مسلسل ويست وورلد أو Westworld أو العالم الغربي هو مسلسل تلفزيوني أمريكي ينتمي إى نوعية الخيال العلمي والإثارة، أُعلن عن بدء تصوير الحلقة الأولى من العمل في سبتمبر 2014م، وتم عرض الحلقة الأولى منه عبر قنوات HBO في الثاني من أكتوبر عام 2016م، ورغم اتساع الفترة ما بين توقيت الإعلان عن العمل والكشف عن بعض تفاصيله وبين توقيت عرضه على الشاشة، إلا أن الجمهور بقي في حالة ترقب وتشوق لمشاهدة أحداث ذك المسلسل الذي لم يُخيب آمالهم، فقد حقق الموسم الأول من مسلسل ويست وورلد نسبة مشاهدة عالية أثناء عرضه وحقق نسبة أخرى مماثلة بعد ذلك عبر مشاهدات الإنترنت، كما توقع النقاد والجماهير على السواء أن يكون منافساً قوياً على لقب المسلسل الأفضل لعام 2016م.. ترى لماذا؟ وما العوامل التي ميّزت هذا العمل وجعلته على هذه الدرجة من الأهمية؟
عوامل تميز مسلسل ويست وورلد Westworld :
قُدِر عدد مشاهدي الحلقة الأولى من مسلسل ويست وورلد بنحو 1.96 مليون مشاهداً وعند عرض الحلقة التاسعة ارتفع الرقم إلى 2.09 مليوناً، وهذا يدل أن بداية المسلسل كانت بالغة القوة كما أنه استطاع جذب المزيد من المتابعين أثناء عرضه، وقد أرجع النقاد والمحللون ذلك إلى مجموعة عوامل ميزت هذا العمل ومن أهمها ما يلي:
القصة الغريبة :
عند الحديث عن مسلسل ويست وورلد لا يمكن البدء باسماء الأبطال، إذ أن البطل الحقيقي لهذا العمل الدرامي هو قصته التي تتسم بقدر كبير من الغرابة والخروج على المألوف، فرغم أن العمل ينتمي في الأساس إلى نوعية الخيال العلمي التي تم تقديمها عشرات المرات من خلال السينما والتلفزيون، إلا أن صناع العمل منذ اللحظة الأولى قرروا الابتعاد عن الحبكات الدرامية التي عُقدت حولها الأعمال المماثلة في السابق مثل مهاجمة كوكب الأرض أو نظرية نهاية العالم أو غزو الفضاء الخارجي وغير ذلك.
مسلسل ويست وورلد ببساطة يدور في المستقبل داخل منتزه ترفيهي يحمل اسم المسلسل، ذلك المنتزه يتواجد بداخله مجموعة من الآليون المتطورون أو الإنسالة يتشابهون مع البشر بدرجة كبيرة، ويُسمح لزوار الحديقة بممارسة أية أفعال قد تكون عدائية أو مريضة ضد الآليون أو المضيفون دون الخوف من انتقامهم، ويسلط المسلسل الضوء على تصرفات الجنس البشري في ظل غياب الرقابة والتي تتسم بقدر كبير بالهمجية والغوغائية.
الاختلاف عن السائد على الشاشات :
ثاني العوامل التي ساهمت في تحقيق مسلسل ويست وورلد لتلك النسبة المرتفعة من المشاهدات هو أن توقيت عرضه لم يتزامن مع طرح أي مسلسل خيال علمي بنفس القوة، فالمسلسلات التي حظيت بنسب مشاهدة مرتفعة بالعام الماضي تنتمي لنوعيات مختلفة، مثل مسلسل السهم Arrow ومسلسل البرق The Flash المقتبسان من القصص المصورة، ومسلسل الموتى السائرون The walking dead الذي ينتمي لنوعية الرعب، بينما بقيت الساحة خالية من أي مسلسل خيال علمي قوي إلى أن جاء مسلسل ويست وورلد وسد هذه الفجوة فجذب أكبر عدد من محبي الخيال العلمي حول العالم.
الفيلم الأصلي :
أحداث مسلسل ويست وورلد مقتبسة من فيلم سينمائي بنفس العنوان صدر في عام 1972م من تأليف وإخراج الأمريكي مايكل كريتون، ورغم أن المسلسل لم يأخذ من الفيلم سوى الفكرة العامة التي تم تأسيسه عليها، لكن لا أحد ينكر أن الشعبية التي يحظى بها الفيلم كانت سبباً مباشرة في زيادة درجة ترقب الجمهور للمسلسل، خاصة أن المدة الزمنية للفيلم لم تكن كافية لتناول موضوعه من مختلف الجوانب.
اسماء صناع العمل وتاريخهم الفني :
البعض يتخوف من فكرة تحول عمل سينمائي ناجح إلى مسلسل تلفزيوني، خشية من تعرض هذا العمل إلى التشوه أو تقديمه بجودة تقل عن جودة العمل الأصلي، لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لـ مسلسل ويست وورلد حيث أن اسماء صُناع العمل كانت كفيلة بأن تُطمئن الجماهير وتزيد من درجة حماسهم وترقبهم لهذا العمل.
