نصري شمس الدين هو أحد أعمدة الفن اللبناني بصفة خاصة والفن العربي على وجه العموم. ولد الفنان الكبير في يونيو 1927م وتوفي على خشبة المسرح في مارس 1983م، وترك إرثاً فنياً يتجاوز الخمسمائة أغنية التي تنوعت بين الدبكة والموال والأغنيات العاطفية والوطنية بجانب الثنائيات والتي كان أغلبها مع السيدة فيروز، ولكن أهمية نصري كفنان لا تقاس بكم ما قدمه بل تقدر بما أحدثه من تأثير وما تركه من أثر.
أثر نصري شمس الدين الفني :
اعتبار نصري شمس الدين أحد أهم الشخصيات الفنية اللبنانية والعربية لم يأت من فراغ، بل هو نتاج طبيعي لما حققه من إنجازات وما تركه من آثار وما قام به من تجديد في الأغنية اللبنانية.
الأسلوب الأدائي :
كان الفنان نصري شمس الدين حضوراً طاغياً على المسرح وكذلك كان له أسلوبه المميز والذي يعتبره بعض النقاد الفنيين أسلوباً خاصاً أو مدرسة أدائية مستقلة، إذ إنه كان يغني ببساطة شديدة وبإحساس عميق، حتى إن بعض النقاد حاولوا تلخيص رأيهم في أسلوب الغناء الخاص بـ نصري شمس الدين فقالوا عنه يغني وكأنه لا يغني، في إشارة منهم إلى أن أسلوبه كان يأتي دائماً عفوياً خالياً من كافة أشكال التصنُع أو التكلف، وهو ما منحه المزيد من المصداقية لدى الجماهير فإحساسه بكل لفظ ينطقه كان ينتقل إليهم، فلم يكن غريباً أن يربعوه على عرش الأغنية اللبنانية.
الأغنية الجبلية :
أيضاً من أسباب تخليد ذكرى نصري شمس الدين واعتباره أحد رواد الفن الغنائي في لبنان خاصة وفي الدول العربية على وجه العموم، هو إنه لم يكن مؤدياً أو مغنياً تقليدياً، بل إنه ساهم في تطوير الغناء من حيث اللون الموسيقي وسرعة الإيقاع وزمن الأغنية وأسلوب الإلقاء وغير ذلك، وقد كان من القلة التي تمكنت من إبداع لون موسيقى مستقل تتميز به لبنان عن غيرها من ألوان الموسيقى الشرقية، وهو ما عُرف فيما بعد باسم الأغنية الجبلية التي توارثتها الأجيال التالي من الموسيقيين اللبنانيين، وتعد أعمال نصري شمس الدين وكذلك الفنان اللبناني الكبير وديع الصافي بمثابة حجر الأساس أو الشرارة الأولى لانطلاق الأغنية الجبلية.
رائد المسرح الغنائي :
رغم إن نصري شمس الدين ينتمي إلى الفن الموسيقي في الأساس والغنائي على وجه الخصوص، إلا إنه قام بالتمثيل في العديد من الأعمال وأهمها كان على خشبة المسرح، ورغم إن ذلك لا يرجع فيه الفضل بشكل مباشرة إلى نصري شمس الدين إذ أن المسرح اللبناني يعد من أعرق المسارح العربية، لكن في ذات الوقت لا ينكر أحد إن نصري قد أثرى الفن المسرحي، ويعتبر هو والأخوين رحباني والسيدة فيروز من أعمدة المسرح الغنائي، ورغم إنه قد عُرف في لبنان قبل زمنهم فترة طويلة جداً إلا إنهم من أعادوا أمجاده وعملوا على تطويره والارتقاء به.
نصري والسينما :
رغم إن لبنان هي منافس مصر الأول في المجال الفني بالمنطقة العربية إلا إن صناعة السينما بها ليست بنفس القوة أو ذات الانتشار، والأفلام المصرية هي الأوسع انتشاراً في المنطقة العربية وهي التي تحظى بنسبة المشاهدة الأعلى، ولكن هناك تجارب لبنانية تجاوزت ذلك الحد هي التجارب ذاتها التي ساهمت في الارتقاء بمستوى السينما في لبنان، ومن أبرز تلك الأعمال المنتمية إلى السينما الاستعراضية الغنائية التي جمعت بين نصري شمس الدين والسيدة فيروز وعددهم ثلاثة أفلام هم: بياع الخواتم وبنت الحارس وسفر برللك، وحققت تلك الأفلام شهرة واسعة على مستوى الوطن العربي واتاحت للفنانيين اللبنانيين فرصة الانتشار في الوطن العربي بالكامل، ولكنهم للآسف لم يحسنوا استغلال تلك الفرصة ولم يحقق أي فيلم لبناني آخر نفس الشهرة التي حققتها أعمال نصري وفيروز.