موقع مصر الجغرافي هو الثروة القومية الحقيقية التي أنعم الله بها على تلك الدولة، فبفضله كانت مصر أولى بقاع الأرض التي عرفت الحضارة ومفهوم الاستقرار، وفي العصر الحديث بفضل موقع مصر الجغرافي صارت من الدول صاحبة الريادة والحاسمة في العديد من القضايا السياسية، هذا بخلاف العديد من المميزات الأخرى التي حظيت بها على مدار تاريخها الذي يمتد في عمق الزمان لأكثر من سبعة آلاف سنة، والتي كان موقعها الجغرافي و الحدود السياسية لأراضيها من العوامل الرئيسية التي أدت إليها.
أهمية موقع مصر الجغرافي :
القول بأن موقع مصر الجغرافي هو أحد ثوراتها الطبيعية ليس به شىء من المبالغة، ودليل ذلك إن هذا الموقع قد ساهم في:
1- نشوء أعظم الحضارات :
موقع مصر الجغرافي المميز كان سبباً في جعلها مهد الحضارة الإنسانية، كما كان سبباً في إقامة واحدة من أعظم حضارات العالم القديم وهي الحضارة الفرعونية أو الحضارة المصرية القديمة، ذلك لإن هذا الموقع المتوسط للعالم مكنها من التواصل مع مختلف الشعوب كما إن مرور نهر النيل ضمن أرضها كان سبباُ في استقرار شعبها وازدهارها اقتصادياً. تكرر الأمر في وقت لاحق وتحديداً بعد غزو الإسكندر الأكبر لأرض مصر وإقامته مدينة الإسكندرية، والتي تحولت إلى أكبر وأبرز مركز حضاري حيث كانت تتلاقى كافة الحضارات على أرضها ويفد إليها طلبة العلم من كافة بلاد العالم.
2- حلقة وصل القارات :
أيضاً موقع مصر الجغرافي الحيوي بالغ التميز جعل منها حلقة الوصل الرابطة بين مختلف قارات العالم، ذلك لإنها تطل على بحرين مهمين هما البحر الأحمر من جهة الشرق والبحر الأبيض المتوسط الذي يحدها من الشمال، مما جعلها نقطة الوصل بين قارتي أوروبا وآسيا، كما إنها تعتبر البوابة الشمالية إلى القارة السمراء قارة إفريقيا التي تنتمي إليها، وقد لعبت مصر هذا الدور لآلاف السنين ولا تزال تلعبه حتى اليوم بفضل موقعها المتميز، وازدادت أهميتها بعد حفر قناة السويس عام 1879م التي ربطت بين البحرين وسهلت عملية الملاحة.
3- مصر .. قلب الوطن العربي :
قد تكون الدولة المصرية من الناحية الاقتصادية الأضف بين مختلف الدول العربية لكنها ليست كذلك سياسياً، فهي دائماً كانت صاحبة الريادة والقرارات الحاسمة في مختلف القضايا، وهي حاضنة الدول العربية ونقطة تلاقي أبنائها، كما إنها تمثل حلقة الوصل بين الدول العربية والعالم الغربي، هذا تحقق نتيجة العديد من العوامل كان من بينها وأبرزها موقع مصر الجغرافي المتوسط لدول العالم القديم وكذلك الدول الحديثة؛ إذ أن موقع مصر المتوسط للقارات جعلها دائماً وأبداً بؤرة الأحداث الأمر الذي مكنها من لعب الدور المحوري –والحاسم أحياناً- في العديد من القضايا السياسية في هذه المنطقة من العالم.
4- المناخ المميز :
موقع مصر الجغرافي المتميز جعلها تتمتع بطقس أقرب ما يكون للمثالية معتدل في أغلب أشهر العام، وذلك كان له دور بارز في بناء الحضارة على أرضها، كما كان له أثر اقتصادي بالغ وواضح، فبفضل هذا الطقس المعتدل وتوفر مصادر الماء الدائمة ساهم في تنمية مجال الزراعة التي ساعدت على استقرار الإنسان الأول بمنطقة وادي النيل، وفي العصر الحديث تحولت مصر بفضل هذا المناخ الأقرب للمثالية إلى واحدة من أهم وجهات السياحة الترفيهية حول العالم، وتعد السياحة حالياً إحدى أهم مصادر الدخل القومي للبلاد، حيث إن السياحة بها لا ترتبط بمواسم محددة ويمكن الاستمتاع بشواطئها -خاصة الشرقية- في فصل الشتاء وكذا فصل الصيف
