رفع معدلات الإنتاج هو الهدف الذي يسعى إليه جميع البشر على اختلاف مجالات عملهم، حيث أن ذلك يعد السبيل الوحيد لتحقيق طموحاتهم المهنية والشخصية على السواء، إلا أن الغالبية العظمى تفشيل في تحقيق ذلك، بل قد يحدث ما هو أسوأ وبدلاً من رفعهم لـ معدلات الإنتاج يلاحظون إنها تنحدر وتتراجع مع مرور الوقت.. فما السر في ذلك؟ ولماذا يفشل البعض في الارتقاء بمستويات إنتاجيته أو على الأقل الحفاظ عليها؟
لماذا نفشل في الحفاظ على معدلات الإنتاج ؟
لاحظ العلماء أن معدلات الإنتاج الخاصة بكل فرد ترتبط بشكل أو بآخر بعاداتهم اليومية أو بالطريقة التي يؤدون بها أعمالهم، والتي بعض تلك العادات أو الأساليب التي يتبعونها لها تأثير سلبي على قدراتهم على إنجاز المهام المكلفون بها، ومن أمثلة ذلك الآتي:
تعدد المهام :
من النصائح التي يقدمها خبراء التنمية البشرية والشخصيات المُلهمة الناجحة من أجل رفع الشخص معدلات الإنتاج الخاصة به أيا كان مجال عمله، هي ألا ينظر لنفسه باعتباره بطل خارق!، فهؤلاء الشخصيات ليس لهم وجود إلا على شاشات السينما وصفحات القصص المصورة، أما نحن كبشر فعقولنا وأجسامنا لها قدرات محدودة ولكنها كافية لإنجاز أعمالنا وتحقيق معدلات الإنتاج المطلوب مننا في الزمن المحدد لها.
إلا أن الفشل في تحقيق ذلك يرجع عادة إلى تعدد المهام التي يتولى الشخص القيام بها في نفس الوقت، وقد أكدت الدراسات أن ذلك يهدر الوقت كما إنه يشتت التركيز ويصيب الشخص بحالة من إجهاد العمل، وكل ذلك بالتأكيد يؤثر بشكل سلبي على معدلات الإنتاج النهائية الخاصة به، بل قد يتفاقم الأمر إلى تنامي المشاعر السلبية وإصابته بالإحباط وبالتالي النفور من العمل بشكل عام، لهذا ينصح الخبراء بضرورة الاكتفاء بمهمة واحدة بحيث يكون كامل التركيز منصب على إنجازها خلال فترة زمنية معينة، هذا سيجعل الأمور تمضي بصورة أسهل كما سيساهم في رفع كفاءة الفرد وتمكينه من إتمام مهمته على الوجه الأكمل.
التشتيت البصري :
العمل أمام شاشات التلفاز أو على جهاز حاسوب متصل بشبكة الإنترنت من الأمور التي تؤدي إلى خفض معدلات الإنتاج بدرجة كبيرة وفقاً لما جاءت به نتائج العديد من الدراسات المقارنة المتناولة للأمر، حيث وجد الباحثون أن عوامل التشتيت البصري كانت من الأسباب الرئيسية الواقفة وراء الفشل في تحقيق الأهداف.
إنجاز العمل -أيا كان نوعه- خلال الوقت المحدد وبالمستوى المطلوب يستلزم الابتعاد قدر الإمكان عن المشتتات البصرية المحيطة، حيث أن تلك الأمور تشتت التركيز وتعمل على قطع تدفق الأفكار إلى العقل وتحول بين العامل وبين ما يحاول إنجازه. تجنب الجلوس في مواجهة التلفاز أو العمل بينما حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بك مفتوحة على الكمبيوتر، فكل جرس تنبيه بإشعار جديد أو لقطة على الشاشة ستشتت تركيزك وتجعلك تتململ، بينما العمل في بيئة خالية من المثيرات سيساعدك على إنجاز مهامك بصورة أكبر ويفقدك الإحساس بمرور الوقت مما يمكنك من العمل لساعات أطول دون ملل أو الشعور بطول الوقت.
المناخ الغير صالح للعمل :
هل تساءلت يوماً لماذا الأشخاص الناجحون حول العالم يفضلون العمل منفردين؟.. السر في ذلك هو أن الاختلاء بأنفسهم يساعدهم على إنجاز مهامهم وتحقيق معدلات الإنتاج الساعون إليها، فالتواجد في مكتب ملىء بالموظفين والحركة يؤدي إلى تشتت الذهن وانعدام التركيز وبالتالي تراكم الأعمال؛ فمهما كانت درجة التزامك المهني لن يمكنك منع نفسك عن الالتفات إلى الزملاء أو مشاركتهم الأحاديث الجانبية.
لهذا إن كان بإمكانك الحصول على مكتبك الخاص لا تهدر الفرصة، فإن ذلك سيوفر لك مناخ هادئ صالح للعمل سيوفر لك الكثير من الوقت والجهد ويمكنك من مضاعفة معدلات الإنتاج الخاصة بك.
عدم الإنصات للتوجيهات :
هناك نوعين من الموظفين النوع الأول يستمع إلى توجيهات وإرشادات المدير ويسعى إلى تنفيذها وتطوير مهاراته في ضوءها، بينما النوع الثاني يومىء برأسه فقط وهو في الأساس لم يستمع لكلمة مما قيلت. الحقيقة التي يجب ألا نغفلها هي أن المدير أو الزميل الأقدم قد أمضى وقت أطول في ممارسة هذه المهنة، ومن ثم فهو بالتأكيد أكثر خبرة ودراية بالأمور منك.
لذلك من الضروري الاستماع إلى توجيهاته وأخذها بعين الاعتبار، حيث أن ذلك سيوفر لك الوقت ويمكنك من رفع معدلات الإنتاج الخاصة بك، كما إنه سيوفر لك الكثير من الوقت حيث إنك في تلك الحالة ستستطيع إنجاز مهمتك على الوجه الأمثل من أول محاولة دون الحاجة إلى إعادة تنفيذها أو تعديلها في ضوء الملاحظات التي يبديها المراجع.
إجهاد النفس :
يعتقد البعض أن عملهم لساعات طويلة أو لعدة أيام متتالية سيجعلهم يحظون برضا الرؤساء وسيمكنهم من جني المزيد من النقود، بينما الحقيقة المثبتة علمياً أن الأشخاص الناجحون هم اللذين يعرفون قيمة الراحة بقدر معرفتهم بقيمة العمل، فإجهاد النفس لن تجني منه إلا الإرهاق البدني والذهني ومن ثم تنخفض قدرتك على التركيز وبالتبعية تنخفض معدلات الإنتاج الخاصة بك.
لهذا ينصح الخبراء في مجالات التنمية البشرية بضرورة الحصول على قسط مناسب من الراحة، استغل عطلتك الأسبوعية في الاسترخاء وقضاء أوقات ممتعة برفقة العائلة أو الأصدقاء، فإن ذلك يعيد شحن طاقاتك البدنية والعقلية، مما يبقيك دائماً متحمساً قادراً على مواصلة العمل بذات المعدل ونفس الجودة وهو الأمر الذي يقود مباشرة إلى رفع معدلات الإنتاج وتحقيق الأهداف المهنية.