في بعض البلاد الأفريقية نجد مقاييس الجمال بها اختلاف كبير عن اليابان وعن الهند وعن العرب. فمثلًا حتى الآن في بعض القبائل الإفريقية في إفريقيا الوسطى يضعون حلق في الشفة السفلى للمرأة. وهذا الحلق يجعل الشفة السفلى تتهدل وتتمدد. وكلما تمددت أكثر كلما كانت أجمل وأحلى. أما في اليابان وفي فترة الساموراي. كان ضمن مقاييس الجمال لدى المرأة أن تكون قدمها صغيرة جدًا. ولذلك كانوا يجعلون الفتيات يرتدون حذاء ضيق جدًا جدًا. في عمر صغير يجعل قدم الفتاة تتوقف عن النمو تقريبًا. لدرجة أن جسد الفتاة يكبر وقدمها تظل صغيرة جدًا. وهذا الأمر كان مؤلم للفتيات على المدى الطويل. أما عند العرب فلديهم وجهة نظر في المرأة الممتلئة أنها هي الأحلى والأجمل. بعكس الفرنسيين لديهم مقاييس الجمال بالنسبة للمرأة هي المرأة النحيفة والطويلة. هناك اختلاف كبير بين الشعوب وكيفية رؤيتهم لمقاييس الجمال فما هي الأسباب وراء هذا الاختلاف؟
الشكل العام للشعب يحدد مقاييس الجمال
وهذه النقطة تظهر جدًا في شعوب شرق آسيا. فهم من قديم الزمن لهم شكل مميز عن بقية الشعوب التي تختلف أيضًا. وهذا الشعب يتميز بالبشرة البيضاء والشعر الأملس الكثيف، والجسد المتوسط. والعيون الضيقة والرموش القليلة جدًا. وعندما بدأت الدراسات على مقاييس الجمال أخذ منهم عينات كثيرة وتم سؤالهم عن مقاييس الجمال عن طريق الصور. وكانت النتيجة هي أنهم كانوا يختارون الأشكال المقاربة لهم. وكان هذا دليل واضح حينها على أن مقاييس الجمال نسبية. حيث أن الشكل العام لشعوب شرق آسيا ليس مثل بقية الشعوب. وحدث هذا مع سكان أفريقيا الجنوبية والوسطى وأيضًا فضلوا من يشابهونهم. وكأنهم يرون في سمار البشرة والأنف الفطيسة نوعًا معينًا من الجمال لا يراه الآخرون. ومن هذه الدراسات أقر الباحثون أن الشكل العام للشعب يجعله يتعاطف مع من يشابهه ويرى فيه أشياء وملحوظات لا يراها الآخرون.
المستوى الاجتماعي والمادي
قديمًا كان هناك عادات غريبة جدًا في البلاد. حيث أنه في الصين مثلًا كانت تربية الأظافر إحدى علامات الجمال عند الشعب الصيني. والمرأة التي كانت أظافرها تتخطى ال10 سنتيمترات كانت تنم عن جمال أكثر. وهذا بسبب أنها كانت كناية عن وجود خدم يخدمون هذه المرأة وأنها لا تفعل أي شيء بيديها. ونرى هذه العادة في الأفلام الصينية القديمة عندما تلاحظ أظافر النساء طويلة. أيضًا في أوروبا قديمًا كانت هناك أحذية تتخطى الربع متر. هذه الأحذية كانت مخصصة للنساء ذوات الأصول والمال الوفير، وكلما ارتدت المرأة حذاء أعلى فكان هذا مقياس جمالي أعلى. مع العلم أن النساء كانت تمشي بمساعدة الخادمات في هذا الحذاء لطوله الغريب. أيضًا في موريتانيا هناك السمنة تعد من مقاييس الجمال المشهورة حيث أنهم يبدئون في إعطاء الفتيات أكل كثير عندما يبلغن حتى يزيد جسمهن لدرجة السمنة. والتي لا تستجيب للأكل وجسدها يظل كما هو يلجئون حينها إلى أدوية تفتح شهيتها. وهذا يدل هناك أن البنت غنية وجميلة وذات أصل كبير. لأن الفتيات النحيفات هن الفقيرات القبيحات.
أيضًا كانت سيقان الرجال السمينة دليل على جمال الرجل في العصور الوسطى لإنجلترا وفرنسا. حيث أن الرجال حينها كانوا يضعون الجوارب ويحاولون أن يصنعوا حجمًا إضافيًا للساق حتى يكون هذا نوع من أنواع الجمال.