مسلسل ويست وورلد عمل على تطويره مجموعة من الاسماء الرائدة في صناعة الأعمال السينمائية والدرامية المنتمية لنوعية الخيال العلمي، على رأسهم جوناثان نولان صاحب فكرة المسلسل والمسئول عن تطوير الفكرة، وهو شقيق المخرج كريستوفر نولان والذي شاركه في كتابة السيناريو الخاص بأغلب أفلامه السينمائية، وأبرزها ثلاثية فارس الظلام The dark knight وفيلم بين النجوم Interstellar وجميعها حقق نجاح ساحق وأحدها يصنف ضمن أفضل 100 فيلم بحسب تقييم موقع IMDP، أما المنتج التنفيذي للمسلسل فهو الكاتب جاى جاي أبرامز والذي يعد أبرز كتاب الدراما التلفزيونية المعاصرين، وقد قدم عدد غير قليل من مسلسلات الخيال العلمي الناجحة أبرزها مسلسل لوست Lost الذي يمثل علامة فارقة في تاريخ الدراما العامية.
التخلص من عقدة لوست Lost :
وضع اسم جاي جاي أبرامز ضمن اسماء فريق عمل مسلسل ويست وورلد كان سلاحاً ذو حدين، فرغم أنه من الكتاب أصحاب الشعبية العالية إلا أن بعض المشاهدين يرون أن نهاية مسلسل لوست كانت مخيبة للآمال، وخشوا أن يسير مسلسل ويست وورلد على خطى لوست من حيث كثرة الألغاز وقلة الإجابات.
لكن الموسم الأول من المسلسل كان مبشراً بالعكس، فرغم أن أحداثه قدمت جرعة عالية من الإثارة والتشويق، إلا أن أسلوب تنفيذها كان مغايراً تماماً لما تم تقديمه في لوست، فقد تضمنت الأحداث إجابات تتسق مع المنطق لعدد من الألغاز والتساؤلات التي تم طرحها من خلال الحلقات الأولى، وبعض الخطوط الدرامية الأخرى بقيت مفتوحة وممتدة للأجزاء التالية، على العكس مما جرى في لوست حيث تعمد المؤلف ترك كل الخطوط الدرامية مفتوحة حتى الموسم الأخير، حتى أن المسلسل انتهى دون أن يتلقى المشاهد إجابة واضحة على بعضها.
النظريات العلمية :
أحداث ويست وورلد بالكامل من وحي الخيال إلا أن كل جزء منها جاء مستنداً إلى نظرية أو فرضية علمية، وذلك جعل الأحداث أكثر معقولية وجعل المشاهد يتقبلها بسهولة، وهو ما أعاد الأذهان إلى مسلسل الهامشية Fringe والذي تناولت حلقاته مجموعة من الفرضيات العلمية الغير قابلة للتطبيق حتى اليوم أو التي لا يوجد برهان علمي يثبت صحتها والتي تعرف بمسمى مجموعة العلوم الهامشية أو نظريات ما وراء الطبيعة.
الإتقان بمختلف العناصر :
أي عمل إبداعي في السينما أو التلفزيون يتكون من مجموعة من العناصر المتكاملة والمترابطة، وكلما زاد عدد العناصر الجيدة ازدادت جودة العمل الفني، ومن أهم العوامل التي ميزت مسلسل ويست وورلد هو أن مختلف عناصره كانت على نفس الدرجة من الجودة، بداية من اختيار الممثلين وعلى رأسهم المخضرم أنتوني هوبكنز الذي جسد شخصية المدير الإبداعي في منتزه ويست وورلد الدكتور روبرت فورد، مروراً بتقنيات الخدع البصرية والتصوير، وصولاً إلى الموسيقى التصويرية التي نجحت في التعبير عن الأحداث وهي من إبداع رامين جوادي الذي أعد الموسيقى التصويرية الشهيرة الخاصة بمسلسل بريزون بريك Prison Break وكذلك موسيقى لعبة العروش.
تعدد الخطوط الدرامية :
عادة ما تقتصر الأعمال القائمة على أفكار الخيال العلمي على خط درامي واحد يمثل الصراع بين قوى الخير والشر، لكن مسلسل ويست وورلد نجح في تجنب السقوط في فخاخ التكرار، حيث تم تأسيس البناء الدرامي للعمل على خطين دراميين متوازيين، أولهما العلاقات التي تربط بين الآليون داخل المنتزه، وثانيهما الصراع الدائر بين الأفراد أصحاب السلطة أو المتحكمون في مجريات الأمور داخل حديقة ويست وورلد، ومن خلال هذين الخطين تفرعت مجموعة خيوط درامية أكثر عدداً وأقل أهمية، وذلك كله ضاعف من جرعة التشويق وجعل المشاهد في حالة دائمة من الترقب والتلهف لمعرفة باقي الأحداث.