989م.
تفسير مشهد نولان :
من المعروف إن مشاهد كريستوفر نولان تتضمن العديد من الرسائل والإشارات والرمزيات، لكن هذه الرسائل بالتأكيد تكون مرتبطة بموضوع الفيلم وسياقه الدرامي، لكن بعد وفاة هيث ليدجر تغير الأمر، فقد قام نولان برثاء ليدجر وتخليد ذكراه بشكل غير مباشر مستعيناً في ذلك بأدواته السينمائية الإبداعية.
فخلال أحداث الجزء الثالث من ثلاثية فارس الظلام الذي صدر في عام 2012م بعنوان The dark knight rises ، وبنهاية أحداثه صور نولان مشهد الجنازة من زاوية مرتفعة، لنرى إن العناصر المكونة للكادر من التمثال ومشيعي الجنازة وغيرها تشكل معاً وجه مبتسم يشبه بدرجة كبيرة وجه الجوكر، مما دفع البعض للقول بأن ذلك المشهد كان بمثابة تكريم فريد من نوعه لهيث ليدجر، ورغم صدور الفيلم قبل أربعة أعوام لا يزال هناك جدل كبير حول تفسير ذلك المشهد، خاصة وإن نولان -كالعادة- لم يؤيد أو ينفي أي من تلك التأويلات.