الطبيعة الجغرافية
مقاييس الجمال تختلف باختلاف الطبيعة الجغرافية للبلاد. فمثلًا جغرافيًا بلد معينة تفرض على الناس لونهم. مثل القوقازيين والزنوج والآسيويين والإسكندنافيين. في كل هذه الحالات الأشكال تكون مختلفة بحسب اختلاف طبيعة جغرافيا المكان. فمثلًا. الاسكندنافيين بيض البشرة وشعرهم يميل للأصفر والأحمر. وهذا ناتج من قلة وجود الشمس في هذه الأماكن. مما يجعل أجسامهم تفرز القليل من صبغة الميلانين المسئولة عن الحماية من الأشعة الضارة للشمس. فيكون مقياس الجمال لمن مثلهم. ولن تجدهم يفضلون الزنوج مثلًا. بل هناك حرب عرقية قديمة بين السود والبيض ناتجة لازدراء البيض للسود بسبب أنهم يعتبرونهم قبيحين وشبيهين للحيوانات. في حين أنهم يرون أنفسهم كبيض مثال لجمال البشرية. في المقابل الزنوج لا يفضلون البيض كمقياس للجمال. بل عاطفتهم تجاه لونهم وشكلهم يجعلهم يرون الجمال في أنفسهم ولذلك يحبون أنفسهم. والسبب في كل هذه المقاييس هنا. هو جغرافيا البلاد التي حددت لون البشرة ومنه تحددت مقاييس الجمال.
العادات والتقاليد
مقاييس الجمال في العديد من البلاد تتحدد وفقًا للعادات والتقاليد لهذه البلاد. حيث أن في المجتمع العربي مثلًا. جمال النساء مقترن بحشمة المرأة. حيث أن الرجل يرى في كلما كانت المرأة ترتدي ملابس تبرز الأنوثة الراقية بشكل محترم، كلما كان هذا جمال. أما في الغرب فالأمر مختلف. حيث أنهم يعتبرون أن مقاييس جمال المرأة قائمة على إظهار مفاتن جسدها. والأمر طبيعي وعادي جدًا في البلاد هناك.
أما في قبائل الأمازون في أمريكا اللاتينية. فالنساء هناك لا ترتدي ملابس من الأساس. وذلك لحرارة الجو. وهذا الأمر أيضًا يعد من مقاييس الجمال حيث أنهم لا يمتلكون سبب معين لتغطية الجسد. في كل بلد من هذه البلاد مقاييس الجمال تحكمها العادات والتقاليد التي توارثوها من أجدادهم. فمثلًا قبائل أمريكا اللاتينية ونحن في هذا العصر الحديث، تجد حياتهم في قمة البدائية. وهذا يعطيهم سبب أكبر لكونهم لا يرون في العري عيب.
الموضة
مقاييس الجمال تعتمد جدًا على الموضة المنتشرة في المكان والزمان. فمثلًا في السبعينات كانت هناك موضة منتشرة جدًا بالنسبة للسيدات. وهي أنهن يقصرن شعرهن. ويرتدين السراويل الواسعة جدًا من أسفل تدعى “الشارلستون” مع بلوزات ضيقة. أيضًا الشباب كانوا يرتدون نفس الملابس ولكن المختلف كان القمصان بدل البلوزات. لو عرضت صور السيدات في السبعينات للشباب الحاليين وقلت لهم ما الجمال في هذا. ستجدهم يضحكون. لأنها كانت موضة غريبة بالفعل. ولكنها كانت جميلة في هذا الوقت. وكان جميع الناس في كل البلاد يسعون لها. بعد ذلك ظهر الجينز. وهي خامة كانت تعد طفرة في عالم الملابس في الثمانينات. وانتشرت كالهشيم في النار. حينها أيضًا كانت أشكال الجينز غريبة. ولكن في وقتها كانت جميلة. وحتى لو نظرت الآن في كل بلد تظهر موضة جديدة. هذه الموضة هي التي تحدد مقاييس الجمال في البلد وفي الزمان.
طبيعة العمل
لكل عمل مقاييس جمال معينة. فمثلًا لا يليق بمدير شركة أن يرتدي “بالطو طبي”، وذلك ببساطة لأن البالطو الطبي يخص العاملين في المجال الصحي. ولذلك مقاييس الجمال تعتمد على طبيعة عملك. فالناس تنجذب للطبيب بسبب ملابسه. وتنجذب لمن يرتدي بذلة لأنهم يرون أنه شخص له شأن. مما يجعل رؤية البشر للجمال يعتمد أحيانًا على عمل الأشخاص. فلن يرى الناس العاديين الجمال في شخص يعمل في الصرف الصحي. وذلك لأن رائحته تكون كريهة. في حين أن الناس سيجدون الممثل شخص جذاب لأنه يظهر على شاشات التلفاز بأفضل صورة.
أخيرًا مقاييس الجمال نسبية. ولكن لا تجعل فكرة الجمال نفسها تحدد طريقة تعاملك مع البشر. لأن الجمال الداخلي أهم وأبقى بكثير من الجمال الخارجي.